15 حزيران يوم عربي للتضامن مع أميركا اللاتينية

ناصر قنديل

– منذ اللقاء التاريخي الذي جمع القائد العربي الراحل جمال عبد الناصر بالقائد الثوري أرنستو تشي غيفارا في الخامس عشر من حزيران من العام 1959، وهو اللقاء الذي تحل ذكراه الستون بعد خمسة شهور، والتلاقي بين نضال شعوب منطقتنا لمواجهة مشاريع الهيمنة الأميركية والعدوان الصهيوني ونضال شعوب أميركا اللاتينية في مواجهة الأنظمة العميلة لواشنطن ومشاريع العدوان والهيمنة الأميركية العنصرية للمستوطنين البيض على السكان الأصليين الحمر للقارة الأميركية، تعبير عن ترابط عميق نادر، وحاجة فكرية وسياسية لنضال شعوب المنطقتين البعيدتين في الجغرافيا، الحاسمتين في الأهمية الاستراتيجية، المتكاملتين في القدرة على هز عروش الإمبراطوريات.

– مع حصار كوبا، رغم صمودها، ورحيل جمال عبد الناصر رغم استمرار خيار المقاومة، تراجعت حرارة الحضور للنضال المشترك لشعوبنا وشعوب أميركا اللاتينية، حتى جاء القائد الراحل هوغو شافيز، ووجد نظيره في الرئيس السوري بشار الأسد ليجدّدا معاً لقاء عبد الناصر وغيفارا. وكما في اللقاء الأول قبل ستين عاماً، كان اللقاء الثاني في القمة العربية اللاتينية التي عقدت في الدوحة قبل عشر سنوات تماماً وتبعتها زيارات متبادلة للرئيسين شافيز والأسد، تأكيداً على عمق التلاقي، والعمق له عنوان واحد في الماضي كما الحاضر كما في المستقبل، وهو فلسطين.

– تميّزت فنزويلا بقيادة شافيز ومن بعده مع القائد المقاوم نيكولاس مادورو بموقف حاسم من القضية الفلسطينية، ومن سورية والمقاومة من جهة، ومن «إسرائيل» من جهة مقابلة، وبالمقياس المصلحي الذي يتحدّث عنه كثير من اللبنانيين والعرب لتبرير التخاذل حتى الخيانة، خاطرت فنزويلا بمصالحها لأجل الوقوف مع قضية حق اسمها فلسطين، وشكلت مواقفها إدانة وتعرية لمواقف الحكومات العربية الذاهبة للتطبيع مع «إسرائيل» في زمن تغلق فنزويلا السفارة الإسرائيلية، وترفع علم فلسطين في ساحاتها ومناسباتها، ولمن يصدّق ولمَن لا يصدّق، ما دبر لفنزويلا ويدبر لها منذ سنوات، هو عقاب على مواقفها من أجل فلسطين.

– أضعف الإيمان أن نقف مع فنزويلا، لأننا نقف مع أنفسنا، ورسالتنا عبر فنزويلا للعالم أننا نقدِّر من يقف معنا، ولا نبيع ولا نشتري بالصمت أو بالتراضي أو بالتغاضي، وهذا اضعف الإيمان. فالرسالة الأميركية والإسرائيلية، واضحة ومضمونها أن مصير مَن يقف مع فلسطين هو الاقتلاع والحصار دون أي اعتبار للمعايير القانونية والدستورية، وهو مضمون الرسالة ذاتها التي حملتها الحرب على سورية. وكما كان الحكام العرب يدافعون عن خيانتهم بوقوفهم في خندق الحرب على سورية، يقفون اليوم في خندق الحرب على فنزويلا. وكما انتصرت سورية ستنتصر فنزويلا، فأميركا بعد الهزيمة في سورية هي غير أميركا قبلها، والعالم بعد النصر السوري هو غير العالم قبله، والانتقال الأميركي إلى فنزويلا هو علامة ضعف لا علامة قوة. فالشعب والجيش في فنزويلا سيقفان في المرصاد، لمحاولات الغزو والعدوان، وسيكون للرصاصة الأولى فعل سحري في كشف حقيقة ما يجري أمام المأخوذين بأكاذيب المعارضة التي لا تشبه أحداً إلا عينات سوق النخاسة للمعارضة السورية، ودواعش العنصرية البيضاء سيتكفّلون بفضح طبيعة البديل الذي تحمله هذه المعارضة. فجيوشهم الحقيقية هي الجماعات البيضاء الفاشية، وعصابات القتل والإجرام المموّلة من تجار السلاح والمخدرات.

– كما كان للسنوات التي مضت عنوان واحد هو سورية، سيكون للشهور المقبلة عنوان هو فنزويلا. وكما لم تبخل فنزويلا لا يحق لنا أن نتردّد، وليكن الاستعداد والإعداد من اليوم لإحياء يوم الخامس عشر من حزيران المقبل كيوم للتضامن العربي اللاتيني، تحييه كل القوى والنخب العربية المؤمنة بفلسطين، وبتكامل نضال الشعوب بوجه الهيمنة والعدوان، وبأن المقاومة الحقة والبطلة بوجه الكيان الاستيطاني الأول القائم على إبادة السكان الأصليين الذي تمثله اميركا، لا تنفصل عن المقاومة الحقة والبطلة بوجه الكيان الاستيطاني الثاني الذي يمثله احتلال فلسطين، ولتبدأ الفعاليات التضامنية من اليوم بلا انقطاع ليصل الصوت قوياً إلى كاراكاس، لستم وحدكم أيها الأحرار… ونحن قوم لا ننسى وقفات العز وأهلها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى