هنري حاماتي ومجلة «فكر»

يكتبها الياس عشي

في الوقت الصعب، في الأيام التي كان الحزب السوري القومي الاجتماعي وراء القضبان في بيروت وملاحقاً في الشام، في الستينات من القرن الماضي حيث الأصواتُ خافتة وعيون المكتب الثاني في كلّ مكان، في مثل هذه الأجواء الخانقة ظهرت إلى العلن مجلة «فكر» تحمل توقيع «هنري حاماتي».

تهافتنا للحصول على أعدادها، قرأناها حرفاً حرفاً، من العدد الأول الحامل رقم «الصفر» إلى عددها الثامن الذي صودر من المكتبات، وكان العدد الأخير!

في العدد الثامن ارتكب الأمين الراحل هنري حاماتي الخطيئة المميتة، عندما «تجرأ» مفتتحاً العدد بصورة للزعيم سعاده، مع تخريمة على يمين الصورة تفسح في المجال للحصول عليها سليمة، ووضعها في صدر البيت كما تعوّد القوميون.

لم يستطع المكتب الثاني آنذاك أن يتحمّل صورة لمفكر اغتالوه قبل عقدين على رمال بيروت اسمه أنطون سعاده فصادروا العدد، ومنعوا المجلة من الصدور.

اليوم نودّع هذا الأمين المشاكس الذي جعل من الكلمة معبراً لقول الحقيقة، وأعطاها حضوراً معرفياً ولافتاً ومناقبياً كما أرادها المؤسّس منذ كتابه الأول «نشوء الأمم» إلى خطابه الأخير وهو يقف منتصباً على عمود الموت.

البقاء للأمة يا أميننا الراحل، والعزاء لعائلتك ورفقائك وأصدقائك، وللكلمة التي ستفتقد حضورك في المواقف الصعبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى