عون للتلفزيون التونسيّ: أخشى على مزارع شبعا بعد القدس والجولان

أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن خشيته بعد الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وضم الجولان السوري المحتل اليها، من ان يأتي الدور على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيتين، داعياً الى «اتخاذ موقف عربي موحّد تجاه هذا الامر».

وفي مقابلة مع التلفزيون التونسي خلال مشاركته في القمة العربية الاخيرة دعا عون الى عدم اليأس والتفكير جيداً بالغد، داعياً الدول العربية «الى توحيد القرار الصالح الذي بإمكانه أن يشكل لنا مساراً، بعدما كنا اقتربنا مسافة جيدة تجاه السلام إثر المبادرة العربية للسلام التي قدمها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في بيروت عام 2002، وقوامها الأرض مقابل السلام»، محذراً في الوقت عينه من انه اذا لم تعد الأرض موجودة، من الطبيعي ان يفقد السلام ايضاً، لان الارض والسلام وحدة لا تتجزأ».

وفي ما خص افق الصراع العربي – الاسرائيلي، رأى عون أن «الامر يعود الى مدى القدرة على توحيد كلمة العرب»، مكرراً الدعوة الى «وجوب اتخاذ موقف عربي موحد تجاه هذا الامر، او على الاقل التنسيق حول قضية فلسطين والقدس».

ورداً على سؤال حول بدء العرب مفاوضات مع اسرائيل بالسر والعلن، أجاب انه يمكنه التحدث في ما يخص لبنان، معتبراً من جهة أخرى انه «ليس من المقبول تلقي ضربتين على معالم الإسلام والمسيحية والأراضي المقدسة في القدس، وسط صمت الجميع».

وفي ما يتعلق بالحرب على سورية، اشار رئيس الجمهورية الى انه يدعو دائماً الى السلام، «لذلك يجب اولا ان تتوقف الحرب، وان تتم العودة الى الحوار، الذي من شأنه ان يساهم في احترام المصالح المشتركة للدول»، معتبراً أن «اسباب معظم الحروب اقتصادية مع نزعة الى سيطرة طرف على آخر، انما الاهم العمل على وقفها».

وقال «أبلغ الجراح، ذلك أن سورية كانت توصف بأنها قلب العرب النابض، فماذا فعلنا بهذا القلب؟»، مشيراً الى ان «في سورية نظام حكم وشعباً، فإذا كنت ضد النظام، فلا يمكنك قتل الشعب»، ومعتبراً ان «الشعب السوري هو الضحية».

وعن تاريخه مع سورية، قال: «لقد تعرّضت لثلاث محاولات اغتيال فاشلة، وعرفت مَن حاول اغتيالي. وعندما عدت من منفاي في فرنسا، التقيتُ بهم ولم أشعر بأي كراهية تجاههم، وعلاقتي باتت طبيعية معهم، وباتوا جزءاً من الحكومة».

وعن قوله سابقاً أن ما سُمّي بـ «الربيع العربي» هو أقرب الى «الجهنم العربي»، أوضح أن «هذه التسمية تليق بما حصل بعد الأحداث التي شهدتها سورية وليبيا واليمن، حتى أن مصر لا تزال تعاني من تداعيات الارهاب». وقال: «لقد عانينا في لبنان من تجارب الاحداث التي شهدناها في سبعينيات القرن الماضي، وادركنا اننا خسرنا الكثير وتسامحنا مع بعض. لكن آثار الجراح في المجتمع اللبناني بقيت، وقد علمنا كيفية السيطرة عليها. لذلك، حافظ لبنان خلال الحروب التي اندلعت حوله اخيراً، على الاستقرار والسلم الداخلي على الرغم من الانقسام السياسي، لأن وحدة الوطن كانت مصونة».

واشار الى «اننا في لبنان توصلنا الى التوافق على مبدأ أن من ينتصر او يخسر في رهانه السياسي سيبقى في هذا الوطن ومن الأفضل له ان يكون مزدهرا، وعليه، لا لزوم للاختلاف وإلحاق الضرر بالوطن».

ورداً على سؤال حول طي صفحة الخلاف التي كانت قائمة بينه وبين فرقاء آخرين، اعتبر ان «الاختلاف شيء والعداوة شيء آخر». وقال: «مهما اشتدت النزاعات بين العرب، فإنها يجب أن تبقى ضمن خانة الخلاف، ولا بد للجميع ان يعي ان اي خسارة لأحد منهم فإنها تطاول الجميع».

وتطرّق الى مقرّرات القمة العربية في تونس، معرباً عن اعتقاده بأنها تحمل واقعاً جديداً، «لا سيما بعد تلقي صدمتين قويتين في القدس والجولان ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيتين. فصدمة القدس تنال من العرب والمسلمين في العالم أجمع، والثانية تصيب بلدين معاً هما لبنان وسورية، وإذا لا نملك الوعي اللازم لهذه القضية ونتائجها، فهناك الكارثة».

وسئل رئيس الجمهورية عن كلامه في روسيا من ان «لبنان يمثل العقل بالنسبة للعرب والعاطفة بالنسبة للغرب»، فأوضح «أنه غالباً ما كان يُقال إن لبنان هو مفتاح الشرق. وأنا بحكم إقامتي في اوروبا ايضاً، قلت عن لبنان إنه قلب للغرب وعقل للشرق. ذلك اننا في لبنان أخذنا من العقلانية الأوروبية وأعطيناها من عاطفتنا الشرقية، والتوازن ضروري بين هذين العاملين. والانتشار اللبناني موزع بين القطبين الشمالي والجنوبي، وعدده أكبر بكثير من عدد السكان المقيمين في لبنان».

وعن قدرة لبنان على المحافظة على تقدّمه في المجالات كافة رغم التحديات، أجاب: «من الناحية الثقافية، هناك تعدّد جامعات من عربية وأميركية وفرنسية. ومن الناحية الاقتصادية، فإننا عايشنا ثلاث ازمات كبرى: الركود العالمي، والحروب في المنطقة التي عملت على تطويقنا بالنار والحديد وهي كانت صعبة جداً، اضافة الى ازمة النازحين السوريين الذين بات عددهم في لبنان أكثر من مليون ونصف المليون فيما لم يقبل الأوروبيون بضعة آلاف منهم. ونحن نحاول مع الدول الصديقة والشقيقة إعادتهم الى سورية في ظل الأجواء الآمنة في كل المحافظات السورية ما عدا إدلب. وحتى المنطقة الواقعة شرق الفرات التي تشكو بعض الدول الغربية من عدم الاستقرار فيها، فهي تشهد تمركزاً أميركياً لحفظ الامن فيها».

وتابع: «منذ اسبوعين تقريباً، زارنا وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، ويبدو أنه بات مقتنعاً بوجوب عودة النازحين، وهو ما قاله في شهادته امام الكونغرس الأميركي».

وسئل عما اذا كانت فرنسا لا تزال صديقة للبنان، فأكد انها لا تزال كذلك، «انما في ميزان القوة الدولية، فإنه ليس في استطاعة فرنسا ان تكون في مستوى قوة الولايات المتحدة وروسيا، اللتين بات رأيهما الأكثر ترجيحاً».

وعن علاقته بالرئيس الاميركي دونالد ترامب، قال انه لم يتعرّف عليه بعد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى