اللاعب رقم 12 في الملاعب اللبنانية… إلى أين؟
حسين غازي
تشهد كرة القدم اللبنانية في الفترة الأخيرة انتعاشةً جماهيرية، إذ بدأت الحياة تعود للمدرجات مع مرور الأيام. فالسنوات الماضية حملت في طيّاتها صوراً سوداء، أجبرت اللعبة الأكثر شعبية في العالم ولبنان، أن تعيش أياماً صعبة، فخلت المدرجات من صيحات الجماهير، وافتقدت الملاعب الأبواق والهتافات.
في السنة الماضية وبعد تتويج نادي النجمة بطلاً للدوري اللبناني، شاركه مناصروه الفرحة ورأينا مشهداً لم يكن يحدث في السنوات الأخيرة. ومنع الجمهور لفترة طويلة من دخول الملاعب لأسباب سياسية وأمنية وتجنباً للمشاحنات والمشاكل، لكن إنجاز المنتخب اللبناني كان مفتاحاً وباباً للعبور نحو الهدف المنشود، ففي مباراة الإمارات الأولى والتي فاز بها لبنان، حدد رقم معين لحضور المباراة، ثم أتى رفع العدد في مباراة الكويت، لتفتح الأبواب بكاملها أمام قطر وكوريا الجنوبية وإيران.
وحصلت في الفترة الأخيرة بعض المشاحنات في بعض المناطق، ما جعل الاتحاد يتخذ إجراءً بمنع الجمهور من حضور المباريات، ليعود ويسمح به في وقت لاحق. وخير دليلٍ على ما تقدم مباراة النجمة والأنصار، التي قدّر عدد الجماهير فيها بسبعة آلاف مشجع، على رغم أن البطاقات التي بيعت لم تكن بهذا العدد.
ومنذ أيامٍ قليلة، قام الاتحاد اللبناني بخطوة إيجابيةٍ هادفة لتحفيز المشجعين وإقناعهم بحضور اللقاءات، بتكلفة خمسة آلاف ليرة فقط للبطاقة الواحدة، بعد أن كانت عشرة آلاف ليرة في الفترة المنقضية. وإن دلّ ذلك على شيء، فهو يبرز مدى اهتمام الاتحاد ودرايته التامة بمدى أهمية حضور المباريات بأكبر عدد من محبي الكرة، إذ إنهم عصب اللعبة واللاعب رقم 12 في الملعب.
وإذا رأينا مثلاً العدد الذي يحضر مباريات الهومنمن والهومنتمن، تلقائياً سنعلم مدى أهمية مشاركة الناس أتراح وأفراح فرقها، إذ يعكس الحضور الكبير الحماسة على الدوري وعلى اللاعبين، شرط أن تبقى التشجيعات ضمن الأخلاق الرياضية، وبعيدةً من الطائفية، من أجل نقل الكرة اللبنانية إلى مستوى أعلى، وهذا لا يمكن أن يتحقق إذا لم تتكاتف الجهود، فالتعاون بين الاتحاد والأندية والجماهير، هو سرّ نجاح وتطور أيّ دوري في العالم.
وبالعودة لمباراة النجمة والأنصار المنصرمة، رأينا لوحة جميلة حضارية على المدرجات، إذ لم تنطلق الشتائم نوعاً ما مع بعض المخالفين، ما جعل المباراة تخرج بصورة راقية. وقد قام الفريقان بتجييش الجماهير ودعوتهم لحضور المباراة، وهذا أمر إيجابي. كذلك تحاول بعض الفرق تأمين النقل للجماهير إذا لعبت المباريات خارج مناطقها، وهذا أمر من شأنه جذب أعداد أكبر، إذ إن المشجع أيضاً وفي ظل الأوضاع الراهنة، يفضل مشاهدة المباراة على التلفاز بسبب الأوضاع الاقتصادية، ولكن مع هذه التسهيلات التي حصلت، قد نشهد تطوراً ملحوظاً في أعداد المتابعين داخل الملعب.
بالتأكيد تطور اللعبة وتحقيق الإنجازات واستقدام النجوم، قد تكون أيضاً محفزاً وسبباً لزيادة نسبة المتابعين والمشاهدين. فهذه اللعبة هي المتنفس الوحيد للمواطن اللبناني، والرياضة يجب أن تبقى دائماً عنواناً للتجمع والتلاقي والتآخي.