«ألواح تتكلم»… معرض لوحات عن الحضارة السورية وآثارها بريشة أنثوية
شذى حمود
الحضارة السورية بعراقتها وآثارها تجلّت بتنوعها وعظمتها في معرض «ألواح تتكلم» في دار الأسد للثقافة والفنون لسبع وعشرين فنانة من مرسم أورنينا بطرطوس جسّدن بلوحاتهن صوراً من تاريخ سورية وما تعاقب عليها من حضارات.
واتّسمت لوحات المعرض بأسلوب واحد يعطي إحساس الحجر القديم بإحفوراته ونتوءاته الخشنة مع سطح أملس ناعم كالبلور في إضافة إلى الحياة البصرية المعاصرة فجاءت اللوحات المرسومة بألوان زيتية على القماش وبتكنيك بصري جديد لتحاكي منحوتات مأخوذة من الآثار السورية يعود عهدها من الألف التاسع قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي وموجودة حالياً في متاحف دمشق وحلب وتدمر ومناطق مختلفة من سورية، فضلاً عن متاحف عالمية كبرلين والمتحف البريطاني واللوفر وشيكاغو.
وقال التشكيلي جورج شمعون مؤسّس تجمع فنانات أورنينا ومشروع «ألواح تتكلم» في تصريح إنّ فكرة المعرض جاءت من باب توثيقي وثقافي حيث أنّ الفن السوري موجود منذ آلاف السنين ويسبق الفكر اليوناني ويهدف المشروع إلى توثيق الآثار الموجودة في سورية وما سرق منها وتعرض للتخريب والدمار وتحريض الباحث على الاهتمام بنتاج أجدادنا وعظمته.
ولفت شمعون إلى أنه بعد اختياره الفكرة الأولى للمشروع ابتكرت الفنانات المشاركات أسلوب التنفيذ بكل براعة، وهذا يؤكد أنّ الإنسان السوري يمتلك جينة حضارية عمرها آلاف السنين.
وأوضحت الفنانة التشكيلية سماهر دلا مديرة مرسم أورنينا والمشرفة على المشروع في تصريح مماثل أنّ العمل على المعرض استمر نحو سنتين ونصف السنة بهدف التعريف والتذكير بآثارنا التي تحكي عن حضارة سورية منذ آلاف السنين حيث جاءت مشاركتها من خلال لوحتين تدمريتين تمثل الأولى إله الشمس والقمر والثانية عشتار بطريقة فنية مبتكرة.
وجاءت مشاركة دانيا هارون التي تحمل إجازة في الأدب الانكليزي من خلال ست لوحات سلطت من خلالها الضوء على حضارات سورية متعاقبة عدة وتنوعها كالآشورية والتدمرية وغيرها بأسلوب بصري جديد يعطي إحساس الحجر الخشن بملمس ناعم.
وعبّرت الدكتورة فيفيان جبور عن سعادتها بالمشاركة في هذا المعرض لأنه يركز على الآثار السورية باعتبارها تراثنا وتاريخنا الذي تعرض للتخريب والدمار حيث جاءت مشاركتها من خلال خمس لوحات جسدت الآلهة والملكات والأنثى السورية عبر التاريخ، إضافة إلى لوحة الأسد الموجودة على باب متحف تدمر الذي تعرض للتخريب على يد إرهابيي «داعش» ورمم حديثاً.
ومن خلال قصة متكاملة لثلاث لوحات عبّرت الدكتورة في الهندسة لبنى علي عن أهمية الحضارة السورية وضرورة تذكير الأجيال بها وبما تحتويه من كنوز، لافتة إلى أنّ فكرة المعرض جديدة ومميزة.
ولفتت مدرسة اللغة الفرنسية حسانة هيكل إلى أنّ هواية الرسم تنمي الروح وتعكس جمالية الداخل حيث جسّدت من خلالها لوحاتها الأربع الآلهة عشتار والإله حدّد، إضافة إلى تجسيدها الزي التقليدي التدمري لامرأة من تدمر، مشيرة إلى أهمية هذه المعارض في التعريف بحضارتنا وآثارنا وتراثنا العظيم.
وأقيمت على هامش المعرض أمسية موسيقية أحيتها جوقة القيثارة وأدى الأطفال المشاركون خلالها باقة من أغاني التراث السوري الجميل.
يشار إلى أنّ المعرض الذي يقام بالتعاون بين جمعية «نبض سورية» وتجمع فنانات أورنينا يستمر لغاية الثامن والعشرين من الشهر الحالي.