حسين مرتضى

حسين مرتضى

رشقات بالأدلة متفرّقة لملفات مفتوحة حول الفضائح المالية في لبنان، ملفات من المفترض ان تجد طريقها للقضاء والمربكون يحمّلون أنفسهم المسؤولية بأنفسهم، كلام بدأ يصدر يميناً وشمالاً في أروقة السياسة والقضاء في لبنان، وبعضهم بدأ بتحضير مرافعات استباقية، ومنهم من بدأ بالفعل الدفاع عن نفسه، ومنهم الرئيس السابق للحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، الذي بدا مقتنعاً بأنه المعني بالملف المُثار من قبل النائب حسن فضل الله، مع العلم أنّ أحداً لم يتهمه بالاسم، واختار السنيورة أن يظهر أمام الرأي العام، في مؤتمر صحافي عقده في نقابة الصحافة، في محاولة لاستمالة الأوساط السياسية، التي تعتبر نفسها مدافعة عن فريق ما، السنيورة في مؤتمره الصحافي لم يقدّم أيّ دليل أو وثيقة، بل كان عرضاً ظهر خلاله مربكاً، وحتى الحضور في الصفوف الأمامية بين نائم وبين من يعبث بهاتفه الخليوي، وكلّ ما يفهم من هذا المؤتمر هو ما قاله في الأربع دقائق الأخيرة منه، حيث استحضر السنيورة الخطاب الطائفي، وبث العديد من الرسائل التي تحمل التحريض والتهديد والوعيد، وفق الأساليب التي كانت سائدة فترة 2005 وما بعدها، متناسياً أنّ الزمن قد تغيّر والظروف السياسية اختلفت، واعتمد في تلك الدقائق الأربع أيضاً على تتويه الموضوع بين الزواريب السياسية والفساد، وهنا نسأل إنْ كان صادقاً بما يدّعي، لماذا كلّ هذا التوتر الذي كان واضحاً ولماذا الاستنجاد بالشارع، ولماذا أخذ ملف محاربة الفساد باتجاه طائفي، ولماذا لم يقدّم أوراقه للقضاء، لماذا كلّ هذا القلق والخوف.

الأيام الماضية التي اتسمت بانطلاق عجلة كشف الفساد، المتنقلة من حكومات متعاقبة، جاءت بعد ثورة حقيقية للنائب حسن فضل الله، أكد فيها عزمه على البدء بمكافحة الفساد من أعلى السلم، حتى أدناه، كشف حسابٍ حقيقي قدّمه النائب فضل الله، مستندات ووثائق تحدث فيها عن قضايا فساد ومناقصات وقروض وهبات، لم يذكر فيها أسماء، ولم يلمح لنشر أسماء بأيّ وقت قريب، كلّ ما تحدث عنه، هو وجود مستندات سيقدّمها للقضاء، للحدّ من عمليات الفساد، اللافت في الموضوع، أنّ المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة السابق، جاء بعد حراك محموم، أعقب كلام النائب فضل الله بساعات قليلة، حيث تحرك فؤاد السنيورة، بشكل غريب وعجيب ومريب، وبدأ بالتحدث بطريقة تشير وتشي بأنه هو المستهدف من كلام النائب، وكان السنيورة وضع نفسه موضع الشبهة وترأس رأس الفساد في لبنان، ومن ثم حاول السنيورة استغلال المسألة بالطريقة التي تحدثنا عنها، وهنا نسأل بعض المسؤولين، لماذا يحاول السنيورة وفريقه إظهار طائفة ما في لبنان على أنها رأس الفساد، مع أنّ الجميع يعلم أنّ الفاسدين مجرد أشخاص، وهم موجودون في كلّ الطوائف، لكن من المعيب أن يقوم فؤاد السنيورة وغيره، بالذهاب إلى دار الإفتاء سواها من الأماكن، لإظهار أنّ طائفة بعينها هي المستهدفة من التطورات التي تحدث، فهذه نقطة خطيرة جداً.

ثم توجه أيضاً نحو البعد السياسي، فالتقى بأشرف ريفي ليدلي ريفي بتصريحات شعواء لا تحمل إلا التوتر ليدخل بعدها علوش على الخط وبنفس الأسلوب، كلام بكلام دون أيّ وثيقة، وبدأوا يطلقون المواقف بأنهم مستهدفون من هذه التصريحات، ومن حملات مكافحة الفساد في البلد، وهنا نسأل لماذا تضعون أنفسكم كأشخاص محدّدين بموضع المتهم والشبهات، فكلّ ما قاله النائب فضل الله، هو أنّ لديه ملفات سيقدّمها للقضاء، ولن يتحدث خارج القضاء ولن يذكر أسماء أحد من المتورّطين، وأما النقطة المهمة حول ما يثيره فريق السنيورة، أنه صرف الأموال ضمن الأطر القانونية لمهامه، وضمن التعليمات الحكومية، وهنا نقول، إنْ كانت سلوكياتكم بهذا الشكل القانوني الذي يدّعونه، لما الإرباك والتوتر والضربات الإستباقية ومذكرات الدفاع الجاهزة، وما يمنع السنيورة وسواه من إعداد ملف توضيحي وتفصيلي من الآن، لتقديمه أمام القضاء.

بعض الشخصيات بدأت بالتصريح والنفي، وكأنها تريد تثبيت التهم على نفسها، ثم يحاولون استغلال المؤسسة الدينية، وثم إلحاق الموضوع بالمؤسسة السياسية، عن طريق إلباس التهم لتيار المستقبل وغيره من حلفائه في الداخل اللبناني، هنا نلفت انتباه جميع السياسيين في لبنان إلى أنّ هذا الملف أكبر بكثير من أن يتمّ استغلاله، أو تأجيج الشارع من جديد، فلا يجوز استغلال اللبنانيين بهذه الطريقة، وأعتقد انّ الشعب اللبناني لن يقبل طيّ الموضوع بعد الكشف عن هذه الوثائق والمعلومات، ونتمنّى بأن تُفتح جميع ملفات الفساد، ولا أحد يريد أن يُشهّر بأسماء الفاسدين. في النهاية، ما نسعى اليه هو كلمة الفصل في القضاء، بحق كلّ من تلاعب بأموال الشعب، ومحاسبتهم على كلّ ما قاموا به، فالخصم الحقيقي لجميع اللبنانيين هو الفساد، وكما حمت المقاومة هذا الشعب من اعتداءات الكيان الإسرائيلي، أطلقها نوابها في المجلس، إنّ حماية أموال الشعب هي غايتنا، مع بقاء اليد ممدودة لكلّ من هو جادّ في مكافحة الفساد، بمعزل عن السياسة وهمومها. ومحاسبتهم على أفعالهم وبمفعول رجعي ولكن ما يطمئن بالوصول الى النهائيات هو تحديد الهدف إذا أعلن فضل الله أنّ خصمنا هو الفاسد، وكما حمينا دماء الشعب فسوف نحمي ماله ويدنا ممدودة الى أيّ جهة جادة بعيداً عن الخصومة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى