إدلب: ساعة الحسم اقتربت
حميدي العبدالله
أكثر من ستة أشهر والدولة السورية وسكان إدلب والمناطق التي تتعرّض للاعتداءات اليومية من الجماعات الإرهابية تنتظر أن يُصار إلى تطبيق اتفاق سوتشي الذي لو طبّق لما كانت كلّ هذه الاعتداءات، ولما كانت كلّ هذه المعاناة.
أُعطي الشريك التركي في الاتفاق الفرص الكاملة لوضعه موضع التطبيق، ولكن التركي بدلاً من تنفيذ الاتفاق الموقع مع روسيا عمد إلى استغلال الاتفاق لتعزيز احتلاله العسكري لإدلب بذريعة إرسال قوات لدعم نقاط المراقبة وتسيير الدوريات للتأكد من حسن تنفيذ الاتفاق والالتزام بما جاء فيه من بنود.
لكن الذي حدث على الأرض، بدلاً من إقامة المنطقة المنزوعة بعمق 20 كيلو متراً من السلاح الثقيل وخالية من المجموعات المدرجة دولياً على قائمة الإرهاب، تحوّلت المنطقة المنزوعة السلاح المفترضة، إلى معاقل للجماعات الإرهابية وحشدت فيها الأسلحة الثقيلة، ومنها تنطلق الاعتداءات التي أودت بحياة العشرات من جنود الجيش السوري ومن المواطنين.
حصلت أنقرة على الوقت الكافي ولم يعد لديها أيّ ذريعة أو حجة للتنصل من الاتفاق والعجز عن تنفيذه إنما بسبب التواطؤ مع الإرهابيين أو خوفاً منهم. ولم يعد هناك من مسوّغ لتمديد المهل أمام الجهات التركية التي يتوجب عليها القيام بالدور الأساسي لتطبيق سوتشي.
الردّ الرادع الذي تقوم به بين فترةٍ وأخرى روسيا إلى جانب الجيش السوري لوقف الاعتداءات الإرهابية، أو لحث تركيا على القيام بما يلزمها اتفاق سوتشي القيام به، لم يعد كافياً، لأنّ الاعتداءات لم تتوقف، بل ازدادت خطورة بعد أن بدأت تطال مدناً آهلة بالسكان مثل أحياء حلب ومصياف، وبالتالي بات من الملحّ والضروري وضع حدّ لهذا المسار العقيم الذي لم ينتج عنه أيّ شيء إيجابي، لا سيما بالنسبة لسكان إدلب والمناطق الواقعة في محيط المحافظة في ضوء الفوضى والفلتان الأمني الذي يعصف بالمنطقة وفق تقارير «المرصد» المعارض.
واضح أنّ سبباً رئيسياً من أسباب التريّث وتمديد المهل الممنوحة لتركيا، انتظار ما سيكون عليه حال الوجود العسكري الأميركي شرق الفرات. والآن بات واضحاً أنّ هذا الوجود مستمرّ ما بعد شهر نيسان حتى وإنْ كان ذلك بأعدادٍ أقلّ من أعداد القوات الحالية، والهدف الرئيسي من بقاء القوات الأميركية رعاية كيان انفصالي شرق الفرات، وبات واضحاً أنّ تركيا التي هددت أكثر من مرة أنها لن تسمح بذلك وسوف تجتاح المنطقة، لن تجرؤ على تنفيذ تهديداتها خوفاً من الردّ على الأميركي. وما كانت تراهن عليه موسكو لجهة وقوع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وتركيا، وانتظار هذه المواجهة هو الذي دفع موسكو للسكوت عن عدم وفاء أنقرة بالتزاماتها، لن تحدث هذه المواجهة، وبالتالي لم يعد هناك من مبرّر بتحديد المهل أمام تركيا، كما أنّ صبر الدولة السورية والشعب السوري قارب على النفاد.
لكلّ ذلك فإنّ ساعة الحسم في إدلب اقتربت، ولن يطول الوقت الذي تشرع فيه قوات الجيش السوري بإطلاق عملية تحرير إدلب، أو على الأقلّ فرض تطبيق اتفاق سوتشي بالقوة.