هل تتدخل وزارة الخارجية والمغتربين لإلغاء مؤتمر أكرا الاغترابي؟

علي بدرالدين

تتعرّض الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لتحدّ جديد يتمثل بإقدام مجموعة من المغتربين على إنشاء ما يسمّى بـ «الهيئة الانتقالية لإنقاذ الجامعة» والدعوة إلى عقد مؤتمر لها في أكرا عاصمة غانا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، في زمان ومكان خاطئين وفي مرحلة يعوّل فيها الوطن على مقيميه ومغتربيه للمشاركة في ورشة إنقاذه والنهوض باقتصاده وهو المهدّد بحاضره ومستقبله وأحوج ما يكون الى أبنائه أينما كانوا وإلى مؤسساته الفاعلة في الداخل والخارج، ومنها المؤسسة الاغترابية الأمّ، التي لنا كما لغيرنا ملاحظات وتحفظات ليس وقتها الآن، ويمكن معالجتها بصدق النوايا والانفتاح والحوار والتفاهم، وبتغليب المصلحة الوطنية على ما عداها.

إنّ الإعلان عما يسمّى بالهيئة الانتقالية والدعوة الى المؤتمر خطوتان ناقصتان وتعززان الانقسام، بل إنهما خطأ قاتل جاء في توقيت غير بريء وقد يكون غير مقصود، لا سيما أنّ الوطن يمرّ في ظروف اقتصادية ومالية استثنائية وقاسية وتنذر بأسوأ العواقب وتفرض على اللبنانيين جميعاً مراعاة أوضاع وطنهم وحمايته بتوحّدهم وتعاونهم بخاصة المغتربين الذين لم يبخلوا يوماً عليه وكانوا من أشدّ الحرصاء والداعمين له وما زالوا، على عكس ما يسلكه الداعون إلى مؤتمر أكرا، الذين بإصرارهم على عقد المؤتمر وتشكيل ما يسمّى بالهيئة الانتقالية الإنقاذية يُمعنون بالجامعة والاغتراب تقسيماً وشرذمة من أجل مناصب فضفاضة وأوهام وأضغاث أحلام لا تمتّ للواقع بصلة في تحدّ جديد لشرعية الجامعة وأنظمتها وقوانينها.

وقد أكد رئيس المجلس القاري الأفريقي عباس فواز لـ«البناء» أنّ الاعلان عما يسمّى بـ «الهيئة الانتقالية لإنقاذ الجامعة» وعقد مؤتمر لها في أكرا لا شرعية قانونية لهما، ويشكلان خروجاً فاضحاً عن الجامعة الشرعية والإجماع الاغترابي الوطني، ولن يضيفا جديداً، بل على العكس يحمّلان الوطن ومؤسساته الاغترابية عبئاً إضافياً وثقيلاً، ويعرقلان كلّ المساعي الجارية لتوحيد الجامعة وفتح آفاق جديدة للحوار والتفاهم، ولأنّ المصلحة الوطنية العليا تقتضي التضحية والتنازل من كلّ الأطراف أياً كان موقعهم وموقفهم.

وآمل فواز أن تستجيب وزارة الخارجية والمغتربين لمناشدة المؤسسات والجمعيات والفاعليات الاغترابية للتدخل واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحؤول دون انعقاد مؤتمر أكرا، حفاظاً على الجامعة ووحدة الجاليات.

وأصدر المجلس العالمي للجامعة بياناً نفى فيه وجود ما يسمّى بـ «الهيئة الانتقالية لإنقاذ الجامعة»، وأكد أنّ من يروّج لها من منتحلي الصفة وكلّ دعواتهم لاجتماعات ومؤتمرات تعتبر باطلة ولا تمثل لا الجامعة ولا أحداً في عالم الاغتراب.

ورأى مصدر اغترابي متابع في الدعوة الى مؤتمر أكرا عملاً فردياً وغير قانوني، ولا يمتّ بصلة إلى الجامعة الشرعية المعترف بها رسمياً وقانونياً، والممثلة الوحيدة للمغتربين اللبنانيين وهو عمل مشبوه، مشدّداً على ضرورة العمل لإلغائه.

وحذر المصدر من إقدام وزارة الخارجية والمغتربين على تكليف سفير لبنان في غانا تمثيلها في المؤتمر أو حضوره تفادياً لحدوث تداعيات غير محسوبة، لأنّ المطلوب من الحكومة الجديدة ووزارة الخارجية في سياق المشروع الإصلاحي الموعود الذي تضمّنه البيان الوزاري عدم تغييب المغتربين وجامعتهم، بل إعطائهم الاهتمام والمتابعة والمشاركة في القرار على قاعدة أهمية دورهم الوطني الاغترابي الداعم للوطن بكلّ الإمكانات وفي أصعب الظروف.

إنّ الحفاظ على وحدة الجامعة ممثلة المغتربين الشرعية يستدعي تدخل الحكومة والوزارة المعنية تحديداً لوضع حدّ للذين يُمعنون في تهميشها وتقسيمها ومحاولات طمس تاريخها ودورها الوطني الوحدوي الحاضن للمغتربين، وهي قانوناً وواقعاً بعيدة عن السياسات الضيقة والحزبية والطائفية والعنصرية والفئوية، وهي التي صانت الجامعة رغم ما تتعرّض له من تصويب وتحديات وانقسامات وطعنات من ذوي القربى، محصّنة بالشرعية وبالتفاف المغتربين حولها والاعتراف بها ممثلة شرعية وحيدة لهم.

الأسئلة المطروحة: هل سيصرّ الداعون على عقد المؤتمر بزمانه ومكانه، خلافاً للإجماع الاغترابي الرافض له؟ أم سيكون لوزارة الخارجية والمغتربين رأي آخر وتتدخل قبل وقوع المحظور وللحفاظ على ما تبقى من هيبة الجامعة؟ أم سيدقّ مسمار آخر في نعش الجامعة وتطلق عليها رصاصة الرحمة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى