ترتيب الدول حسب الأكثر سعادة…
ذهب فلاح لجاره يطلب منه حبلاً كي يربط حماره أمام البيت، أجابه الجار بأنه لا يملك حبلاً ولكن أعطاه نصيحة وقال له: «يمكنك أن تقوم بالحركات نفسها حول عنق الحمار وتتظاهر بأنك تربطه ولن يبرح مكانه».
عمل الفلاح بنصيحة الجار، وفي صباح الغد وجد الفلاح حماره في مكانه تماماً. ربّت الفلاح على حماره والفرح يغمره أن نجحت خطته، وواظب عليها ريثما اشترى حبلاً جديداً.
القصة على طرافتها تلخّص الكثير من الواقع العربي وما أكثر الحبال الخفيّة التي تلفّ العقول وتمنع من التقدّم للأمام. فمن سيحلّ العقد ويقرع الأجراس؟
دائرة الحياة ضيقة، ودائرة الموت أكثر ضيقاً منها، وما على النفس المعذّبة إلّا أن تحارب لتدفن حيّة، أو تتأهب لمعركة الصمود داخل نفق الحياة الأسود إلى أن ينجلي الليل.
ويبقى الهدف الأسمى لكل إنسان في كل زمان ومكان تحقيق السعادة بمفهومها الأوسع والأكبر من اللذّة والمتعة والراحة والضحك وغيرها من النشاطات الإنسانية. والسؤال الذي يراودنا. هل ينطبق على البلدان ما ينطبق على الأفراد؟ هل نتصوّر أن الدول الغنيّة المتقدّمة علمياً القوية عسكرياً وسياسياً أسعد من غيرها؟ الجواب حتماً سيكون لا فحسب تقرير الأمم المتحدة عن نتائج السعادة العالمية والذي خصصت 20 مارس من كل عام لتعلن من خلاله أكثر الدول سعادة معتمدة المنظمة الأممية معايير للسعادة أهمها توزيع الثروة والتماسك الاجتماعي للمواطنين ومتوسط العمر وحرية التعبير ومستوى الفساد.
احتلت فنلندا المرتبة الأولى للسعادة للعام الثاني على التوالي تلتها النرويج ثمّ الدنمارك، أمّا أول بلد في القارة الأميركية هو كندا، جاءت في المرتبة التاسعة عالمياً رغم أنني عند كتابتها أشعر بالسعادة فكيف إذا شاءت الأقدار وزرتها.
تمّ ترتيب الدول على أساس نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي والصحة ومتوسط العمر المتوقع وحرية التعبير. ولكون الواقع ليس بخفيٍّ على أحد اعتقدت ألّا يكون لسورية نصيب في إحصائيات عن السعادة كهذه فلا ناقة لنا بها ولا جمل. وعن أيّ سعادة يتحدثون والشعب السوري لا يشعر بها إلّا لحظة خلوده للنوم. ولكن تشاء الأقدار ويكون ترتيب سورية 149؟! أيّ سعادة؟ وفي سورية قلوب تحجّرت، وأخرى تفجّرت، وهناك قلوب مازالت تقود عربة الليل الأعمى لتستدرجه إلى نهر الدموع.
ما جرى ويجري كفيل ليؤكد لنا أنّ تخرّج الضباط من الكليات العسكرية لا يكفي لتحقيق النصر، وإنما يجب أن يتخرّجوا من سورة الأنفال أولاً! وأنّ سرّ النصر ليس في البندقية وإنما في اليد التي تحملها! السعادة الحقيقية أن تشعر بالأمان الداخلي والخارجي وقتها سنحظى بترتيب لائق في منظمات السعادة العالمية…
صباح برجس العلي