رياشي: لا مكان للإرهاب وللفكر الظلامي في أمة الحضارة والمقاومة
أقامت دائرة المحامين في الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل عشائها السنوي في اوتيل «رويال» ـ ضبية، حضره رئيس الحزب النائب أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، عضو الكتلة القومية النائب د. مروان فارس وعدد من المسؤولين المركزيين في الحزب.
كما حضر أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان، نقيبا طرابلس ميشال خوري وفهد المقدم والنقباء السابقون للمحامين في بيروت وطرابلس: عصام خوري، عصام كرم، أنطوان اقليموس، أمل حداد، نهاد جبر، أعضاء مجلس النقابة في بيروت ناضر كسبار وأنطونيو الهاشم وجورج نخلة وفادي بركات، ممثلون عن مكاتب المحامين في حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المرده وحزب الوعد وحزب الطاشناق، الحزب الديمقراطي اللبناني، والإسعاف الشعبي. كما حضر رئيس بلدية الدكوانة أنطوان شختورة والرئيس العالمي السابق للجامعة الثقافية مسعد حجل ورئيسة جمعية نور مارلين حردان وجمع من المحامين.
قدّم الحفل ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية المتن الشمالي المحامي هشام الخوري حنا، وقال في كلمته: نجتمع زملاء أعزاء وأصدقاء أوفياء، مضمّخين بالفكر والعلم والإنتاج، شاهرين باليمنى سيف الحق وباليسرى راية العدل، محصّنين بنقابة المحامين… أمّ النقابات، النقابة المنارة، التي تُهدي إلى الصراط المستقيم، وتسدّد الخطى نحو الحقّ، وتنشر جنودها، المحامين، جنود القانون، العاملين والمجاهدين في سبيل الحقّ والعدل والحرية والديمقراطية.
نلتقي ونحن على أعتاب السادس عشر من تشرين الثاني، العيد الثاني والثمانين لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب الوحدة والوعي والتحدي، حزب الشغف الذي لا يعرف البلادة والفتور، حزب الثقافة والإبداع وابتداع الحياة الجميلة الجديدة، الحزب الذي لا يستريح إلى فكرة الوصول، لأنّ الوصول جمودٌ واستنقاع، فكلّما تسلقنا قمة لاحت لنا قممٌ جديدةٌ في رحلةٍ صراعيةٍ معرفيةٍ مستمرة.
أقام سعاده صروحاً للحياة، رفع ميزان العقل والروح والقيم، رسّخ مبدأ الوحدةِ وأبجدية الشهادة التي مشى إليها في فجر الثامن من تموز… طافحاً بالأملِ والعزم، فهتف وسطَ الشتات: «إنّ الحياة وقفةُ عز فقط»… «آمنتُ بكم أمةً هاديةً عظيمةً معلمةً للعالم فيها قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ».
آمن سعاده بالقانون حتى ولو جارَ، وقال: «أنا أحترمُ القانون مهما بلغ سوء هذا القانون فهو أفضل من اللاقانون، فالقانون هو رمز سيادة الشعب، لذا أنا احترمُ القانون.
وأكمل خطاهُ بثقة وعزم وصوته يصدّع جبين الصباح: أنا أموتُ أمّا حزبي فباقٍ.
كلمة دائرة المحامين
وألقى مدير دائرة المحامين في الحزب المحامي ريشار رياشي كلمة قال فيها: كنا نتمنى أن تكون أمتنا في تقدّم وتطوّر مستمرّين على كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية، إلا أنّ ما عصف ويعصف بمنطقتنا جعل الأزمنة مملوءة بالصعاب، والأمة تتعرّض لأشرس هجوم من أعدائها، والخطاب الطائفي التحريضي المعمّم منذ ردح من الزمن، أيقظ في مجتمعنا القوى الظلامية المتطرفة التي أعماها الحقد والتحريض، وتمّ رفدها بمرتزقة من كلّ حدب وصوب، لتلعب دوراً تفتيتياً هدّاماً للإنسان والبنيان في مجتمعنا، فالفتنة تتنقل من كيان إلى كيان ومن منطقة إلى أخرى تحت صور ومسمّيات مختلفة، فتارة باسم الثورة وتارة باسم الربيع العربي، وبعد انقشاع الغبار تبيّن أنه لا ثورة ولا من يثورون ولا ربيع موعوداً ولا من يعِدون…
وقال رياشي: باطلة كل ثورة ما لم تكن تهدف إلى الحرية والعدالة والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والمقاومة والتحرير، وباطلة كلّ ثورة تنبع من عقول ظلامية حاقدة، فبعض الثورات في التاريخ أغنت المجتمعات بالفكر، وحرّرتها من الظلم والاستعباد بخلاف «ثورة» الظلاميين المتطرفين التي لا تهدف إلا إلى التعتيم والجهل.
وأضاف: أما ما يسمى «الربيع العربي» الذي تغنّى به الظلاميون فتساقطت أوراقه قبل أن يبدأ، وتحوّلت منطقتنا إلى شتاء أسود عاصف ظهر من خلاله واقع المولود المتطرف المشوّه ليعلن جهاده على الله وعلى كلّ مخالف للرأي، وذلك كله بدعم من أعداء الأمة من يهود وعثمانيين جدد ومشيخات ومستعربين أذلاء من جماعات الزفت والنفط الأسود، كأنه مطلوب منا أن نخضع للابتزاز والتهديد، ونقدّم أرضنا وخيراتنا للأعداء طالبين الصفح عن النضالات التي خاضها أبناء شعبنا وحققوا فيها الإنجازات والانتصارات.
وتابع رياشي: لكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر ولن يطابقه، فصمود الشام بجيشها الباسل وحكمة قائدها الرئيس الدكتور بشار الأسد، وبدعم مباشر من المقاومة في لبنان ونسور الزوبعة وأبناء العز في أمتنا، أسقطت عند أعتاب الشام وعلى أبواب دمشق رعاع الترك والعربان واليهود، وأفشلت المخطط وأزاحت القناع عن وجوه المتآمرين الذين لا همّ لهم سوى مصلحة العدو «الإسرائيلي» وقوى الاستعمار الجديد، فتحية الى الجيش العربي السوري البطل.
وأردف: كلما تهاوى مشروع المتطرفين الارهابيين استعرّت الفتنة أكثر فأكثر، وتمّ البحث عن أماكن جديدة تعمّم فيها الفوضى والحقد، فتوجهت أنظار المتآمرين باتجاه لبنان، أرض المقاومة ووقفات العز، ووحدة الحياة، علّها تجد مكاناً خصباً للفتنة، آملة بالتصادم المباشر بين اللبنانيين لإضعاف مقوّمات صمودهم ومقاومتهم وتفتيت جيشهم الذي يتعرّض لأبشع أنواع التنكيل، فيحرم من التجهيز والتمويل، حيث الهبات المشروطة مقبولة أما الهبات غير المشروطة التي تهدف إلى تعزيز الجيش من دون مقابل فهي موضع نقاش وأخذ وردّ بهدف التمييع والرفض.
تحرك المتطرفون بحقدهم وعقولهم السوداء بعد أن حضَّر بعض السياسيين ورجال الدين الأجواء لهم لضرب الجيش، والمجتمع بكامله بالفتنة، وبدعم مباشر وغير مباشر تلقوه من الداخل والخارج وبأوجه مختلفة، لا سيما إفراغ المؤسسات من محتواها، فتمّ تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتمّ تعطيل المجلس النيابي وإصدار قانون انتخابي عادل وتعطيل إجراء انتخابات نيابية، أما مجلس الوزراء فأصبح مجلساً ملياً تحكمه بدع دستورية، فهو مجلس متعدّد الروؤس والأرجل، في حين أنّ كلّ شيء في لبنان أصبح وجهة نظر… حتى الإرهاب يجد بعضهم له تبريرات بحجة مساندة الظلم والمظلومين، فبعض السياسيين لا همّ لهم سوى التصويب على المقاومة وجمهورها، فتُتهم زوراً بعدم التعاون في تنفيذ الخطط الأمنية، وهو اتهام يهدف إلى تغطية الانتهاكات وتقويض سيادة لبنان وتجميل وجه الإرهاب وإعطائه الفرص للتمدّد والانفلاش.
وقال رياشي: أما العدالة… وعن أية عدالة نتحدث؟ فمؤسسة العدالة التي يجب أن تكون واحدة لا تميّز مواطناً عن آخر، تحوّلت إلى مؤسسة شبه تجارية على قاعدة الربح والخسارة في المناطق والطوائف، فالمسؤول المباشر عنها تارة يتزعّم قادة المحاور في طرابلس، وتارة يسعى إلى قمع المنتفضين في وجه التطرف والمتطرفين، وتارة يزعم أنّ الساعين إلى إنشاء إمارة في طرابلس هم خارج المدينة ثمّ نراهم محصّنين في أزقتها يطلقون نيرانهم وأحقادهم على جيشنا اللبناني البطل، وبعد اتخاذ القرار من قبل جيشنا الباسل بالقضاء على هذه الظاهرة يتدخل مع العديد من المتآمرين على الوطن لتأمين ممرات آمنة لإخراج الإرهابيين وتكرار مأساة عرسال من خطف العسكريين واحتلال لجرودها، فالسيادة لدى هؤلاء لا وجود لها إلا إذا اقتضت ذلك مصالحهم، وتصل الوقاحة الى حدّ تشبيه سلاح المقاومة بسلاح التكفير والقتل المتنقل من الشام الى العراق فلبنان، فأين المحاسبة لهؤلاء المتآمرين على لبنان ووحدته من وزراء ونواب وسياسيين ورجال دين؟ وهنا نؤكد أنّ لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته سيسقط المؤامرة والإرهاب، وسيكون الانتصار حليف الأمة، فتحية الى جيشنا الباسل قيادة وضباطاً وأفراداً فله كلّ التقدير والاعتزاز.
أما بعض الإعلام فبدل أن يسعى إلى وحدة المجتمع وتحصينه كما هو مفروض عليه قانوناً، نراه في حالة من الفوضى من خلال السعي إلى السبق الإعلامي أياً تكن النتائج المدمّرة للمجتمع، ولا حسيب أو رقيب على هذا المستوى.
وللزملاء المحامين الأحباء الكرام الحلفاء والأصدقاء نقول: مطلوب منا جميعاً اليوم، في ظلّ الأخطار التي نواجهها أكثر من أي وقت مضى، وقفة واحدة واستراتيجية واحدة مهمتها الحفاظ على نقابة حامية للوحدة الوطنية والاستقلال الحقيقي، لا مكان فيها للمحاباة والاستنسابية والتوجهات السياسية في التعاطي مع المحامين، وعلى أن يكون رأي المحامين في المسائل النقابية مسموعاً وبرحابة صدر كونه حقاً من حقوق المحامين.
مطلوب نقابة تحصّن القضاء وتحميه من التدخلات والنفوذ والتأثير، بحيث لا يحكمه سوى القانون والعلم ومبادئ العدالة والإنصاف.
مطلوب نقابة جامعة لكلّ المحامين تتابع أوضاعهم متابعة فاعلة في كلّ المجالات المهنية والاقتصادية والمعيشية.
مطلوب نقابة تدافع عن العدالة وتبقى عيناً ساهرة كي لا تخرج هذه العدالة عن مسار الحق والحقيقة وتكون صرحاً لكلّ القضايا الوطنية لا يعلوها صرح.
وللقضاء الذي له منا كلّ التحية، دعوة إلى تطبيق القانون على قاعدة وحدة المعايير بين المواطنين والمساواة في ما بينهم، وإلى انتفاضة قانونية وعلمية، فالقانون رمز سيادة الشعب، ومذكرات القضاء واستناباته يجب ان تنفذ من دون عذر من أحد، ويجب أن يلاحَق المرتكبون والمتآمرون على أمن الوطن وعلى وحدته وعلى جيشه مهما علا شأنهم، فلا حصانة نيابية في الخيانة وفي الجرائم المشهودة التي لا يمكن أن تحميها البيانات السياسية التي تستنكر التعرّض لهذه الحصانة.
وإننا إذ نؤكد أنّ عدم محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا مجزرة حلبا، والذين سيدفعون غالياً ثمن ما اقترفوه بحق القوميين الاجتماعيين عاجلاً أم أجلاً، أوصل الأمور الى ما وصلت اليه من استخفاف بالدولة والقضاء والأجهزة الأمنية، فمرتكبو المجازر في حق المواطنين والمعتدين على الجيش هم هم، من الضنية مروراً بحلبا وصولاً الى عرسال ومنها إلى صيدا فطرابلس، ما يوجب على المعنيين البدء بالملاحقة القانونية للمدعو خالد الضاهر وأمثاله لتكرّ السبحة وتكون بداية الطريق لإعادة الهيبة الى الدولة والأمان للبنانيين.
واختتم: لا يُبنى مجتمع ولا تنشأ نهضة ما دامت العصبيات الطائفية والمذهبية والعائلية تتحكم به، ولأنّ المحامين هم النواة التي يعوّل عليها، فلنقف جميعاً صفاً واحداً لتصحيح مسار عام أصبح يهدّد بانهيار حتمي للبنان ومؤسساته، فلننطلق من نقابتنا كما عهدنا دائماً بمسار وطني وحدوي يحصّن النقابة ولبنان ومؤسساته، فتكون نقابة المحامين منطلقاً لتحقيق الحراك المذكور وفسحة أمل تتوسع لتشمل كل لبنان.
وختاماً قدمت دائرة المحامين إلى المشاركين في الحفل كتب المحاضرات العشر للزعيم أنطون سعاده كهدية رمزية وعربون محبة وتقدير.