يا رايح كتّر الملايح اللي استحوا ماتوا

د. سمير صباغ

عنوان برسم النواب الذين مدّدوا لأنفسهم من دون وجه حقّ، وأهم الملايح التي قد يقدموها هي أن يتبرعوا برواتبهم لشهداء الجيش أو غيرهم من الشهداء، لأنهم يقبضون رواتب من دون ممارسة وظائفهم الأساسية كسلطة أولى في البلاد فلا هم يشرّعون ولا يراقبون ولا يحاسَبون.

ففي لبنان سلطة وحكومة عجزتا عن إجراء امتحانات رسمية، وعن تسوية قضية سلسلة الرواتب للموظفين، تلك السلسلة التي تراوح مكانها منذ سنوات، وهما تديران من دون كفاءة قطاعاً عاماً مشلولاً وفاسداً وتتفرجان على انهيار خدمات بأكملها وتضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين، واختفاء قطاعات اقتصادية بأكملها، إضافة إلى ضغط النازحين السوريين الاجتماعي والسكاني واستطراداً الاقتصادي والسياسي، وتداعيات الحرب السورية المستمرة. سلطة وحكومة كهاتين يصعب تصورهما قادرتين على التقدم في معالجات الأزمات السياسية، أكانت لها مسببات داخلية أم خارجية.

أدرك السياسيون اللبنانيون هذه الأجواء، ما ساعدهم على تبرير تمديد ولايتهم، فزادوا من التهويل بانفلات الأمن الذي قد يرافق العملية الانتخابية، مشدّدين على عدم امتلاك الأجهزة اللبنانية القدرة على مواجهة اضطراب حبل الأمن في حال وقوع أحداث، إضافة إلى رفع شبح الفراغ الذي قد يحلّ بعد انتهاء ولاية المؤسسة الدستورية، وكأنّ ما عاشه اللبنانيون ويعيشونه منذ الاستقلال مثال على الحياة الدستورية السليمة.

بلغ السّجال مداه، بين من يعتبر التمديد مخالفاً للدستور واغتصاباً للإرادة الشعبية وتعطيلاً للحياة الديمقراطية، وبين من يرى أنّ هناك إمكانية كبيرة لدى الأجهزة الأمنية لضبط العملية الانتخابية وهي التي واجهت المجموعات الإرهابية بكل بسالة وشجاعة وتغلبت عليها، تلك المجموعات التي تقضّ مضاجع عدد كبير من الأنظمة العربية والأوروبية والأميركية. هذا الأمر يجعل من التمديد أو عدمه سيان في إشاعة جو من السلام والهدوء في لبنان.

عنوان آخر: يا رايح كتر الملايح، وهو برسم رئيس البلاد المنتهية ولايته منذ شهرين. هذا الرئيس الذي يحاول أن يجعل من وزيرين أو ثلاثة كان له الفضل في تعيينهم في حكومة الرئيس سلام، قوة سياسية يتحرك بها ومعها ويجعل من عدد لا بأس به من القوى السياسية المفلسة التي تحاول دفعه إلى سطح الماء السياسي، لأنها وجدت فيه مصلحة أكيدة لها، قوة يحاول استغلالها للعودة إلى حلم راوده في الماضي وهو تمديد ولايته.

لقد جاءت زيارة الرئيس ميشال سليمان إلى طرابلس منذ يومين بلا طعم ولا لون ولا رائحة ولم يفهمها كثير من اللبنانيين، وكأنّ اللبنانيين لم يعد ينقصهم إلا رئيساً غير ممدّدة ولايته لينكأ جراح اللبنانيين، وإلا فما معنى كلامه عن تفجيري مسجدي التقوى والسلام وعن 7 أيار ومشاكل طرابلس المزمنة وخاصة الأخيرة، وما معنى الغمز من قناة الإرهاب وهو يقصد إرهاباً بعينه، وهو الرئيس الذي لم يدفع أية حكومة من حكوماته إلى اعتماد خطة إنمائية لطرابلس والطرابلسيين، علها تساعدها وتساعدهم في التغلب على أزمات الفقر والعوز والتخلف، فلا يقعون في شرّ وإغراء الأزمات الأمنية ونشر وعيهم لرفض الممارسات التي عاشوها لعشرات من السنين.

كفى … كفى يا فخامة الرئيس انقلاباً على المواقف والمبادئ والأخلاق الحميدة والوفاء لمن عاونك لتتبوأ سدّة الرئاسة. وكفى محاولة للعودة إلى مسرح السياسة مجدّداً، وأنت الذي لم يستطع تقديم أية فكرة أو عمل أو خطة أو نهج ينتشل اللبنانيون من أزمتهم. وكفى اللبنانيين أياماً سوداء عاشوها في عهدك غير الميمون. وإن كانت مبادئ النظام البرلماني اللبناني تجعلك تملك ولا تحكم، لكنك في نظر اللبنانيين الحاكم الأول في البلاد المسؤول عنهم مدة عهد كامل كانت أحوالهم وأحوال بلدهم طيلته، مليئة بالصفات الواردة أعلاه. لذلك نردّد أيضاً «يا رايح كتر الملايح» …

رئيس رابطة العروبة والتقدم

ورئيس الاتحاد البيروتي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى