القطاع العام إلى الإضراب والاعتصام اليوم احتجاجاً على خفض الرواتب وعسكريون متقاعدون قطعوا الطرق في كلّ المناطق وتلويح نقابات بالتصعيد

يشهد لبنان اليوم حركة احتجاج عارمة لموظفي القطاع العام، بعد التلميحات الحكومية بتخفيض رواتبهم ومستحقات المتقاعدين، وفي هذا السياق تنفذ هيئة التنسيق النقابية إضراباً واعتصاماً اليوم في وسط بيروت.

وفي إطار هذا التحرك، والدعوات إلى اعتصامات في مختلف المناطق رفضاً لخفض رواتب المتقاعدين والتحفيزات المرافقة لها، لا سيّما للعسكريّين والضباط، قطع المحتجون الطرقات في عدد من المناطق اللبنانية.

ففي طرابلس تجمّع عدد من العسكريين المتقاعدين في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس. وفي شكا، قطعوا الأوتوستراد على المسلكين أمام محطة فنيانوس قبل ان يُعاد فتحه. كذلك، قطعت الطريق امام السيارات الآتية من الكورة باتجاه الأوتوستراد مفرق كفرحزير مطالبين بعدم المسّ برواتب العسكريين في الخدمة الفعلية وفي التقاعد وعدم المسّ بالمكتسبات والحقوق.

وفي البقاع، قُطعت طريق عام شتورا – ضهر البيدر عند مفرق قبّ الياس من قبل بعض المعتصمين. كما قطع بعض المعتصمين طريق عاليه بالإطارات المشتعلة عند مفرق شويت بعد مستديرة عاليه باتجاه بيروت قبل أن يُعاد فتحها في اتّجاه بيروت.

وفي الناعمة، قُطع الأوتوستراد بالاتجاهين بالإطارات المشتعلة، ما أدّى الى زحمة سير وصلت إلى مداخل صيدا، ولاحقاً أعادت القوى الأمنية فتحه.

كذلك اعتصم العسكريون المتقاعدون عند دوار البص في صور. وتحدث عدد منهم مطالباً الدولة بــ»عدم المسّ برواتبهم وإلاّ سيكون هناك كلام آخر». بعد ذلك، توجه المعتصمون بالحافلات إلى نقطة الزهراني لمواكبة زملائهم من النبطية وبنت جبيل وحاصبيا. ونفذ عدد منهم اعتصاماً عند مدخل إبل السقي قرب مرجعيون وتمّ قطع الطريق لبعض الوقت.

من جهتها، أشارت رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية إلى أنّ «في الوقت الذي تقوم الرابطة بالاتصالات على المستويات كافة من أجل تأمين حقوق المتقاعدين العسكريين والحفاظ عليها، وتتابع المواقف كافة التي تصدر عن السطات المعنية الرسمية وتتحسب لكلّ المواقف والقرارات التي ستعتمدها هذه الأخيرة لتبني على الشيء مقتضاه، فوجئت اليوم، مثل المواطنين، بعمليات تجمع وقطع طرق وحرق دواليب في بعض المناطق والمراكز اللبنانية يقوم بها عناصر من المتقاعدين العسكريين من مختلف الرتب جرفتهم الشائعات وغلبهم حماسهم غير المبرّر».

وأكدت الرابطة «أن لا علاقة لها البتة بهؤلاء الذين لا يمثلون سوى أنفسهم ويسيئون إلى المناقبية العسكرية والقسم الذي أقسموه يوم تطوّعوا في المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية».

وطلبت من وسائل الإعلام أن «تتواصل معها من أجل الوقوف على أخبار المتقاعدين في القوى المسلحة اللبنانية، وموقفها من كلّ ما يختصّ بهم، لا سيما على مستوى المعاشات وغيرها من الحقوق».

وعقد النوّاب الضبّاط المتقاعدون جميل السيّد، شامل روكز، جان طالوزيان، مؤتمراً صحافيا بعد لقاء ضمّهم والنواب العمداء مع العمداء المتقاعدين في المكتبة العامة في المجلس النيابي.

وقال السيّد «بتنسيق ما بين الضباط النواب الستة العميد شامل روكز، العميد جان طالوزيان، العميد الوليد سكرية، العميد وهبي قاطيشا، العميد أنطوان بانو، وأنا وبمبادرة من النوّاب الضباط تجاه المتقاعدين من كلّ الأسلاك العسكرية تمّ التواصل معهم على أساس تجميع الجهد والصوت ودراسة أنواع التحرك بشكل أن يكون الموضوع حضارياً ومنظماً لمنع المسّ بحقوق المتقاعدين».

وأعلن أنّ «الاجتماع أسفر عن تعيين لجنة متابعة وهي للتواصل بين عسكريين متقاعدين من مختلف المناطق وبين النوّاب، تركنا مجالاً للتعبير من قبلهم، رتباء ضبّاطاً، أفراداً، النقطة المركزية المشتركة بين الجميع كانت أن لا ثقة لنا بالدولة، لو أنّ الحسم من رواتب الموظفين والمتقاعدين سيؤدّي فعلاّ إلى إنقاذ الدولة كنا سنضحّي، ولكن نحن نعرف على ضوء التجربة وهذا كلامهم جميعهم أنّ أيّ حسم لن ينفع طالما الدولة لم تعالج أبواب الهدر والفساد التي ترتكبها بالدرجة الأولى في مختلف القطاعات والتي لم تعد من أسرار الدولة، وليست اتهامات عشوائية على الدولة».

ورأى أنّ «من أوصل الدولة إلى هذا الوضع هي القوى السياسية الموجودة حالياً والتي كانت موجودة في السابق»، مؤكداً أن «ليس هناك قبول بأيّ حسم وبأيّ تفكير في موضوع الحقوق التقاعدية».

وتحدث روكز فرأى أنّ «علينا أن نفتش عن أمور تسدّ عجز الموازنة، الموضوع من ناحية الأزمة الاقتصادية والدورة الاقتصادية وعجز الموازنة، هذا الموضوع لا يأتي على حساب العسكريين وحساب القطاع العام لأنه ليس هم من سبّبوا العجز وسبّبوا المشاكل في الموازنة من التسعينات إلى الآن»، وقال «أعتقد انهم هم من كانوا يدفعون الثمن بصورة دائمة منذ الـ 90 إلى الآن في كلّ المناطق اللبنانية وعلى كلّ الأراضي اللبنانية، هؤلاء لا يستأهلون في خدمتهم وتقاعدهم أن يُقتطع من معاشهم بنسبة 25 أو 30 أو 35 بالمئة».

وختم «سنبتعد عن قطع الطرقات وأن تمشي الأمور في التدرّج وعندما تُطرح الموازنة يبنى على الشيء مقتضاه».

وقال طالوزيان «لقاؤنا اليوم ليس له أيّ طابع سياسي، حقوق العسكريين المتقاعدين والموظفين هي حقوق مكتسبة وليس من المفروض المسّ بها ويجب ألاّ نبدأ بهذا الأمر، لا أحد لديه معلومات حتى الآن عن الموازنة وكلّ المواقف هي مواقف استباقية وتسريب أخبار».

وأضاف «الاجتماع كان لتدارس بعض المواضيع التي تتعلق بحقوق العسكريين، وبالمرحلة المقبلة عندما تأتي الموازنة والمهمّ أن تسرع الحكومة بإنجاز الموازنة وتحيلها إلى مجلس النواب لدرسها بالتفصيل وكلّ المواضيع سابقة أوانها، إنما الموقف هو استباقي لتدارس بعض المواضيع ومنها النزول إلى الشارع، ربما قبل وقته».

وفي المواقف من خفض الرواتب، رأى الاتحاد العمالي العام، في بيان، «أنّ هذه الحكومة ببعض مكوّناتها بسياساتها البالغة القهر والتعسّف ضدّ غالبية اللبنانيين، تبرهن من جديد أنها ليست سوى أداة طيعة لحفنة من أصحاب المصارف والشركات المالية والعقارية الكبرى الممسكة بتلابيب الاقتصاد الريعي والودائع المصرفية والمستفيدة من الهندسات المالية والفوائد العالية لسندات الخزينة ومن المضاربات المالية والعقارية، والتي أدّت الى وقف الاستثمارات والنمو الاقتصادي وساهمت في صرف عدد كبير من العمال اللبنانيين. وهي شريك أيضاً في السطو على الأملاك البحرية والنهرية والبرية وأملاك سكك الحديد».

وتساءل «أوَليس الأجدر بالحكومة أن تبادر إلى ضرب مافيات الدواء ومافيات الصفقات والسمسرات خارج إطار الهيئات الرقابية وإصلاح النظام الضريبي باتجاه ضريبة تصاعدية عادلة وتطبيق حازم يمنع التهرّب الضريبي؟ أليس الأجدر أن نبدأ بمحاسبة الكبار على مسؤوليتهم التاريخية في إيصال الوضع الاقتصادي الى حافة الانهيار؟ أوَليس الأجدر أن نحاسب سياسيين قضوا تسعة أشهر لتأليف حكومة كنا بأمسّ الحاجة إليها؟

أوَليس الأجدر محاورة الاتحاد العمالي العام والقطاعات النقابية والجهات المعنية في السياسات الاقتصادية الإنقاذية المطروحة عوَض فرضها بالقوة وكأننا في أنظمة توتاليتارية؟، أوَليس الأجدر التقيّد بالقانون وتعيين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية في وظائفهم الجديدة مع متطوّعي الدفاع المدني حيث تصل الشواغر في مؤسسات الدولة إلى حوالي 50 عوض التوظيف العشوائي الزبائني؟ وأليس هذا كله مقدّمة لإفراغ الدولة من كوادرها تمهيداً لخصخصتها تنفيذاً لإملاءات البنك الدولي ومشروع باريس 4؟».

وإذ رفض الاتحاد «هذه التوجهات سواء كانت جدية أو محاولة جسّ نبض لابتداع ضرائب أخرى كرفع الـ TVA ووضع جعالة 5000 ليرة على المحروقات» وإذ حيّا «القوى النقابية والشخصيات والكتل والأحزاب السياسية التي أعلنت رفضها لهذا التوجه الجائر نحو جيوب الموظفين والعسكريين وحقوقهم القائمة والمكتسبة» أعلن عن «وقوفه الحاسم إلى جانبهم في كلّ موقف يتخذونه دفاعاً عن حقهم».

كما أكد مشاركتهم في أيّ تحرك استباقي يرونه مناسباً، مشدّداً على «ضرورة الوحدة في الموقف والتحرك وعدم الشرذمة». ودعا «إلى عقد مؤتمر عام لجميع المتضرّرين»، معلناً استعداده لاستضافة هذا المؤتمر لإعلان موقف موحد واتخاذ كلّ الخطوات الضرورية لمواجهة هذا الخطر الداهم.

وأكد نقيب عمال وأجراء مرفأ طرابلس أحمد السعيد، بعد اجتماع عقده مع أعضاء النقابة في مركز النقابة في مرفأ طرابلس، «عدم السماح بالمسّ بحقوق العمال والموظفين»، معلناً «التوقف عن العمل في مرفأ طرابلس لمدة ساعة من الساعة 11 حتى 12 ظهراً بالتزامن مع اعتصام رياض الصلح»، مشيراً إلى «أنّ الخطوة التالية في حال صدور أيّ قرار يمسّ الحقوق المكتسبة سيكون الإضراب العام والمفتوح».

كما دعا تجمع العاملين في البلديات في لبنان، في بيان، إلى إضراب عام تحذيري اليوم في كلّ البلديات.

ودعت اللجنة المنبثقة عن موظفي وزارة الإعلام إلى التجمّع في باحة الوزارة عند الحادية عشرة من صباح اليوم التزاماً بقرار رابطة موظفي الإدارة العامة.

من جهته، رأى النائب قاسم هاشم أنّ التحركات التي شهدتها المناطق اللبنانية أمس رفضاً للمسّ بالرواتب، سواء للمتقاعدين أو الذين ما زالوا في الخدمة «تعبّر عن واقع يجب أخذه في الاعتبار وعدم القفز فوقه، وإذا كان اللبنانيون بكلّ فئاتهم ومستوياتهم يستشعرون حدود الأزمة المالية الاقتصادية، فهذا لا يعني ان الحل يكون بمدّ اليد على جيوب الموظفين».

وحمّل الأمين العام لـ»التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد «الطبقة السياسية الحاكمة بكلّ مكوّناتها مسؤولية الهدر والفساد المستشري ونهب المال العام على مدى ثلاثة عقود»، واتهمها بـ»التواطؤ لتحميل المواطنين المسؤولية وتدفيعهم أثمان سياستهم الخاطئة في إدارة شؤون البلاد والعباد».

ورأى «أنّ كلّ فريق سياسي يحاول التهرّب من المسؤولية عن القرارات الجائرة في حق اللبنانيين وتحميلها لفريق آخر خوفاً من غضب بيئاتهم الحاضنة»، وقال «إنّ الهمروجة الاعلامية المضخمة لقوى السلطة بأنّ عدم تنفيذ القرارات المؤلمة التي اتخذتها الحكومة ستؤدّي إلى انهيار الوضع الاقتصادي والمالي وستفقد العملة الوطنية قيمتها، هي في غير محلها وليست صحيحة أو واقعية لأنّ من سيتحمّل المسؤولية وتنعكس عليه تداعيات هذه القرارات هم من يملك الثروات والشركات الكبيرة والمصارف وليس فقط الفقراء وأصحاب الدخل المتواضع».

وسأل «ألم يكن الأجدى والأفضل الحصول على الأموال من المصارف والشركات وأصحاب الرساميل ووقف المخصصات السرية للرؤساء والوزراء والنواب وتخفيض رواتبهم بدلاّ من حرمان الموظف المتقاعد من قسم من راتبه الذي يكاد يكفيه ويقيه من الفقر والذلّ وهدر الكرامات؟ أليس من الأجدى تخفيض سفرات المسؤولين على نفقة الدولة والغاء تعيين بدعة المستشارين؟»

وأكد الأسعد «أنّ الطبقة الحاكمة بسياستها العمياء ذاهبة باتجاه التصعيد والتصادم مع اللبنانيين»، معتبراً «أنّ الحراك المطلبي وقطع الطرق وإضراب هيئة التنسيق النقابية ليس سوى بداية الغيث لما هو آت».

كما دعا العديد من الاتحادات النقابية إلى الالتزام بالإضراب اليوم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى