إيران وأوروبا وتركيا
ـ لم تغادر دول أوروبا القوية حلف الأطلسي كما لم تفعل تركيا، وبدون فرنسا وبريطانيا وتركيا يصبح حلف الأطلسي مجرد ديكور دولي للجيش الأميركي، وبالبحث عن الإنقسام الذي تعيشه الساحة الدولية بين السياسات الأميركية والسياسات الأوروبية والتركية ستبرز إيران سبباً جوهرياً.
ـ أن تنجح إيران بتفكيك التحالف الذي قادته واشنطن لعقود خصوصاً في القضايا التي انعقد حولها اللقاء بين واشنطن والعواصم الأوروبية وأنقرة لتشكيل قوة سياسية عسكرية تصنع الحرب والسلم في العالم، فهذا يعني أنّ القوة الإيرانية بلغت المدى الذي نجحت فيه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً بجعل التباين في مفهوم الأمن القومي للدول القريبة من المنطقة الأهمّ في العالم مختلفاً عن مفهوم الأمن القومي للدولة القابعة خلف الأطلسي، وهذا وحده يفسّر مواقف أوروبا وتركيا المختلفة عن المواقف الأميركية سواء في الملف النووي الإيراني أو في نقل السفارات إلى القدس أو في ما سمّي بصفقة القرن، وكانت حرب سورية المفصل الأهمّ في تظهير هذا التباين بعد الفشل الأميركي الذي يتوّجُه الإنسحاب من سورية وسقوط الرهانات التي عقدتها دول أوروبا وتركيا على الدور الأميركي.
ـ ليس غريباً أن تخاف أوروبا وتركيا من الإنسحاب الأميركي وأن تتحدّث كلّ منها عن نوايا البقاء بطريقة مختلفة وهو عبث لن يدوم ولا أفق له لكنه تعبير عن الامتعاض من أنانية أميركية على حساب الحلفاء الذين يدفعون فواتير حروب قرّرت أميركا إشعالها واستعملتهم وها هم يواجهون وحدهم الخسائر.
ـ نجاح إيران هنا لا ينفصل عن نجاحها في تثبيت تحالف استراتيجي مع روسيا والصين ترجمته الحرب في سورية كما ترجمه الرفض الروسي لمقايضات عرضتها واشنطن على ظهر إيران ولو لم تكن إيران قوة استراتيجية عظمى ما كان هذا التحالف وذاك التمسك.
التعليق السياسي