حوار للحفاظ على الميثاقية
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
من ينظر إلى البيئة السياسية والأمنية في المنطقة والنزاعات المستفحلة فيها، لا يسعه الاعتقاد أن التسويات قادمة .
على رغم الحراك الحالي من مسقط التي تجرى فيها محادثات لإنهاء الخلاف حول الملف النووي، إلى سورية حيث مبادرة المبعوث الأممي، إلى العراق حيث يجرى ترتيب ظروف أفضل لتحسين العلاقات مع السعودية. فإننا لا نجد أن ثغرات الأزمات يُمكن أن تُردم بحلول تصالحية توافقية تعيد تحقيق التوازن العام بين مختلف القوى العاملة في المنطقة .
ليس هذا تشاؤماً، ولكن حين نتوقف عند دوافع الولايات المتحدة الأميركية التي يمكن أن تفعل كل شيء للعودة بقوة إلى المنطقة، خصوصاً العراق، وعندما ندرك السياسات الهوجاء لبعض الدول الإقليمية، والهوس المتأصل لدى القيادة «الإسرائيلية»، ساعتئذٍ نصل إلى نتيجة مفادها أن التهدئة لن تستقر إلا لوقت قصير، وأن الصدوع الكبيرة هي التي ستتحكم بأنساق المستقبل .
ولا شك أنّ ما هو ملاحظ على الساحة الفلسطينية يستلزم درجة عالية من المواكبة والمتابعة لأنّ نوايا إسرائيل هي في تعقيد المشهد الإقليمي برمته وتعطيل مجمل المسار التفاوضي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران الذي يحتاج إلى ظروف إضافية للوصول إلى نتائج ملموسة. في الوقت الراهن وبينما تتوزع المنطقة على محاور متعددة تطفو على سطح المشهد توجهات خطيرة تخرج من الكيان «الإسرائيلي» أحدها إعلان لحظة الحرب على كل المعادلات السياسية والاستراتيجية القائمة. وحين نتبع مسار الحراك الحالي في فلسطين وخصوصاً الحراك الشعبي في الضفة الغربية والمواجهات اليومية بين قوات الاحتلال والفلسطينيين ندرك أن الوضع الفلسطيني قد يقلب كل المعادلات وكل ما يمكن أن يتحقق من معالجة وتسويات ظرفية .
في الوقت الذي نرى حركة سياسية ودبلوماسية نشيطة بين عواصم القرار لوقف التصدع الكبير في موازين وجغرافيا العالم العربي، وفي ظل تراكم الجهود في سياق إنجاز إطار جدي للتفاهم بين القوى الإقليمية والدولية حول ملفات المنطقة، إلا أننا نشعر أن المخاطر تتعاظم وما علينا كلبنانيين إلا أن نحصّن بلدنا بمزيد من التماسك والوحدة والحوار الداخلي. الحوار الذي يحافظ على الميثاقية وعلى دور كل المكونات في بقاء الوطن وديمومته. الحوار الذي تنطلق به كل القوى بلا استثناء فلا يكون محصوراً بين حزب الله والمستقبل أو بين المستقبل والتيار الوطني الحر وإنما المطلوب تعميم ثقافة تعيد المسائل السياسية والخلافات حولها إلى الاعتبار الوطني والهوية الوطنية.