مهنا: الحلّ الوحيد هو في ما جسّده حزبنا من نموذج جديد لمفهوم الهوية والإنتماء والحقوق والدولة السيد حسين: الفكر القومي مطلوب لأنه يمتلك بعداً إنسانياً ويدافع عن الإنسان يونان: المواطنة ليست وجهة نظر أو رأي أو أغنية إنما هي شيء يتمّ صنعه

عبير حمدان

نظمت «دار فكر للأبحاث والنشر» ندوة بعنوان: «المواطنة والدولة المدنية» في دار الندوة – بيروت، شارك فيها الوزير السابق د. عدنان السيد حسين، رئيسة جامعة اللاعنف AUNOHR الباحثة والأكاديمية أوغاريت يونان، ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا وأدارها عميد الثقافة والفنون الجميلة في «القومي» د. زهير فياض.

حضر الندوة الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل وعدد من المسؤولين المركزيين، النائب والوزير السابق الدكتور عصام نعمان، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور وجمع من المهتمين والباحثين والمواطنين.

استهلت الندوة بكلمة د. زهير فياض فقال: «لا شك أننا نحيا زمن تحوّلات سياسية ذات طابع استراتيجي في مسارات الصراع التي تواجه شعبنا في كياناته ودوله ضمن حدود سايكس ـ بيكو وما بعد سايكس ـ بيكو حسب الخطط والمشاريع التي تزدحم في أجندات الدول الأجنبية وبالطبع معها الكيان الصهيوني ومخططاته.

هذه التحديات التي تواجهنا هي تحديات وجودية بكلّ ما لهذه الكلمة من معنى، ولا تمكن مواجهتها إلا وفق رؤية استراتيجية واضحة في الفكر والاقتصاد والسياسة والأمن والتربية وفي كلّ المناحي وصولاً إلى ترسيخ النموذج المأمول في بناء وعيٍ وطنيٍ وقومي شامل يؤسّس لبناء مفهوم عصري للدولة والمجتمع على قاعدة معرفية ترتكز بشكل أساسي على بلورة رؤية تقدم على بناء الحكم الرشيد، فصل الدين عن الدولة، تعزيز مفهوم المواطنة، تقوية الشعور بالانتماء الى المجتمع، إلى الأمة، إلى الوطن، والتأسيس لعلاقة جديدة بين المواطن والدولة».

وتابع: «تتشابه الظروف في منطقتنا وبلادنا، نظراً لتشابه الظروف والوقائع والحقائق الاجتماعية والثقافية والتاريخية والجغرافية على مدى مساحاتها، لذا فإنّ ربح معركة بناء الدولة في لبنان على قاعدة المواطنة والهوية والانتماء القومي سيشكل زخماً وسنداً ودعماً قوياً لانتصار مفهوم الدولة في كامل المحيط، لأنّ المستهدف هو نموذج «الدولة ـ المواطن» لصالح نماذج تقسيمية، تفتيتية، تهديمية، تدميرية للمجتمع والإنسان فيه».

وختم: «هذا المسار أيّ مسار بناء «الدولة ـ المواطن» هو المسار الوحيد الذي نعوِّل عليه حقيقة لمواجهة مشاريع التقسيم والفدرلة والتفتيت التي تطلّ علينا بألف رأس ورأس. هذه الندوة هي محاولة للإضاءة على هذا الواقع وكيفية المواجهة من خلال بناء «الدولة المدنية وتعزيز مفهوم المواطنة».

السيد حسين: البدء من النفوس وليس من النصوص

ثم كانت مداخلة للدكتورعدنان السيد حسين، جاء فيها: «الموضوع ليس موضوعاً عاطفياً لأنّ المواطنة تختلف عن الوطنية، هي تتعدّى هذا الشعور بالانتماء إلى الوطن وإنْ كان هذا الشعور مطلوباً ومرغوباً وهو حالة طبيعية منذ أن نشأت فكرة الجندية والدفاع عن الأرض والوطن والاستشهاد في سبيله، مسألة المواطنة هي تراكم تاريخي وفكري ساهمت فيها كلّ الأمم، وأعتقد أنّ إبن رشد الفيلسوف الأبرز كان قد نبّه قبل النهضة الأوروبية إلى خطورة الإتجار بالدين عند تسلّم زمام السلطة، هذا الأمر كان قبل «ويستراليا» فكرة الدولة القومية في أوروبا سنة 1648 التي أنهت مرحلة الصراع الكاتوليكي البروتستانتي وأسّست تدريجاً لفكرة الشعب بدلاً من الجماعات والأفراد».

وتابع: «لا فكرة مدنية من دون سيادة القانون وهذا أهمّ درس نأخذه من تجارب الاوروبيين، بعد ذلك كانت المرحلة ذات طابع اجتماعي – اقتصادي، مع ظهور الحركات الاشتراكية، الفكر الماركسي بعد ذلك، ثم الأفكار التحررية في القرن العشرين في أوروبا وخارجها.

باختصار المواطنة لها دعامتان: أولاً المساواة بين المواطنين أمام القانون وليس المساواة بين الأفراد، لأنني في لبنان اليوم، أنا فرد ولست مواطناً، لا أستطيع بحكم انتمائي لفئة معينة من اللبنانيين ان أتولى منصباً عاماً بمعزل عن الانتماء الفئوي».

وأضاف: «هل دولة المواطنة هي دولة مدنية؟ بالتأكيد لأنها ليست دولة دينية، في الإسلام مثلاً، لا توجد خلافة ولقب أمير المؤمنين وضع في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وإنّ مسألة الشورى تنادي فيها معظم الفرق والمذاهب الإسلامية لكن هذا الفكر يحتاج إلى بلورة وتحديث وإلى متابعة.

دولة المواطنة هي دولة مدنية بطبيعة الحال لأنها تستند إلى مفهوم الشعب، الشعب هو غير الجماعات، هو مجموعة مواطنين متساوين أمام القانون وموحدين في ولائهم للوطن والدولة، ما هو المجتمع المدني؟ هو مجتمع الأحزاب والجمعيات والنقابات وكلّ المؤسسات الإعلامية والثقافية التي تتخطى الإطار الأهلي أو الضيق أو الفئوي مدنية، الشمول هي الصفة المهمة والاحتكام للقانون العام الذي يسمح لكلّ المواطنين أن يكونوا في تشكيلات من هذا النوع، لذا حتى نُسمّي هذه الجمعيات مدنية علينا البدء من النفوس وليس من النصوص، ولكن ليس هناك قرار فعلي لتغيير الواقع ولو كانت النية صادقة كانت الجهات المعنية طبقت قانون الإعلام على الأقلّ، ولما كانت لكلّ فئة محطتها الإعلامية ولكان تلفزيون لبنان هو الجامع، إذا هناك إصرار على تكريس الطائفية، أنا كنت رئيساً للجامعة اللبنانية وحين عيّنت مديراً مسيحياً في كلية إدارة الاعمال في طرابلس واجهت مشكلة كبيرة امتدّت لشهور ووصل الأمر إلى حدّ هدر دمي».

أضاف: «لديّ مجموعة من الاقتراحات التي كتبتها في عدة مناسبات ولن أفصل كثيراً بل سأكتفي بعناوين: أولاً سيادة القانون واستقلال القضاء، ومهما كان شكل الدولة طائفية لا طائفية كانتونات جمهورية ملكية إلخ.. إن لم يكن هناك سيادة للقانون لن يكون هناك دولة.

ثانياً: التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية أساسيان وهناك مقولة خاطئة إنّ الجامعة اللبنانية هي جامعة الفقراء، الأصحّ أنّ الجامعة اللبنانية هي جامعة كلّ اللبنانيين، وحين لا نعلّم الفقراء نحوّلهم إلى إرهابيين، واذا أردنا تحسين وضع الجامعة اللبنانية يجب أن ننزل إلى الشارع للتظاهر، هل المنطق يُقاس أننا نأخذ «زبائن» من الجامعات الخاصة حيث كلّ مسؤول يريد أن ينشئ جامعته، وهنا سأقول معلومة مهمة، هناك 30 جامعة من أصل 50 عدد طلابها تحت الألف طالب .. هل هذا تعليم عالي؟ عندما طالبنا من مجلس الوزراء مراقبة هذه الجامعات كان الردّ خفضاً لموازنة الجامعة اللبنانية، الخلاصة إذا كنا نريد مواطنة ودولة مدنية يجب أن يكون عندنا جامعة لبنانية رسمية.

ثالثاً: هل نريد حياة نقابية أم نريد مجموعات صغيرة موزعة على الأحزاب؟ يجب أن نجيب على هذا السؤال..

أخيراً الإعلام الوطني، كلّ شخص له حق أن يرفع دعوى على أيّ محطة مرئية أو إذاعية تتكلم بنفس طائفي. كلّ من يقدر على تعديل النص لصالح الدولة والمواطنة يجب أن يسعى، وبالمناسبة أحب القول إن الفكر القومي ليس فكراً عصبوياً، طالما هذا الفكر القومي يمتلك بعداً إنسانياً وينطلق من فكرة الإنسان ويدافع عن الإنسان فهو فكر مطلوب، علينا أن نثقف أنفسنا ونناضل كي ننتصر».

يونان: التربية اللاطائفية جوهر بناء المجتمع

ثم كانت مداخلة للدكتورة أوغاريت يونان، جاء فيها: «الدولة المدنية، المواطنة، الطائفية، أظن أنّ هناك الكثير من الكلام عن هذه المفاهيم ولكن الأقوال أكثر من الأفعال، مع العلم أنّ المناضلين كثر في لبنان بغضّ النظر عن نجاحهم أو عدمه، وباعتقادي أنهم نجحوا في مكان ما على الأقلّ لناحية نشر الفكر وما نحتاجه فعلياً هو أن نضع الخطط وننجز شيئاً ولو في مكان واحد لتتسع بعدها المساحة مما يجعل الجميع يشعرون أنّ الجدار الطائفي الكبير ممكن الخرق لكي تتراكم الإنجازات التي نرمي للوصول إليها.

لغاية اليوم الكلّ في لبنان يرى أنّ النظام الطائفي من المحال زعزعته سواء في النفوس أو النصوص من سيغيّر هذا الدستور وماذا سنفعل بخصوص الزواج المدني وعندما يتكلم أحد عنه يشتعل البلد، وماذا عن كتاب التاريخ، منذ تغيّرت المناهج في لبنان بعد الحرب وحتى يومنا هذا لم يصدر كتاب تاريخ موحد، والتعليم الديني بات إلزامياً في المدارس الرسمية بعد الحرب وفي العام 2000 تحديداً وتمّ ترك الحرية للمدارس الخاصة أن تعتمده أو لا تعتمده، ولعلّ الشيء الأخطر هو الكلام عن كتاب تاريخ للمسيحيين وآخر للمسلمين، فهل ننتظر أن تأتي الطوائف بالكتاب المأمول، هذا مستحيل. فكلّ مدرسة تعطي الدروس التاريخية وفق رؤيتها بمعنى أنّ الفوضى هي التي تحكم».

وتابعت: «المشكلة في القوانين والمحاكم التي تأتمر بالطوائف، والدستور مبكّل في أربع مواد أساسية جوهرية فيها المفاتيح الأساسية لبناء البلد، إذا أردنا أن نفكر في الدولة المدنية علينا وضع خطة حقيقية، وإذا نظرنا الى الخريطة نراها مخيفة، يجب أن نعرف كيف نمسك أول الخيط وهذا ما عملت عليه منذ الثمانينات من خلال الدراسات حول أيّ موضوع، مثلاً في ما يتصل بكتاب التاريخ لقد أجريت دراسة شاملة من 800 صفحة حول كلّ كتب التاريخ الموجودة في لبنان بعد أن اطلعت عليها كلها لأعرف كيف أناقش حين يسألني أيّ طرف عن الموضوع والغاية من الدراسة، وقدمت بالفعل اقتراحاً بديلاً، ولكن الأكيد أنه لم تتمّ دعوتي للعمل على تعديل كتاب التاريخ، وأيضاً درست كتب التعليم الديني لكلّ المذاهب والطوائف في لبنان وقدّمت اقتراحاً تبنّته جمعيات تضمّ مئات الأفراد من كلّ لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة للأحوال الشخصية وقدّمت اقتراح قانون دخل الى المجلس النيابي عام 2011 وتمّ تسجيله في جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة للنقاش».

أضافت: «أنا لست في موجودة هنا للحديث عن إنجازاتي، فأنا أجد تفاعلاً كبيراً من الناس في أيّ مكان يتمّ فيه عرض دراساتي واقتراحاتي وهو تفاعل إيجابي من الناس بناء على منطق هادئ بعيد عن تغليب طرف على آخر، الناس تريد الطرح المدني اللاعنفي وتتقبّله لأنها متعطشة أن يكون عندها دولة، للأسف نحن موجودون في مكان تتفوّق فيه الفوضى على كلّ شيء، المواطنة ليست وجهة نظر ورأي وأغنيات إنما هي شيء يتمّ صنعه، وباعتقادي أنه لا تكون هدية مقدّمة بل على الشعب فعلاً أن يسعى لتكريسها. وهنا أحب أن أقول إنه عندما يشحّ دور الفكر أو العقل فهنا تكمن الخطورة، وفي المقابل لا يجب أن يختلف العلمانيون على النقطة الجوهرية للنهوض بالمجتمع».

وختمت: «المواطنة بالنسبة لي هي كبطاقة عضوية، وحتى اليوم بطاقة عضويتنا هي تذكرة الهوية التي يتم وسمها بالمذهب، مع العلم أنه لا يوجد أي مادة قانونية في لبنان تلزم أن يتمّ ذكر المذهب في الهوية وإذا قرر كل اللبنانيين أن يلغوا الطائفة عن هوياتهم فهذه فعلاً ثورة كبيرة، فلنبدأ من بطاقة العضوية كما نريد، والتربية اللاطائفية هي الاساس طبعاً لأنها جوهر بناء المجتمع، علينا مواجهة المشكلة بشكل مباشر لتحقيق التغيير، والسؤال الكبير الذي يجب أن نسأله لانفسنا يتمحور حول فكرة وجود لبنان، الذي حين اوجدوه مجزأ كرسوه مجزأ لذا علينا البحث في هذه الاشكالية وإعادة النظر في فكرة التجزئة ومعالجتها».

مهنا: الدولة القومية العلمانية هي سبيل التحرّر السياسي والاجتماعي

بعدها كانت مداخلة الأمين توفيق مهنا، وجاء فيها: «من المسلم به، لدى الحقوقيين والمشرّعين وأهل القانون أنّ المواطنة هي منظومة حقوق وواجبات في علاقة الفرد مع الدولة. وأنّ الدولة المدنية التي تطرحها قوى سياسية ومدنية وأوساط ديمقراطية هي التجسيد الدستوري والسياسي والقانوني لرابطة المواطنة.

هناك إشكالية في تحديد هوية وطبيعة النظام الدستوري القائم في لبنان. هناك رأي وازن لبعض الحقوقيين والمشرّعين يعتبر أنّ الدولة في لبنان هي دولة علمانية، مدنية، تحترم كلّ الأديان، لأنها لا تنصّ على دين للدولة ولا لرئيس الدولة أو أية مناصب أخرى. والمفارقة هي أنّ المؤقت استحال في الممارسة السياسية منذ 1926 وحتى يومنا القاعدة الدستورية الواقعية التي تحكمت بالحياة السياسية والعامة في لبنان. إذا كانت بنية الطائفية مؤقتة في النظام فهل يؤمل عبر الدستور النافذ أن ينتقل لبنان إلى دولة علمانية فعلاً لا قولاً، واقعاً لا شعاراً، حقيقةً لا وهماً حلماً لا سراباً؟ ذلك أنّ المسار لواقع الدولة في ظلّ هذا الدستور «المفخخ» أثبت صعوبة أن يحصل تطوّر بإتجاه قيام الدولة العلمانية المتوخاة»

أضاف: «جامعات تقوم على أساس ديني ومذهبي، هل بهذه الجامعات أو الثانويات أو المناهج نخلق مواطناً، له نظرة واحدة وإنتماء واعد وبالتالي مصير واحد؟ وهل بغياب كتاب تاريخ موّحد نخلق مواطناً لدية شعور المواطنة والإنتماء؟

نحن متخلفون في التشريع أربعة آلاف سنة عن الملك سرجون الأكادي الذي أصدر عام 2343 قبل الميلاد مرسوماً ملكياً ألغى فيه جميع المحاكم الدينية واستبدلها بمحاكم مدنية لتقويض سلطة الكهنة!

وهنا نسأل: هل جرى التمعّن في قراءة شريعة حمورابي، أول شريعة في التاريخ، وارتكازها في أكثر من بند على الحقوق والواجبات والزواج والإرث والوصية وحقوق الفرد كاملة غير منقوصة دون أيّ تمييز؟

ـ لماذا يستهول رجال الدين في بلادنا من وضع قانون مدني للأحوال الشخصية؟

ـ لماذا ترهبون الناس من أيّ محاولة إصلاحية؟»

وتابع: «إنّ الدولة المدنية المرتجاة إن لم تكن دولة بوصلتها علمنة الدولة فماذا تكون؟

إنطلاقاً من هذه القناعات الفكرية والثقافية والحضارية وعلى ضوء ما مرّ من زلازل وبراكين وحروب وويلات. نعيد التأكيد أنّ الحلّ الوحيد هو في ما جسّده حزبنا من نموذج جديد لمفهوم الهوية والإنتماء والحقوق والدولة.

لذلك: من ذلك العام 1947 ومع أول انتخابات نيابية جرت في لبنان طرح أنطون سعاده برنامج الإصلاح الحقيقي ورؤيته لبناء الدولة في لبنان بعد الاستقلال. فطرح المبادئ الإصلاحية المشار اليها اعلاه. ودعا إلى تمثيل نيابي وطني لا طائفي أي إلغاء الطائفية من قانون الإنتخابات وتأكيد أنّ النائب يمثل الأمة جمعاء خارج القيد الطائفي والمناطقي. ودعا إلى وحدة التشريع القضائي ليتحقق مجتمعياً الإختلاط والتفاعل وإنتاج وحدة حياة في المجتمع الواحد لا اعتماد صيغة التعايش الكاذب والمخادع والتحرر من فكرة الأقلية والأكثرية .»

وأضاف:»كما كان لرئيس الحزب الراحل انعام رعد دوراً اساسياً في صياغة برنامج الإصلاح السياسي للحركة الوطنية بقيادة قائد الحركة الوطنية الشهيد كمال جنبلاط . وفي العام 1997 قدّمت الكتلة القومية النيابية في مجلس النواب مشروع قانون اختياري للأحوال الشخصية كما تقدّمت بمشروع قانون انتخابي جديد يقوم اساساً على مبدأ إلغاء الطائفية واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النظام النسبي.

إننا دعاة بناء دولة قومية علمانية حضارية وهي سبيل التحرر السياسي والاجتماعي وتحصين وحدة المجتمع والدولة الحديثة، في لبنان وفي سائر دول الهلال السوري الخصيب وخاصةً في الشام والعراق… دولة المواطنة الحقة ليست حاجة «لبنانية « وحسب. هي حاجة قومية في كل دوّل الهلال السوري الخصيب وحاجة عربية في سائر بلدان العالم العربي ولنا ما يجري في مصر أو السودان أو ليبيا وغيرها من الدوّل العربية من فتن وإضطرابات ما يقدم الدليل على الحاجة إلى تغييرات بنياوية في طبيعة الأنظمة السياسية القائمة وهويتها.

إننا دعاة دولة ديمقراطية يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون. مثل هذه الدولة بنظامها ودستورها تمكننا من أن نحيا حياة أحرار ومواطنين وشعب وتشكل سداً ورداً على الدولة الدينية التي لاحت شعائرها في خلافة داعشية بائدة وفي دولة توراتية تلمودية يقوم دستورها على قانون القومية العنصري لكيان اليهودي الصهيوني، الغاصب لأجزاء من أرضنا القومية.

وهل من سبيل لتسترد الأمة أرضها الغاصبة وتبني دولتها إلاّ بإرادة المقاومة والوعي والمعرفة لأن «المجتمع معرفة والمعرفة قوة» ووحدة القوى العلمانية المدنية أللاطائفية هي الشرط الضروري لبناء الدولة الحديثة.

لا أجد في نهاية هذه الكلمة إلاّ أن أختمها بهذا المفهوم الراقي لباعث النهضة ورائدها في المشرق أنطون سعاده حيث كتب:

«إنّ جميع السوريين القوميين الاجتماعيين يؤمنون بأنهم أبناء أمة واحدة… فهم جميعهم يريدون الجميع احراراً متساوين في الحقوق والواجبات، ويرفضون أن يكون بعض الأمة عبيداً لبعض أو عالةً على بعض، أو على رحمة تساهل البعض.

أنهم يخجلون من أن يروا أحداً من ابناء أمتهم غير حر متمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية التي لهم في الدولة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى