السيّد المُنْتَصِر الفَنّان
كرّار ناصر الدين
طَلَّ علينا سيّد المقاومة، حبيب القلوب، الأب، الأخ، العزيز، الحبيب، الرائع، المُعَلِّم، المُلَقِّن وما شِئْتَ فَعَبِّر. بعد فترة غياب، طبيعية لعدم وجود مناسبات تقليدية، وتكتيكية حِرَفِيَّة لكسر العدو ودَسِّ أنفه في التراب. ظهر «السيد العشق» في مقابلة على قناة الميادين مع السيد «غسان بن جدو»، وأفاض علينا من معين جوده الواسع، كوكبة من الأفكار والمعطيات التي تفتح أبواب التحاليل والغوص في ثناياها، وتُعَدّ مواد دسمة لاستشرافات مستقبلية يستطيع المحللون، المتابعون، أصحاب القرار والسلطة وغيرهم البناء عليها ورسم معالم توجّهات لما قد تؤول إليه مختلف المجريات على شتى الأصعدة والمحاور، الدولية منها والإقليمية وصولاً إلى المحلية.
نقطتان لافتتان لا بأس بالتوقف عندهما، أولاهما تتعلق بأحد المضامين المهمة في كلام السيد نصرالله، والثانية ترتبط بالمشهد الذي بان عليه مكان إقامة المقابلة.
أما الأولى، فهي الطريقة الفَنِّيَّة الرائعة التي ينتهجها الأمين العام لحزب الله لِيُحَوِّل ما يظهره العدو من «فقاعات فارغة» و»انتصارات وهمية» إلى خسائر تفضح واقع العدو وانتصارات ومكاسب في كفة المقاومة تزيد من رصيدها اللامع في التفوق والتقدم. مع ميزتَيْن في البَيْن: مَجّانيَّة هذه الأرباح للمقاومة مقابل أثمان يدفعها العدو بنفسه فيهزم نفسه، وتكوين هذه المعادلة وتظهيرها بكل مصداقية وشفافيّة، فَهاتان صِفَتان تُمَيِّزان وتُشكِّلان دَيْدَنه في التعامل كما يعلم كُلٌّ من الصديق والعدو.
بينما الثانية، فقد كانت لافتة الآية القرآنية ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ـ التي زيّنت المكان وأضفت حالة من التفكر لدى المراقب المتابع مع هالةٍ من الطمأنينة والسكون تجود بها هذه الحروف الكريمة، وفي أسفل منها باقة من الورود الجميلة والملوّنة والتي تبعث بإشارات محبة، إضافة لعبارة «نهج البلاغة» التي كُتِبَت على مجموعة من الكتب المصفوفة في المكان، لنجد أنفسنا أمام مشهد «ديكوريّ» ثُلاثِيّ الأبعاد، يترك لنا حرية التفكر في مضمون رسائله.
وعليه، ما المراد من هذا التموضع الثلاثي يا ترى؟
الأكيد، أنه مهما اختلفت التأويلات، إلا أن العامل المشترك بينها هو كينونتها الكريمة وملؤها الخير والمسلكية الحَقَّة والتوجه السليم في عين الله ورعايته.
وقد يكون لسان حال المشهدية يقول: ادخلوا القدس ـ بل ومطلق سوح الجهاد والمواجهة ـ بكل اطمئنان وثقة، وعزيمة وثبات، وانشروا فيها المحبة والإخاء.
أو قد يذهب توجّه آخر للقول: ادخلوا ـ أيها الأحبة، الأعزة والشرفاء ـ إلى الحلقة، وإلى رحاب السيّد بكل هدوء وأمان، وأبداً لا تُبالوا بما يُرَوّج له العدو من أكاذيب وأضاليل تتعلق بصحته وغيرها من الأمور.
وفي كِلا الاحتمالِيْن وغيرهما، يُكمل لسان الحال بأننا نمضي في منهجنا ونسير في جهادنا على بَيِّنة وبصيرة من أمرنا، وبتعقل وحكمة، ودراية وعلم، ونور وهداية، وهذا ما تُظهره عبارة «نهج البلاغة» وما تحويه من روائع «أمير الكون»، وعجائب «أمير الكلام» ونورانياته السمحاء.
وقد تُطرَح مقاربة لطيفة: ابتسامة وردية من السيد نصرالله الذهبي الفمّ تقابلها ورود تسانده في طيبته وروحه الطيبة. ومنطق عزائمي في الكلام وثبات في القول المقارن للفعل تستمد إلهاماتها من أمير البلاغة وسيد الكلام وحالة من الطمأنينة والتوكل على مَنْ بيده مقاليد الأمور، تُظْهِرُه لنا ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ .
العامل المشترك في كلتا النقطتَيْن ـ المنطق الكلامي والمشهد المكاني ـ هو طغيان عامل الفَنّ، فيا لها من روعة في تصغير العدو وما أروعه من فنٍّ في تظهير الأشياء في مختلف الاتجاهات، وبالتالي فتح باب التفكر على مصراعَيْه. نعم، ليس غريباً ونحن في محضره، محضر مؤمن صالح يمضي بنور الله وضيائه، بين يَدَيْ «الفَنّ»… وبين يَدَيْ حفيد «الأمير».
للجمال عنوان… للبسمة عنوان… للشموخ عنوان… لفصل الخطاب عنوان… للروعة عنوان… للقيادة عنوان… للإشراقة عنوان… للعاشقين عنوان… للحب عنوان… الأمين على الأرواح والعيال والأوطان عزّزه الله وحفظه قائداً للمقاومة وزمن الانتصارات.
بعضٌ من كلام الله تعالى، ألوان ورود زاهية، رمزٌ يدل على سيد الفصاحة وأمير البلاغة… وابتسامة من الأمين، العشق… الفَنّان… المُنْتَصِر، مع منطق في الكلام وفصل في الخطاب وتصويب في المواقف… عناصر تلخص لنا حال العدو… وتقول له: الويلُ لك في الحرب المقبلة.