الحكومة على المحكّ بعد كلام باسيل والمستقبل
ناصر قنديل
– على أحد الفريقين أن يتراجع حتى تعيش التسوية الرئاسية والحكومية. هذا هو الاستنتاج البسيط من مقارنة كلام رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، مع مقدّمات نشرات تلفزيون المستقبل خلال الأيام الأربعة الماضية، ومعها تصريحات نواب ومسؤولين في تيار المستقبل، وقد تناول الفريقان وشارك رؤساؤهما مباشرة في حملات بدا أن أحدهما يوجهها للآخر، تحت العناوين ذاتها، الفساد والنازحين والاقتصاد، وكل منهما صوّب على خطاب الآخر باعتباره مصدر الخطر على نجاح الحكومة التي يشكلان قطبيها الرئيسيين، والتي لن تقلع بدون تفاهمهما، المستحيل بدون تراجع واضح لأحدهما.
– في ملف الفساد يقول باسيل إن الإبراء المستحيل صار قانوناً ويردّ المستقبل أن الافتراء المستحيل سيُسقط أصحابه. ويقول باسيل لا خطوط حمراء لا طائفية ولا مذهبية ولا حصانات ولا حمايات ستنفع أحداً ويقول المستقبل إن الرئيس فؤاد السنيورة خط أحمر. وفي ملف النازحين يقول باسيل إن مؤتمر بروكسل لتعقيد العودة ويقول المستقبل إنه طريق العودة. وفي عنوان مؤتمر سيدر يقول باسيل لن نقبل بشروط على القروض خصوصاً ما يتصل بالنازحين ويقول المستقبل إن تشغيل النازحين في مشاريع سيدر أمر طبيعي. ويسخر باسيل من حديث التطبيع مع سورية فالعلاقة طبيعية ويسخر المستقبل من السخرية ويسمّيها تقديم أوراق اعتماد. وفي الاقتصاد يفتح باسيل ملف الفوائد على الدين والحاجة لوضعها على الطاولة ويحذّر المستقبل مما يسمّيه اللعب بالنار. وفي التوظيف المخالف للقانون يدعو باسيل لوقف الرشوات الانتخابية من حساب الدولة ويقول المستقبل، كلنا شركاء فبلا مزايدات. وربما فقط في ملف الكهرباء يلتقي الفريقان، فهل يكون اللقاء على ملف الكهرباء مدخل التسويات الجديدة؟
– خطاب باسيل يضع الأمور في دائرة مختلفة. فهو يقول إما عودة النازحين بلا شروط سياسية وعبر التعاون مع الدولة السورية أو لا حكومة. وكذلك في الفساد، إما كشف المستور في المالية العامة للدولة ومحاسبة المتورطين، أو لا حكومة، ويرسم عبر خطابه ما يمكن تسميته خريطة طريق العهد للحكومة، والكلام تحت عنوان أو لا حكومة ليس موجهاً لأحد غير رئيس الحكومة، لأنه الجهة الوحيدة التي يترتّب على الخلاف معها رحيل الحكومة، فكل خلاف آخر توجد طرق لمواجهته أقل من رحيل الحكومة، فتفاهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وكتلتاهما الوزاريتان كفيل بخلق ديناميكية لاتخاذ القرار الحكومي بما لا تعطله اعتراضات الآخرين إذا اقتضى الأمر تصويتاً لن يكون ضرورياً، خصوصاً أن مضمون كلام باسيل كفيل إذا بقي عنوان العمل الحكومي بجذب قوى أخرى للوقوف في صفه في كل ملف من الملفات المطروحة.
– كل حريص على البلد يريد للحكومة أن تبقى كضامن للاستقرار، وكل حريص على البلد يريد أن يتمسّك الوزير باسيل بشروطه لاستمرار الحكومة. فهي شروط لا قيمة للحكومة بدونها، وكل حريص على الحكومة يريد أن ينتبه رئيس الحكومة إلى أن الانضواء في مشروع حكومي جدّي في فتح ملفات المالية العامة وجدّي في إعادة النازحين خريطة طريق لنجاحه كرئيس للحكومة خارج العبث السياسي الذي بدا يجتذبه بعد تشكيل الحكومة، ولا أحد يستطيع الإجابة عن سؤال عن خلفية الرئيس سعد الحريري في التموضع الجديد، وما إذا كان سيستمر، كما أن لا أحد يستطيع ضمان عدم حدوث تسويات تفقد كلام باسيل وهجه، لذلك وجب أن نشدّ على يد الوزير باسيل ليتمسك بما قال، وأن ننتظر.