بطاقة دعوة..

دُعي أدباء وأطباء ومهندسون وقضاة إلى اجتماع في فندق تزيّنه نجومه الخمسة، لنصرة شعب يُباد على مهل، وعلى عجل، وبتشفٍّ، وعلى نار محكمة الوقود… وكما هو متعارف عليه، في كلّ قصّة نجاح هناك شخص اتخذ قراراً شجاعاً، وبما أنّه قلّما يجتمع الخير والعظمة في شخص واحد فقرّر المدعوون ألّا يحضروا الاجتماع فلكلّ أسبابه القاهرة والمميتة والتي حالت دون حضوره!! لم يحضر الروائي الاجتماع لأنه منهك في كتابة رواية مستقاة من أدب الماغوط تقع في سبعمئة صفحة، وقد خصص خمسة أيام للانتهاء من كتابتها! لم يحضر الشاعر الحديث أو المتعصرن الذي يشبه رأسه الضخم رأس موسيليني. كان الله في عون هذا الشاعر فكان يومها يساعد زوجته في تكنيس البيت ونشر الغسيل ومطاردة الذباب الغبي!! لم يحضر الطبيب الاجتماع وأيّ اجتماع يحضره وينتظره يومها عمل في غاية الأهميّة، فقد جلس طيلة اليوم على مواقع التواصل وهو كالمكوك يتنقل من بلد إلى بلد باحثاً عن البلد الذي يقدم له العرض الأنسب للسفر ومغادرة البلاد!! لم يحضر المهندس الاجتماع فقد كان يتفاوض مع أحد التجار ويحاول تقديم اقتراحاته لتطوير مكتب سيادة التاجر، ووافق التاجر على تصاميم المهندس بعد أن أوعز إليه بالإكثار من استخدام اللون الأبيض تفاؤلاً بالآتي من الأيام فهو ينوي السفر لليابان للحصول على توكيل لسيارات تويتا وفي حال حصل على التوكيل سيشتري سيارة لامبرغيني لابنه الجميل!! لم يحضر القاضي الاجتماع فقد اهترأت أحذيته في الركض من محكمة إلى محكمة، لذلك قرر في ذلك اليوم قبول دعوة سيادة المستشار المرموق وقبول هديته، بعد أنّ ألحّ سيادته بتقديم هدية وهي سيارة جميلة تسهّل على القاضي عملية التنقل، فكان الله في عون القضاة وعملهم الشاق الطويل!! لم يحضر الناقد الأدبي والسياسي والاجتماعي والأفضل أن نختصر فهو موسوعة ولنقل الناقد، لم يستطع الناقد أن يحضر الاجتماع، لأنّه ملزم بريجيم صحي قاس، وكلّ اجتماع يغريه بأن يأكل بغير توقف، ولكنه وعد بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح الشهداء!!

سامحك الله يا مارك توين يبدو أنّ الناقد متأثر بقولك: «العظماء يجعلونك تشعر أنك تستطيع أن تكون عظيماً». شكراً للناقد لأنه تنازل عن دقيقة من وقته الثمين!! وتمكّن بائع اليانصيب من حضور الاجتماع، وكم كانت صدمته كبيرة عندما لم يجد في القاعة غيره، وهو من سهر ليلة البارحة بأكملها مع زوجته يبحثان عن طرق شيطانية لإقناع الحضور بشراء بطاقات اليانصيب منه. فهو يعلم أنّ الحضور يمثلون الطبقة الراقية من الشعب ومن المؤكد أنّ جيوبهم مكدّسة بالقطع النقدية، ورغم خيبته قرر ألّا يعود البيت حتى يملاْ معدته من الحلويات والفواكه وغيرها مما كان متواجداً في البوفيه فهو على يقين أنّ زوجته لن تحضّر الطعام اليوم، فهو مَن وعدها أنه سيحضر معه فروجاً كربوجاً غنوجاً!!

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى