التسوية الرئاسية على المحك غداً… وخطة الكهرباء والتعيينات على النار الحريري وباسيل بلغة واحدة: الحرص على التعاون وتحييد ملف الفساد
كتب المحرّر السياسيّ
يستقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في اجتماع حاسم بينهما، بعد غد الجمعة، وعلى الطاولة قضايا خلافية كبرى، كملف النازحين السوريين، وتسليح الجيش اللبناني، والثروات البحرية من النفط والغاز والحاجة لترسيم حدودها بشراكة أممية مفقودة، ودعم أميركي بدا أنه مشروط بتلبية المصالح الإسرائيلية، ودائماً على قاعدة الإعلان الأميركي عن أولوية المواجهة مع حزب الله، وتقول مصادر متابعة إن الرئيس ميشال عون قد أعدّ ملفاته للقاء الذي سيجمعه بومبيو، منطلقاً من تأكيد لبنان على أن مصالحه هي التي تقرر سياساته وليست المصالح الأميركية ومن هذا الموقع الإشارة لأولوية عودة النازحين، وكذلك رفض التغطية الأميركية للانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية وتعريض مصالحه للأذى خصوصاً في المجال النفطي، والإصرار على مقاربة ملف حزب الله من كونه جزءاً عضوياً من النسيج اللبناني ومن المؤسسات الدستورية بقوة نتائج الانتخابات.
زيارة بومبيو بعد غد ستتم عشية سفر رئيس الجمهورية إلى موسكو، حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأولوية لتفعيل المبادرة الروسية لعودة النازحين وسبل جعل ملف النازحين في لبنان أولوية روسية. وتقول مصادر مطلعة إن القلق الأميركي من التعاون المشترك مع روسيا يتناول بصورة خاصة فرضيات حصول لبنان على شبكة دفاع جوي روسية تصيب الاستعمال الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، ما يحمل بومبيو لوضع مستقبل المساعدة الأميركية للبنان عسكرياً في كفة مقابلة لأي تسليح روسي للجيش اللبناني.
في لبنان، ستكون التسوية الرئاسية على المحك يوم غد مع انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد مؤتمر بروكسل الذي تسبّب بفجوة في علاقات الرئيس الحريري بالرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل، وقالت مصادر تيار المستقبل والتيار الوطني الحر إن نجاح مساعي التهدئة بعد سجال اليومين الماضيين، أسفر عن تفاهم على تحييد العمل الحكومي عن الخلافات والتجاذبات واستبعاد الملفات الخلافية ريثما تنضج التفاهمات حولها. وتوقعت المصادر حصر البحث في مجلس الوزراء بملفي التعيينات خصوصاً تشكيل المجلس العسكري، وإقرار خطة الكهرباء التي توقعت مصادر معنية أن تقوم فيها مناقصات علنية للمرحلة الانتقالية ومرحلة بناء معامل الإنتاج، واحدة تتضمن طلب الحصول على أفضل الأسعار لاستجرار كمية من الطاقة تقدر بثمانمئة ميغا سنوياً، والثانية تتعلق ببناء معامل تكفي لإنتاج ألفي ميغا سنوياً. بينما تقول المعلومات إن التعيينات الخاصة بالمجلس العسكري قد جرى التفاهم النهائي حولها.
رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل اللذين تبادلا الحرص على تخفيض سقوف المواجهة بين تياريهما، وتحييد خلافاتهما عن أعمال الحكومة، أعلنا التمسك بالتسوية الرئاسية، وقالت مصادر مطلعة إن موضوعاً خلافياً قد يستدعي ترميم التسوية وتأكيد المضي فيها قدماً، يتمثل بقضية رفع الحصانة عن الموظفين الذي يستدعيهم القضاء كما هو حال مدير عام أوجيرو الذي يرفض المثول أمام القضاء ويدعمه وزير الاتصالات محمد شقير بذلك، وهو ما يرفضه التيار الوطني الحر مؤكداً ضرورة مثول الجميع أمام القضاء. وتوقعت المصادر تأجيل البتّ بالموقف من حصانات الموظفين إلى جولة لاحقة من اجتماعات الحكومة، بينما التفاهم قائم على تحييد الجدل حول ملفات الفساد وترك الكلمة الفصل فيها للقضاء وفقاً للآليات الراهنة التي يراها التيار الوطني الحر مصدراً للحماية من المساءلة، لكنّه يقبلها مؤقتاً لتشكل أحد وجوه هذه التسوية.
يحطّ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في الربوع اللبنانية يوم الجمعة، حيث سيتنقل بين بعبدا وعين التينة والسراي وقصر بسترس ويحل ضيفاً الى مائدة النائب ميشال معوّض، بعد أن حلّ من سبقه من مسؤولين أميركيين في اشارة الى مستشار وزارة الخارجية ديفيد ساترفيلد على مائدة القوات ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل على مائدة كليمنصو.
وبانتظار ما ستخلص إليه هذه الزيارة التي تسبق زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى روسيا بيومين، تشدد مصادر مطلعة لـ»البناء» على ان بومبيو يحمل الى المسؤولين اللبنانيين تحذيراً شديد اللهجة وإنذاراً الى ان السياسة الأميركية تجاه لبنان لن تبقى ما كانت عليه في السابق، وأنها ستتحدد وفق ما تمليه مصالحها. وتشير المصادر إلى ان بومبيو سيجدّد موقف واشنطن من حزب الله وإيران لجهة اعتماد سياسة أكثر تشدداً تجاههما الامر الذي يفرض على لبنان إبقاء الأمور على ما هي عليه مع إيران لجهة عدم التعاون او التنسيق او قبول الدعم والمساعدات والحد مما تسمّيه واشنطن قوة ونفوذ حزب الله، مع اشارة المصادر الى أن بومبيو سيؤكد للمعنيين دعم واشنطن للأجهزة الأمنية اللبنانية، لا سيّما المؤسّسة العسكريّة رغم انخفاض الميزانية المخصصة لهما. وتلفت المصادر الى ان ملف النازحين سيكون حاضراً في لقاءات بومبيو لجهة الإصرار على مفهوم العودة الطوعية والرفض الأميركي للمبادرة الروسية لا سيما أن تكاليف العودة بحسب الأميركيين باهظة وهناك شروط تضعها الدول المانحة لتمويل العودة، تفرض على النظام السوري القبول بها لجهة العلاقة مع المعارضة السورية.
وسط ما تقدم، لا تعوّل مصادر تكتل لبنان القوي على زيارة بومبيو في ما خصّ ملف النازحين، وتشدّد في حديث لـ»البناء» على أن التعويل في المساعدة على حل هذا الملف، هو على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواصل التأكيد على ضرورة حل الأزمة الإنسانية في الدول المضيفة وعودة النازحين، وانطلاقاً من المبادرة الروسية التي جرى تبنّيها في البيان الوزاري. وتشدّد المصادر على أن الرئيس عون لن يقبل ولن يسمح لأحد أن يساوم على هذا الملف، ولن يقبل بتقديم الحل السياسي على معالجة أزمة النزوح. أما على خط الموقف الأميركي من حزب الله، فشدّدت المصادر على أن بومبيو لن يسمع من رئيس الجمهورية ما يريده. فالرئيس عون سيواصل تأكيد موقفه المبدئي من حزب الله لجهة أنه جزء من الشعب وممثل في الحكومة والبرلمان.
وشدد وزير الخارجية جبران باسيل على أنه من الخطأ التعامل مع ملف النزوح من زاوية واحدة وندعو للورقة الموحّدة منذ البداية. وقال في حديث تلفزيوني «ليس من مصلحة لبنان والعرب أن تكون دمشق خارج الجامعة العربية في ضوء المسارات التي ترسم مستقبل سورية مثل استانا». وأكد باسيل أن مصلحة لبنان يجب أن تحكم في الشؤون الخارجية ومواقفي تنطلق من هذا المبدأ. وقال: إن أول خسارة في موضوع النازحين هي لسورية ويمكن لروسيا ان تكون عاملاً مساعداً في عودتهم. وأضاف «نحن مع سيدر، لكننا نأخذ منه ما يتناسب مع مصلحة لبنان ومن الخطأ التعامل مع ملف النزوح من زاوية واحدة وندعو للورقة الموحّدة منذ البداية». من ناحية أخرى، أشار باسيل إلى أنه بتكامل الأدوار بين الولايات المتحدة وروسيا وحتى الاتحاد الأوروبي يمكن تأمين الحقوق لأصحابها في موضوع الصراع العربي -الإسرائيلي.
أما على خط العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، فإن الأمور دخلت في فلك التهدئة بعد الاتصال الذي حصل مساء أول أمس بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل.
وأكّد الحريري أن «التسوية زواج ماروني لمصلحة البلد وكلنا متفاهمون عليها»، ومطمئناً الى ان «الزكزكات السياسية ستنتهي ولن يحصل خلاف من شأنه أن يوقف العمل، لا مع التيار الوطني الحر، ولا مع حركة أمل ولا مع الحزب التقدمي الاشتراكي ولا مع القوات اللبنانية ولا مع المردة، وحتى الخلافات المعروفة والعلنية مع حزب الله، فهناك قرار من طرفنا ومن طرفه أننا لن نسمح لها بوقف عمل الحكومة». وشدّد الحريري خلال لقائه وفدًا من نقابة الصحافة على أنّ خطة الكهرباء ستجهز قريبًا، مشيرًا إلى أنّ الاجتماعات بشأن الموازنة متواصلة وستُقر في أسرع وقت ممكن وستحمل طابعًا إصلاحيًا وتحد من الهدر.
من جهة أخرى، أشاد رئيس الحكومة بقرار المملكة العربية السعودية رفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان، كاشفًا عن أنّ أكثر من 12 ألف سائح سعودي زاروا لبنان خلال 4 أيام بعد القرار وأنّ عدد السيّاح الإجمالي إلى لبنان زاد بنسبة 20 في المئة خلال الشهرين الأولين من السنة. وأعلن أنه يتم العمل مع الإمارات العربية المتحدة للوصول إلى قرار مماثل في «مؤتمر نحو سياحة مستدامة» أكّد الحريري أن «الخلافات السياسية هي مقتل لبنان» لافتاً الى أن «هذا البلد لا يمكن أن يعمل الا إذا اتفقنا مع بعضنا البعض وهذا هو الأساس في هذه الحكومة».
أما تكتل لبنان القوي فشدّد على أنّ «العلاقة السياسية مع تيار المستقبل التي قامت عليها التسوية الرئاسية والتي نتابعها بالعمل الحكومي غير مرتبطة بالطروحات التي نطرحها والمبادئ التي نحملها، وهي فوق أي تفاهم».
وأكّد على التسوية الرئاسية وعلى كل التفاهمات للإنتاج لا السجال، مشيرًا إلى أنّنا «أكثر الحريصين على إنتاج الحكومة، ولكن هذا لا يعني ألا نبدي رأينا ونعطي التحفيز اللازم للجميع بمن فيهم نحن». وأوضح التكتل بعد اجتماعه الأسبوعي أنّ حث الحكومة على الإنتاج ليس استهدافاً لأحد، لافتًا إلى أنّ «الرقابة البرلمانية التي نقوم بها هي رقابة للدولة اللبنانية والمسألة ليست موضوعاً مذهبيًا او حزبيًا بل تتعلّق بمال اللبنانيين ولا يجب أن تكون هناك خيمة فوق رأس أحد».
وتشدد مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» على ان رئيس الجمهورية والوزير باسيل متمسكان بالتسوية الرئاسية، من دون أن يعني ذلك التسليم بمخالفات وتجاوزات قد يرتكبها بعض الوزراء المحسوبين على تيار المستقبل في اشارة الى تجاوز الوزير محمد شقير القانون ورفضه إعطاء الإذن للتحقيق مع المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية. ولفتت المصادر الى ان التفاهم مع الرئيس الحريري يصبّ في صلب المصلحة الوطنية العليا لكن هذه المصلحة أيضاً تحتاج الى إجماع المكوّنات على السير بملف مكافحة الفساد وحل أزمة النازحين في أسرع وقت.
الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غد الخميس على جدول أعمالها 54 بنداً، أبرزها سلّة تعيينات في المجلس العسكري، فضلاً عن خطة الكهرباء التي ستدرج على جدول أعمال الجلسة وسيتم توزيعها كملحق على الوزراء. وفي المعلومات، فإن خطة الكهرباء المعدّلة ترتكز على خفض الهدر الفني وغير الفني، وإزالة التعدّيات على الشبكة وزيادة إنتاج الطاقة وتحسين فعاليتها وخفض كلفة المحروقات من خلال استخدام الغاز الطبيعي، زيادة التعرفة، وبحسب المعلومات فإن خطة وزارة الطاقة تقول بضرورة اعتماد معايير الشفافية عبر مناقصة لتأمين الكهرباء سريعاً وبكلفة متدنيّة كلفة بالتوازي مع إنشاء معامل موقتة تمهيداً لإنشاء معامل دائمة في الزهراني والحريشة.
وفي ما خصّ التعيينات العسكرية، فإن اتصال الحريري باسيل أمس أفضى، بحسب معلومات «البناء»، الى حل مشكلة المجلس العسكري، إذ جرى الاتفاق على اقتراح تعيين العميد الركن محمد الأسمر أميناً لسر المجلس العسكري مقابل موافقة الحريري على تعيين العميد ميلاد إسحق مفتشاً عاماً للجيش، علماً أن اقتراح العميد أمين العرم رئيساً للأركان يحظى بموافقة جميع المكوّنات أسوة باقتراح العميد إلياس شامية عضواً متفرّغاً في المجلس العسكري.