مشكلات عربية متقاطعة
بلال رفعت شرارة
الصورة، صورة الحركة السياسية والمتنوّعة في بلادنا مهزوزة بل مشعورة بل من المؤكد أنها مكسورة. هي ليست ولا بدّ بأيّ حال من الأحوال بإختلاف وجهات النظر إزاء واقع الحال لولا الإيجابية الإقليمية العربية الوحيدة المتمثلة بزيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران لكانت الوقائع كلها تعاكس الآمال.
ففي فلسطين نعيش واقع ردّ الفعل على الإجراءات الاحتلالية «الإسرائيلية»، إذ تقوم سلطات الاحتلال بإغلاق إحدى بوابات المسجد الأقصى المبارك فيردّ الفلسطينيون بإقتحام ذلك الباب وفتحه، تمضي سلطات الاحتلال في مجازرها وتغطيتها انطلاقاً من الحرم الإبراهيمي، كما تمضي قدُماً في مشروعها لجعل القدس عاصمة أبدية لــــ «إسرائيل»، وهي تتخذ جملة إجراءت إضافة الى الاستيطان والمناطق الاستيطانية حول القدس و تملك المساحات المقدسية ومن ضمنها إنشاء كنسيت «إسرائيلي» أسفل قبة الصخرة بالاستفادة من الحفريات التي جرت طيلة السنوات المنصرمة بحثاً عن الهيكل. «إسرائيل» تسعى لا إلى إلغاء الطابع العربي الإسلامي المسيحي للقدس فحسب، بل إلى «أسرلة» المدينة وجعلها مدينة يهودية تعرّضت لغزو ! بعض العرب، لذلك تقتضي إزالة تلك التشوّهات ! التاريخية.
وفي لبنان تتكاثر مظاهر الدويلات على حساب الدولة، إذ يبدو أنّ هناك من سكت على مضض على قرار المجلس الدستوري إبطال نيابة نائبة طرابلس ديما جمالي، فيما اعتبر آخرون أنّ قرار الدستوري غير كاف وانّ هناك العديد من الطعون التي قفز فوقها الدستوري فيما وصل الأمر بالبعض إلى مطالبة الدستوري بإلغاء النتائج الكاملة للانتخابات. كلّ هذا يجري فيما إسرائيل تجري مناورات عسكرية لحماية منصات استخراج النفط من البحر المتوسط، وتواصل قرصنة الموارد البحرية اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وفي سورية تواصل كلّ من تركيا والولايات المتحدة الأميركية مساعيهما لإقامة دويلة مقتطعة عن سورية شمال الفرات، وكذلك يجري تبسيط الحرب على إدلب التي تحمل أسبابها في الحشود الإرهابية القادمة إليها من مختلف البلاد السورية والتي تستدعي حسم الحكومة السورية لأمرها ومعها حلفاؤها من روس وإيرانيين وإجراء جراحة عسكرية لتطهيرها من الإرهاب٠ في هذا الوقت يدرس ! الكونغرس الأميركي مشروع قانون للاعتراف بـ «السيادة الإسرائيلية» على الجولان؟!
وفي العراق فإنّ واشنطن وضعت هذا البلد أمام الاختيار بين تشريع قواتها في 31 قاعدة عسكرية منتشرة في البلاد أو العودة لإطلاق مارد الإرهاب انطلاقاً من الأنبار، والإشارة إلى وجود 3000 مسلح وقد يرتفع عددهم إلى 5000 بقيادة البغدادي الذي يتحرك في الأنفاق بإتجاه الصحراء، الأمر الذي يهدّد الأمن السوري كذلك.
وفي اليمن تبدو الحديدة وميناؤها كساحات اختبار هشة للحرب المندلعة في هذا البلد.
وفي مصر فإنّ الحرب ضدّ الإرهاب لا تكاد تحط أوزارها حتى تشتعل مجدّداً، فقد شهدت البلاد عمليتين واحدة في سيناء حيث كان الجيش لا يريد اقتحام المنطقة حتى لا يوقع خسائر عالية في المدنيين، وأخرى في قلب المدينة القديمة من القاهرة، وقد وقعت العمليتان فيما كان مجلس النواب المصري يبحث مشروعية تمديد الولاية الدستورية للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي ليبيا يتبع المشير حفتر نفس أسلوب ثعلب الصحراء الجنرال رومل في تطويق المدن الرئيسة فإنْ عصت عليه عمد إلى تطويقها وسلك خطاً عسكرياً جديداً مكّنه من تحرير الجنوب الليبي إضافة إلى حقول النفط الليبية.
أما في السودان فإنّ الاحتجاجات لا زالت رغم إجراءات الرئيس السوداني المشير عمر البشير حلّ الحكومة وحكومات الولايات وسلسلة التعيينات التي أصدرها – لا زالت – تتصدّر صورة المشهد السياسي في هذا البلد العربي/ الأفريقي الذي لا تبشر أوضاعه بالخير، فقد سبق ان فتحت الانقسامات السودانية والحروب الصغيرة المشتعلة بين جهات السودان الشهية العربية على ربيع ! عربي داخلي ومع الجوار المسلم تكاد لا تنتهي.
بعد ذلك كله كيف ترانا نتفاءل بالآتي من الأيام… الأشهر… السنوات… ويا ترى هل نحن إزاء أيّ صورة حركة لما سيجري على مساحة الجغرافيا والناس العرب؟
هذه الصورة المشهد ليست متكاملة وهي قفزت فوق العديد من الوقائع العربية في الأردن ودول الخليج وتونس والمغرب والجزائر وغيرهم…