موسكو تلوّح بموقف حازم بوجه خطر التدخل العسكري الأميركي في فنزويلا الحكومة غداً بعد حلّ الحريري لعقدة الحقائب وباسيل لتمثيل اللقاء التشاوري؟

كتب المحرّر السياسيّ

واشنطن ليست في أحسن حال وهي تنسحب من سورية وأفغانستان، فمفعول منشطات وزير خارجيتها مايك بومبيو للحلفاء وحشدهم تحت شعار المواجهة مع إيران، لم يدم طويلاً، ومؤتمر وارسو الذي شكّل عنوان هذا الحشد يترنح باعتراف واشنطن، التي جددت التأكيد أمام حجم المقاطعة التي تواجه المؤتمر، بأنه ليس موجهاً ضد إيران، من دون أن ينعش ذلك نسب الحضور وصولاً لصدور موقف روسي يعتبر المؤتمر مصدراً للضرر ويدعو إلى إلغائه. وبالتوازي جاءت التقديرات التي وزعتها وكالة المخابرات الأميركية عن مستقبل سورية عام 2019 مصدراً لإحباط حلفاء واشنطن ودفعاً لهم للعودة إلى الهرولة نحو دمشق التي جاء بومبيو لفرملتها، وقد قال التقرير بوضوح إن عام 2019 سيشهد استعادة الجيش السوري والرئيس بشار الأسد كامل الجغرافيا السورية.

التركيز الأميركي على الحدائق الخلفية في أميركا اللاتينية من بوابة فنزويلا لم يحقق هو الآخر المرجو منه، فالانقلاب الذي رعته واشنطن لم ينجح رغم الدعم الدبلوماسي المرافق لحملة الاعتراف بالحكم الانقلابي، ونجح الرئيس الشرعي نيكولاس مادورو بامتصاص الصدمة الأولى، فتماسك حوله الجيش والقضاء والبيئة الشعبية الداعمة، بينما بدا الانقلاب بلا أفق، وبات مصدر تهديد بتبديد الاستقرار الأمني الداخلي لصالح أحد احتمالين لا شعبية لهما في أوساط الذين حملوا خوان غوايدو إلى البرلمان ورئاسته، خيار الحرب الأهلية وخيار الغزو الخارجي.

التقديرات الأميركية تبدو أقرب للاعتقاد بضعف الانقلاب وقدرات أصحابه على الصمود في حرب أهلية يشعلونها ما لم يتلقوا دعماً خارجياً عسكرياً وازناً، وهذا ما فضحته الأوراق التي حملها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون وتسنى للصحافيين أن يقرأوا عليها ملاحظة تتحدّث عن إرسال خمسة آلاف جندي أميركي من المارينز إلى كولومبيا، كما أكده السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي كشف عن تناول الرئيس دونالد ترامب بحماسة لخيار التدخل العسكري في فنزويلا في حوار بينهما، لم يخفف من هذه الحماسة رغم اعتراضات وتحذيرات غراهام، لكن الجديد الذي قد يلجم هذه المغامرة إضافة لما ستواجهه في فنزويلا وعموم أميركا اللاتينية، ظهور موقف روسي حازم وصل حد حديث وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن فعل كل ما يلزم لمنع وقوع هذا الخطر.

في لبنان تبدو الحكومة المتعثرة قريبة الولادة مع قرب اكتمال حملها في الشهر التاسع، بعدما أكدت مصادر مطلعة أن التفاهم بين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل قد تمّ على تولي الحريري حل عقدة الحقائب الوزارية وتوزيعها، مقابل تولي باسيل حل عقدة تمثيل اللقاء التشاوري، ويوم أمس شهد حراكاً على الجبهتين توّج بحسم الحريري ليلاً أمر مبادلة وزراتي البيئة والصناعة لحساب التيار الوطني الحر وحركة أمل بعد تفاهمه مع النائب السابق وليد جنبلاط على التخلي عن وزارة الصناعة، ترجمه عشاء جمعهما بمشاركة الوزيرين وائل أبو فاعور وغطاس خوري، بينما توّج الحراك في ملف تمثيل اللقاء التشاوري باجتماع ضمّ أعضاء اللقاء والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل بعد زيارة نهارية للوزير السابق فيصل كرامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، تكرّس خلالهما ترك اختيار أحد الأسماء من لائحة التسعة التي قدّمها اللقاء التشاوري والتي تضمّ أعضاءه إضافة إلى كل من حسن مراد وعثمان مجذوب وطه ناجي، لرئيس الجمهورية الذي سيتمثل اللقاء من حصته ويكون وزيره ممثلاً حصرياً له، يجتمع به دورياً، دون أن يحول ذلك دون مشاركته في بعض أو كل اجتماعات تكتل لبنان القوي أسوة بالوزراء الذين سيسميهم رئيس الجمهورية، وقيام الوزير بالتنسيق مع رئيس الجمهورية في القضايا المطروحة على مجلس الوزراء، ما يعني وفقاً للمصادر المطلعة تبلور الصورة بوضوح اليوم تمهيداً لظهورها رسمياً يوم غد.

الجديد الذي حرّك التفاهمات وفقاً للمصادر هو الاطمئنان الذي تركه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لدى كل من الرئيس الحريري والوزير باسيل، الأول لكونه خياراً ثابتاً لرئاسة الحكومة رغم التباينات، والثاني لكونه في مكانة لا تتأثر بالتمايزات العابرة كصديق وحليف موثوق، ما حدا بأحد النواب في قوى الثامن من آذار للقول «إنه شاكوش السيد».

يبدو أنّ كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه يريد حكومة قبل نهاية الشهر، قد يتحقق إذا صدقت تسريبات بيت الوسط والتيار الوطني الحر حيال الأجواء الإيجابية التي خيمت على لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مساء امس، إذ أجمعت مصادر الرئيس المكلف والوزير باسيل على ان الامور ايجابية والحكومة ستبصر النور خلال يومين كحد أقصى.

وأكّد الرئيس المكلف سعد الحريري أن الحسم في موضوع تأليف الحكومة سلبا أو إيجابا سيكون هذا الاسبوع مؤكداً أن الأمور إيجابية وهو متفائل بحذر، رافضا التحدث عن خياراته في هذا المجال.

وقالت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» إن الأمور إيجابية أكثر من أي وقت مضى، فالمفاوضات قطعت شوطاً كبيراً انطلاقا من المعلومات التي وصلتنا عن أن الرئيس العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل سيقدمان التنازل المطلوب لجهة تمثيل اللقاء التشاوري من خارج حصة تكتل لبنان القوي، لافتة الى ان التفاهم انتهى حيال تأليف حكومة وفق صيغة الثلاث عشرات.

وشددت المصادر على أن الرئيس المكلف سيواصل اليوم لقاءاته مع المعنيين للبحث في الشق المتعلق بتوزيع بعض الحقائب من جراء إصرار الوزير جبران باسيل على الحصول على وزارة البيئة بدل الاعلام، مشيرة إلى أنّ الرئيس نبيه بري لم يمانع التخلي عن البيئة لكنه ربط ذلك بشرط الحصول على حقيبة أخرى كالثقافة أو الصناعة، وليس الإعلام التي لن يقبل بها أبداً، لافتة الى أنّ الرئيس الحريري سيزور الخميس الرئيس ميشال عون لوضعه في حصيلة المستجدات والتطورات الحكومية إذا بقيت الأمور على ايجابيتها.

وفي هذا السياق، أشارت معلومات «البناء» إلى أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أبدى تجاوباً مع طرح الحريري تبديل الحقائب، بحيث تعطى وزارة الصناعة لحركة أمل على أن تسند وزارة الإعلام لوزير من اللقاء الديمقراطي إضافة الى وزارة التربية المتفق أنها من حصة الاشتراكي.

أمِل تكتل لبنان القوي ان تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع، معتبراً أنّ العمل الساعي للولادة الحكومية ضمن مبادرة الوزير جبران باسيل يحترم صحة التمثيل والتنازلات المتبادلة وليس على حساب فريق واحد. وأكد التكتل بعد اجتماعه أنه في ظلّ هذه المعايير الواضحة يمكن للحكومة ان تبصر النور هذا الأسبوع.

وفي حال عدم تشكّل الحكومة هذا الأسبوع، لفت التكتل الى أنه سيكون له حديث آخر وموقف آخر الاسبوع المقبل، مشيراً الى أنّ «الرؤية ستتضح حينها حول نيات تعطيل تشكيل الحكومة».

وبينما عقد مساء امس اجتماع بين اللقاء التشاوري وحزب الله لحسم موضوع ممثل اللقاء، كانت تردّدت معلومات انّ الوزير باسيل حمل الى بيت الوسط اسم عثمان مجذوب مستشار النائب فيصل كرامي ليمثل اللقاء التشاوري في الحكومة على أن يكون من حصة رئيس الجمهورية.

وكان عضو «اللقاء التشاوري» النائب فيصل كرامي قال بعد لقائه الرئيس نبيه بري «تفاءلوا بالخير تجدوه»، لافتاً الى انه نقل الى بري جوّ اللقاء التشاوري الذي يريد ممثّلاً حصراً عنه يمثّله ويصوّت معه». وأضاف «لا مانع لدينا في أن يكون الوزير الممثل للقاء التشاوري من حصة الرئيس ميشال عون، وبطبيعة الحال هذا الوزير سيتعاون مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لكن هذا شيء وأن يكون ممثلاً حصرياً للقاء التشاوري، شيء آخر». وأعلن «انني أؤيد دعوة برّي لعقد جلسة تشريعية».

الى ذلك يعقد تكتل «الجمهورية القوية» اجتماعه الدوري في معراب الخميس المقبل للاطلاع من رئيس حزب القوات سمير جعجع على اجواء لقائه مع الرئيس الحريري وتحديد الموقف من الوضع الحكومي.

وفي السياق الحكومي أيضاً، رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصوت مجدداً، ورأى أنّ «الأزمة في لبنان دستورية لأنّ السياسيين وضعوا الدستور جانباً ويخلقون دساتير جديدة وأعرافاً ومعايير جديدة وعندما يوضع الدستور جانباً يعني الأمر ضياع لأنه الطريق الذي حين تسلكه تصل». وتوجه للسياسيين «لا يحق لكم من أجل مصالحكم الفردية الفئوية المذهبية والحزبية ألا يكون عندنا حكومة»، مضيفاً «لا يحق لكم أن يموت الوطن اقتصادياً مالياً اجتماعياً ومعيشياً لأنكم تتسلون بشؤونكم الخاصة».

من ناحية أخرى تجتمع هيئة مكتب المجلس اليوم عند الثانية عشرة والربع في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري تمهيداً لعقد جلسة عامة.

وتعقد لجنة المال والموازنة جلسة، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، عند العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، لدرس مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 4046 الرامي الى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لاستكمال تنفيذ بعض المشاريع.

واشارت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» الى انّ الرئيس بري هدف من دعوته هيئة مكتب المجلس للاجتماع حث المعنيين على الاستعجال في التأليف. ولفتت المصادر إلى ضرورة إقرار مشاريع واقتراحات قوانين تعود بالفائدة على المواطن، مشددة على أنه لا يجوز تعطيل المجلس النيابي بحكم أن الحكومة في تصريف أعمال، لافتة إلى أن تأليف الحكومة خلال اليوميين المقبلين إذا صدقت النيات فإنه سيعيد الأمور إلى مسارها الطبيعي.

وأكدت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» على أنها ستشارك في اجتماعات الهيئة العامة تحت سقف الدستور، مشدّدة على أنها ترفض التعطيل والفراغ على كلّ المستويات البرلمانية أو الحكومية أو الرئاسية.

على صعيد آخر، أشاد رئيس الجمهورية بالتعاون القائم بين لبنان والأمم المتحدة لا سيما ما يتعلق بحفظ الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية، متمنياً أن يستمر هذا التعاون خدمة للمبادئ التي يؤمن بها لبنان والأمم المتحدة، وذلك خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالير كارديل التي زارت قصر بعبدا في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهماتها. وأملت كارديل من جهته ان تساهم روح التسوية والوحدة الوطنية في تسهيل تشكيل حكومة جامعة في وقت قريب. وجدّدت التزام الأمم المتحدة الثابت في العمل مع السلطات اللبنانية لدعم استقرار لبنان وسيادته وسلطة الدولة فيه، ولمساعدة المؤسسات الرسمية على تقديم إدارة أكثر فاعلية بشكل ملموس للجميع، ولتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى