كيجيان: منفتحون على أي مشروع يقع في أولوية الخطة التنموية في لبنان دبّوسي: لإنقاذ وطننا بمشاريع عملاقة تخلق عشرات آلاف فرص العمل
نظمت الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية، وبالتعاون مع نقابة المهندسين بطرابلس وغرفة التجارة والصناعة والزراعة، ندوة حوارية بعنوان «طريق الحرير ودوره في تنمية منطقة الشمال».
زيادة
بداية، تحدث نقيب مهندسي طرابلس بسام زيادة لافتاً إلى أنّ النقابة «تحرص بشكل دائم على غرس بذور العلم والإبداع والابتكار في المهندس ومحيطه، لخلق كوادر وطنية قادرة على تحقيق التقدم والمنافسة والاستفادة من كل الفرص المتاحة خدمة لوطننا وتحقيقاً للأمن الاقتصادي والسياسي والاستقرار المعيشي والاجتماعي لمختلف شرائح وأفراد مجتمعاتنا».
ورأى أنّ طرابلس «باتت محطة للجميع، فمنذ سنوات نشهد التوافد الدولي اليها، مستفيدة من موقعها الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة، وهو ما يؤهلها للعب دور كبير في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنّ هذا الدور بدأت ثماره الفعلية بالظهور مع التوقيع النفطي بين وزارة الطاقة والمياه وشركة «روسنفت» الروسية قبل نحو الشهر من اليوم».
وختم زيادة مؤكداً استعداد النقابة «لتلقف كل المبادرات الإيجابية، وفي طليعتها الشراكة مع دولة الصين العظيمة».
وأعقب ذلك عرض فيلم فيديو تعريفي عن طريق الحرير بين الماضي والحاضر.
الجسر
ثم عقدت ندوة حوارية حول «طريق الحرير ودوره في تنمية منطقة الشمال»، تحدث في النائب سمير الجسر الذي لفت إلى «أنّ الإزدهار الإقتصادي والتطور العلمي، خصوصاً في مجال قتصاد المعرفة والنمو الاستثنائي قد وفر للصين فائض عملات تجاوز بضع تريليونات من الدولارات. وإذا كان الإنتاج الصيني الفائض كما قالت نيويورك تايمز يعدّ أهم الدوافع التي تقف خلف مبادرة الصين في مشروعها «حزام واحد طريق واحد»، فإنّ الصينيين يعملون بتخطيط جيد لهذا المشروع مع الدول الـ 68 التي وافقت على المشاركة في المبادرة، وإنّ الصين تنفق حالياً 150 مليار دولار سنوياً، وإنّ المشروع حين يتكامل وينضج فإنّ حجم الاستثمارات سيبلغ 4 تريليونات دولار. ومن بين الاستثمارات فقد وظفت الصين في باكستان وحدها ما يقارب 50 مليار دولار في تطوير شبكة النقل والمرافىء».
ورأى الجسر «أنّ إحياء طريق الحرير بما تخطّط له الصين لن يكون له تأثير فقط على الحركة الاقتصادية، بل إنّ أثره سيمتد حتماً إلى الحالة الجيو سياسية. وفي النهاية هل أنّ لبنان وطرابلس تحديداً يقعان على طريق الحرير. أترك أمر الجواب عليه لسعادة السفير فهو أدرى بالاتفاقات التي تحضر».
وقال: «من دون أن أستبق الأمور، فإني أعتقد أنّ «الصينيين يتردّدون حتى اللحظة بالدخول في استثمارات مباشرة في لبنان لغياب الأرضية الخصبة للاستثمار المباشر كما يقولون. وهو تعبير لائق يشتهر به الصينيون ويستعملونه، وإني أعتقد أنّ تداعيات ظروف المنطقة على لبنان والأزمات السياسية الداخلية يحملهم على الإعتقاد أن لبنان لا يتمتع بالاستقرار الكافي للاستثمار المباشر فيه، مع العلم أن لبنان بما يتمتع به من مرافق نقل مرفأ بيروت مرفأ طرابلس المطارات ومع ما تقرّر في مؤتمر سيدر لتطوير المرافىء والطرق والمطار وسكة الحديد التي بحسب علمي جذبت إهتمام الصينيين، إضافة إلى قطاع الخدمات التي يوفرها لبنان وبالذات في القطاع المصرفي، فضلا عن الطاقة البشرية المتعلمة قد يشكل على الأقل مكتبا خلفيا مهما لكل من يرغب في المشاركة في إعادة إعمار سورية والعراق».
حبيش
ثم تحدث النائب هادي حبيش معتبراً «أنّ الاقتصاد والتنمية يوحدان الشعوب قبل الإيديولوجيات والسياسات، فما قيل قديماً «الإنسان يشبع ثم يتفلسف» أي أننا بحاجة إلى تأمين الرفاه المادي والاقتصادي لشعوبنا الذي سينعكس حتماً استقراراً وأمناً وسلاماً وثقافة علينا جميعاً، فالعملاق الصيني باقتصاده وثقافته وحضارته الممتدة لآلاف السنين قرر هدم السور العظيم وقرر الانفتاح على الشعوب والحضارات الأخرى، ونحن اللبنانيين ذاك الشعب الحي المنفتح صاحب التاريخ العريق في التجارة والثقافة والتلاقي نمد يدنا لكل ما فيه مصلحة الإنسان وخدمته وإنمائه وتطوره ولن نبني سوراً في وجه التطور والانفتاح».
السفير الصيني
ثم تحدث السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان فقال: «الهدف من هذه المبادرة تنسيق السياسات بين حكومات البلدان الواقعة على حزام طريق الحرير، الذي يمتد من شرق آسيا إلى أوروبا وشرق أفريقيا عن طريق آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط، وأيضاً حكومات البلدات التي تقع في الطريق البحري في القرن 21 الذي يبدأ من الصين إلى جنوب شرقي آسيا وصولاً إلى أفريقيا فأوروبا عن طريق البحر».
أضاف: «كثيراً ما نتكلم عن التعاون بين الصين ولبنان، ونقصد بذلك الحزام الذي يجمع هذه المنطقة بشكل عام، وهذا من النقاط الأساسية في هذه المبادرة، أي تنسيق السياسات بين الحكومات والتجارة وربط البنى التحتية والمرافق الأساسية في ما بينها، وتعزيز التعاون الإنمائي في ما بينها والتواصل الإنساني، ومن أهم القواعد الأساسية من هذه المبادرة هي التشاور في ما بين الأطراف المشاركة والعمل المشترك والتقاسم في النتائج».
وتابع: «آلية التنفيذ للمشاريع في هذه المبادرة هي أن تقوم الحكومات في هذه المنطقة بالعمل على إنشاء منصّة ووضع القواعد السياسية والإنمائية وستكون الشركات والمؤسسات هي الداعم الأساسي في التعاون وفق قواعد السوق والأوضاع الاقتصادية السائدة».
وقال: «آخر المستجدات على صعيد هذه المبادرة هو التوقيع على170 إتفاقية للتعاون في ما بين الصين وحكومات من دول مختلفة في العام الماضي في إطار حزام طريق الحرير وبلغ التبادل التجاري بين الصين وهذه البلدان ترليون و300 مليون دولار أميركي منها 704 مليار دولار صادرات صينية و560 مليار دولار واردات من هذه المناطق والبلدان، ووصلت قيمة الاستثمارات للشركات الصينية في هذه المناطق إلى 15 مليار و600 مليون دولار».
وأشار إلى أنه «تم إنجاز سلسلة من المشاريع في هذه المناطق وهي عبارة عن جسور وطرق وسكك حديد، وحصل تقدم كبير في مجال الاتفاقيات المتعلقة بالتجارة الحرة مع بلدان عديدة، وكذلك بوشر بتنفيذ مشاريع تتعلق بالبنى التحتية وصل عددها إلى 93 مشروعاً بعضها في لبنان، كما هناك مشاريع تتعلق بالاتصالات والأقمار الاصطناعية والتنمية العمرانية، كما تمّ تسيير رحلات مباشرة بالقطار من الصين إلى أوروبا».
وقال: «إنّ نجاح هذه المبادرة يكمن في قاعدة التشاور والعمل المشترك والتبصر في النتائج والاهتمام بالقواعد وعدم اللجوء إلى وضع قيود أو شروط، وفي ما يتعلق بلبنان تمّ التوقيع على مذكرة التفاهم بين الصين ولبنان، بالتعاون في إطار مبادرة حزام طريق الحرير في العام 2017 وتم الاتفاق بين الحكومتين بخصوص التمويل الصيني لبناء المعهد العالي للموسيقى في بيروت وقريباً سيفتتح لبنان البنك الآسيوي لتنمية البنية التحتية».
وتابع السفير الصيني: «في ما يتعلق بشمال لبنان ومن ضمن مشروع اتفاقية «سيدر» هناك مشاريع كثيرة بخصوص مدينة طرابلس وشمال لبنان، ونتطلع إلى مزيد من التعاون مع الحكومة اللبنانية ومع المسؤولين في شمال لبنان للبحث في إمكانية التعاون في ما بيننا لتنفيذ مشاريع تربوية واجتماعية وفقاً لاحتياجات الجانب اللبناني والخطة التنموية والأولويات التي تضعها الحكومة اللبنانية لتحقيق المنفعة المتبادلة للطرفين، والكثير من الأصدقاء اللبنانيين يهتمون بمشاريع محددة يمكن أن نعمل سوياً في طرابلس وشمال لبنان، وفي الحقيقة ووفقا لقاعدة التشاور والعمل المشترك والتقاسم في النتائج نعتمد على الجانب اللبناني لطرح الجانب التنموي والأولويات للبنان التي يجب أن نطلع عليها وعلى الخطة المتبعة في هذا المجال. وبالتالي ينشأ التشاور بشأن هذه الموضوعات، ومن جانبنا فإننا لا نطرح مواضيع محددة ولا خطط معينة للبنان أو لأي بلد أو منطقة».
وختم كيجيان: «نحن مستعدون للعمل مع الحكومة اللبنانية ومع المؤسسات اللبنانية لتنفيذ أي مشروع يمكن أن نتفق عليه ونحن منفتحون على أي مشروع قد يرى الجانب اللبناني أنه يقع في أولوية الخطة التنموية في لبنان ولها جدوى اقتصادية واجتماعية بعد مراجعة من قبل الشركات والمؤسسات المالية الصينية تتعلق بالجدوى الاقتصادية والاجتماعية لهذا المشروع أو ذاك، وأن تتفق الحكومتان على الاستفادة من دعم الجانب الصيني في ما يتعلق بالقروض الميسرة أو بوسائل أخرى. وقد قامت العديد من الشركات الصينية بجولات في مدينة طرابلس والشمال وشمل ذلك مرفأ طرابلس والمنطقة الاقتصادية».
دبوسي
وتحدث دبوسي متناولاً العلاقة بين طرابلس والشمال وبين الصين، متوقفاً عند المشروع الذي تسعى الغرفة إلى تحقيقه مع الجهات المعنية في إطار طريق الحرير والمتضمن ربط مرفأ طرابلس بمطار الرئيس رينيه معوض في القليعات، ليكون منصة لإعادة إعمار سوريا من جهة ونظرا لما لهذا المشروع من فوائد إقتصادية وسياحية وتجارية لأبناء المنطقة وعموم لبنان».
وقال: «شريك لديه تجربة ناجحة جداً هو الأول في نمو الاقتصاد العالمي هو جمهورية الصين الشعبية، وحزام وطريق الحرير محوري وطريق جديد لاقتصاد جديد وثقافة جديدة او متجددة كما اشار النائب سمير الجسر، خمسة آلاف سنة مرت فيها الصين بظروف صعبة في بعض الحقبات وعادت الجمهورية منذ 70 سنة حيث أغنت مسيرة الصين أفكارنا ودور لبنان من طرابلس الكبرى مع الصين، وقد مضت ست سنوات منذ إطلاق رئيس جمهورية الصين طريق وحزام الحرير الجديد».
أضاف: «صحيح أننا وقعنا على أن نقوم ضمن طريق الحرير، ولكن هل هذا يكفي كما تساءل النائب الجسر؟ هل حثت الصين حكومة وشعباً بأنّ لبنان يحضر لهذه الشراكة؟ وما هو دورنا في هذه الشراكة مع الصين ومع شركاء الصين الذين بلغوا حتى اليوم 65 بلداً؟ واليوم إذا بقي مرفأ بيروت قدرته مليون و600 ألف كونتاينر بالسنة هل يستطيع مرفأ طرابلس الذي يستقبل حالياً 200 ألف كونتاينر بالسنة مع كلّ الأعمال التي دخلت ضمن قرض البنك الإسلامي لتصبح قدرة مرفأ طرابلس على استقبال مليون كونتاينر في السنة؟ وليصبح مجموع المرفأين مليونين و600 الف كونتاينر بالسنة؟.
وتابع: «الدراسات تقول إنّ الحد الأدنى لدورنا في السنة هو 20 مليون كونتاينر بالسنة لذلك نحن ليس لدينا مرافىء، نحن لدينا دكاكين، والمفروض أن نجهز لكي يكون لدينا مرفأ متطور، ودراستنا كغرفة تجارة التي تشمل الساحل من الناقورة حتى العريضة تشير إلى أنه ليس من مكان بإمكانه أن يصبح جاهزاً للاستثمارات وأرضيته صالحة، وأعماقه متناسبة إلا المنطقة الممتدة من مرفأ طرابلس في الميناء حتى القليعات مطار الشهيد رينيه معوض في عكار».
وأكد «أننا حضرنا دراسة أولية لمرفأ ومنطقة إقتصادية خاصة تمتد من الميناء حتى القليعات مساحتها 10 مليون و452 متراً مربعاً، معظمها مملوك من الدولة اللبنانية، وبالوقت نفسه قمنا بدراسة مطار القليعات الذي تبلغ مساحته حالياً 3 مليون متر مربع وقادر أن يكون مطاراً متواضعاً، وإذا كنا نريد أن نشارك الصين فيلزمنا مشاريع عملاقة، ومجتمعنا ليس بإمكاننا إنقاذه وننقذ وطننا إلا بمشاريع عملاقة تخلق عشرات آلاف فرص العمل، من خلال مؤسسات صغيرة ومتوسطة وكبيرة، ونحن نواصل ذلك مع الاتحاد الأوروبي، ولكن كل ذلك بحجم «حبة مسكن» فوضعنا الاقتصادي صعب، ولكن عندنا فرص كبيرة جداً».
وبواسطة شاشة كبيرة، أوضح دبوسي تفاصيل هذا المشروع الممتد من الميناء إلى القليعات حيث يبلغ طول الخط البحري 20 كلم، والدراسات تشير إلى أنه إذا طمرنا 500 متر داخل البحر نصل إلى عمق 10 أمتار أي إنّ الجدوى الاقتصادية للطمر هي 10 مليون و452 متراً مربعاً وهي جداً جاذبة للاستثمار، وهكذا يكون لدينا مطار إقليمي دولي في لبنان، من طرابلس الكبرى، من شمال لبنان، وأن يكون بيئياً وذكياً وأن نكون نحن فعلاً مواكبين وقادرين على جذب الصينيين. وبذلك نكون فعلاً قد وضعنا خطة متكاملة بيد رئيس الحكومة سعد الحريري ليؤكد أمام الصينيين أننا جاهزون للشراكة معهم في أحد أهم المحطات الاستراتيجية على طريق حزام الحرير».
ثم أدار المهندس نبيل الأسعد المرعبي حواراً بين المتحدثين في الندوة وبين الحضور، تركز على النقاط والموضوعات التي تمّ عرضها والحديث عنها.