الحكومة الجديدة واستقرار اليمن
حميدي العبدالله
من المعروف أنّ ثلاثة أطراف رئيسية تلعب الدور الحاسم والمحرك للأحداث التي يشهدها اليمن. الطرف الأول حركة أنصار الله وحلفاؤها التي تمكنت من السيطرة على مناطق واسعة من اليمن وعلى رأسها العاصمة صنعاء وميناء الحديدة، إضافة إلى عدد من المحافظات التي يقطن على أرضها غالبية أبناء الشعب اليمني.
الطرف الثاني، الحراك الجنوبي الذي يمثل غالبية سكان الجنوب الذين عبّروا عن تأييدهم للحراك في مناسبات كثيرة، ولولا القمع الذي تمارسه السلطة لانفصل الجنوب عن الشمال منذ بدء الحراك الجنوبي لأنّ الغالبية تطالب بهذا الانفصال وترفع علم جمهورية اليمن الجنوبي الديمقراطية الشعبية التي حُلّت بعد الوحدة مع الشمال.
الطرف الثالث، تنظيم «القاعدة» الذي يسيطر على مناطق في المحافظات الواقعة وسط اليمن، وله تواجد مسلح في بعض المحافظات الجنوبية، ولا سيما في محافظتي شبوة وحضرموت.
ومن الواضح أنّ أيّ حكومة في اليمن لا تضمّ على الأقلّ الطرفين الرئيسيين، أي حركة أنصار الله والحراك الجنوبي، ستكون حكومة تفتقر إلى التأييد الشعبي الواسع الذي يوفر لها الشرعية ويمكنها من تحقيق الاستقرار في اليمن ودفع خطر تنظيم «القاعدة».
الحكومة اليمنية الجديدة لم تنجح في الحصول على دعم هذين التشكيلين الرئيسيين، أيّ حركة أنصار الله، والحراك الجنوبي. فالحراك يعلن جهاراً أنه غير معنيّ بأيّ حكومة يجري تشكيلها على قاعدة استمرار الجنوب جزء من الدولة اليمنية، وكلّ من شارك في الحكومة من أبناء الجنوب لا يحوز على تأييد شعبي كافٍ يؤهّله النطق باسم أهل الجنوب، ويمكن القول إنه في هذه الحال يشكل تمثيلاً مزوّراً للجنوب، وستترتب على ذلك نتائج لجهة تأمين وقوف الجنوب إلى جانب الحكومة ومساعدتها على تحقيق برامجها، ومن أبرز ما في هذه البرامج، الأمن، أيّ إعادة الاستقرار إلى كلّ أنحاء اليمن.
كما أنّ حركة أنصار الله أعلنت عدم رضاها عن الحكومة الجديدة، وإذا ما تطوّر هذا الموقف إلى مقاطعة الحكومة والانسحاب منها، كما فعل وزراء حزب المؤتمر الشعبي التسعة، فهذا يعني أنّ الحكومة لم تعد تمثل سوى الأحزاب الصغيرة الهامشية المدعومة من الخارج والتي تفتقر إلى الدعم الشعبي الواسع.
وبديهي أنّ أيّ حكومة في اليمن، مهما كان مستوى الدعم الخارجي الذي تحوز عليه، لا يمكنها النجاح في مواجهة التحديات الكثيرة الأمنية والاقتصادية التي يعيشها اليمن، إذا لم تكن الغالبية والقوى السياسية التي تعبّر عن هذه الغالبية تقف إلى جانبها وتقدم لها الدعم.
وهكذا فإنّ نجاح حكومة بحاح في قيادة اليمن إلى برّ الأمان، بات أقرب إلى الصفر منه إلى أيّ تقدير آخر.