سجون الأسرى الفلسطينيين… تتكلم
ربى يوسف شاهين
تحوّلات سياسية جذرية شهدتها منطقة الشرق الأوسط في المناطق الساخنة في سورية والعراق واليمن، وأخرى تشهد ثورات تطالب بحقوق المعيشة، واللافت انّ الدول التي تقوم بها الاحتجاجات مرّ عليها «الربيع العربي» وأحدث ما أحدث من دمار إنساني، لتظهر لنا بعدها أنها استطاعت الخلاص منه، لكن الأكيد أنّ تبعاته وما ترك من أدواته ما زالت تعمل على إشعال فتيل لإعادة الفوضى وعدم الاستقرار، كما يحدث في مصر والسودان، وإنْ كان الظاهر يشي بأنه فعل الشعب مع حكومته ليس إلا، وهذا كله لإشغال العرب عن القضية الأسمى فلسطين.
القضية الفلسطينية هي العنوان الأبرز لجميع المؤامرات التي تُحاك في منطقتنا العربية، القضية ليست وليدة اليوم بل لها 100 عام منذ 1948، واحتلال الكيان الغاصب لهذه الأرض المقدسة تحت بنود كامب ديفيد وأوسلو ووارسو وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات المشؤومة، معاناة لا تعدّ ولا تحصى ولا يمكن إحصاؤها أو شرحها في بضعة سطور وإنْ طالت.
سجون الاحتلال مليئة بالفلسطينيين من الأطفال إلى الشيوخ إلى الأمهات، ينازعون الموت على جدران أطبقت على صدورهم، ليس لشيء سوى لأنهم فلسطينيون، فالحصار والدمار والقتل والتشريد والجوع والاعتقال، هي سياسة الكيان الغاصب لحصار غزة، ومحاولة وقف عمل منظمة الأونروا للإغاثة، في وقت بات الحكام العرب يطبّعون ويمدّون اليد للاحتلال «الإسرائيلي»، كلّ هذه المظاهر أشعلت لهيب السجن في النقب، وجعلت سجناء يشعلون النار في أنفسهم تنديداً بسياسة الاحتلال القمعية.
تتصاعد المشاهد في فلسطين لإسقاط الإرهاب «الإسرائيلي»، مسيرات العودة في كلّ جمعة لفك الحصار عن غزة، اقتحام للمسجد الأقصى وإغلاق بواباته ومنع المصلين من الصلاة فيه واعتقالهم، فالإرادة الفلسطينية أقوى من حاكم يُطبع، وأقوى من أيّ مؤتمرات أو اتفاقات أو معاهدات، فالثابت أنّ الشعب الفلسطيني كان دائماً السباق لوأد أيّ محاولة لتغييب القضية الفلسطينية، فالمقاومة وجمهورها في جاهزية تامة للتصدي لصفقة القرن وبنودها.
اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في غزة تقدّم تقريراً حول الانتهاكات «الإسرائيلية» ضدّ مسيرات العودة بالصور والوثائق، ولكن منظمات حقوق الإنسان ومجلس الأمن والقانون الدولي صامت أخرس، فإلى متى سنظلّ شعوباً لا ترى لا تسمع لا تتكلم، ألم يحن الوقت للوحدة العربية التي ضاعت بسبب أطماع بعض الحكام في غمرة انشغالهم بتحقيق الأمان لأنفسهم دون شعوبهم.
وها هم أسرى السجون في فلسطين يناشدونكم التضامن معهم لتحقيق أبسط الحقوق في الحرية والكرامة، فإرادتهم لم ولن تُكسر…