هل يجرؤ أردوغان على مهاجمة شرق الفرات؟

حميدي العبدالله

بعد تهديد الرئيس الأميركي تركيا بالخراب الاقتصادي إذا هاجمت الأكراد شرق الفرات، هل يجرؤ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إعطاء الأوامر للقوات التركية للهجوم على منطقة شرق الفرات؟

واضح أنّ الرئيس الأميركي الذي يستخدم العصا والجزرة مع الرئيس التركي، إذ في الوقت الذي هدّده بإلحاق كارثة اقتصادية بتركيا، عاد وغرّد بأنّ الولايات المتحدة مستعدة لدعم تركيا اقتصادياً، لا يمكنه التراجع عن اتخاذ خطوات محدّدة ضدّ تركيا إذا أصرّ الرئيس التركي على شنّ هجوم على شرق الفرات، وتحديداً ضدّ المناطق التي تشكل معاقل وحدات الحماية الكردية، وإذا لم يقم الرئيس الأميركي بأيّ عمل ضدّ تركيا فإنّ ذلك سوف يضعف موقع ترامب الذي يتعرّض لهجوم عنيف من خصومه داخل الولايات المتحدة على خلفية قرار الانسحاب من سورية وعلى خلفية قضايا أخرى منها الصراع على السلطة داخل الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنّ الرئيس الأميركي قد أحكم قبضته في ضوء الاستقالات، ولا سيما استقالة وزير الدفاع على السلطة، إلا أنه لا زال في وضع صعب ويواجه مشاكل وتحديات مع خصومه الذين ينتظرون أيّ خلل في أدائه للانقضاض عليه، والأرجح أنه سيكون من الصعب التراجع عن تهديداته ضدّ تركيا لأنه سوف يحمّل مسؤولية أيّ عمل عسكري يقوم به الجيش التركي شرق الفرات، مع ما سيرافق هذا العمل من مجازر، لا سيما أنّ حكومات غربية، وفي مقدّمتها فرنسا أعلنت معارضها لقرار الانسحاب الأميركي من سورية.

في ظلّ هذا الواقع وما يختزنه من تحديات إزاء ترامب، فإنّ الاحتمال المرجح أن يتمسك الرئيس الأميركي بموقفه، ومن غير المستعبد أن ينفذ تهديده باتخاذ عقوبات اقتصادية، وربما سياسية ضدّ تركيا، إذا هاجمت منطقة شرق الفرات.

إزاء ذلك يرجح أن تكون خيارات الرئيس التركي محصورة في إطار واحد من ثلاثة خيارات… الأول، تنفيذ تهديده لكي لا يظهر بمظهر الخانع والمذعن للتهديد الأميركي، وهذا الخنوع من شأنه أن يخلق له أزمة داخلية ويفاقم أزمات تركية كثيرة.

الخيار الثاني، أن يسعى إلى التفاوض مع الولايات المتحدة لإقناعها بتغيير موقفها من العملية العسكرية ضدّ شرق الفرات أو التوصل معها لحلّ شكلي على غرار اتفاقات منبج تحفظ ماء وجهه وتخرجه من المأزق الذي صنعته تهديداته.

الخيار الثالث، التراجع عن الخيار العسكري بانتظار انسحاب القوات الأميركية من سورية بشكل كامل وبالتالي إيكال مهمة السيطرة على المنطقة للدولة السورية التي ينزع وجودها مبرّرات وذرائع الرئيس التركي لمهاجمتها.

حتى الآن يبدو أنّ الخيار الثاني هو الخيار المرجح الذي سوف يسلكه الرئيس التركي بعد الإنذار الأميركي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى