قالت له
قالت له: ماذا يقول لك الدمع في عين حبيبة؟
قال: إذا وثقت أنها الحبيبة فهو شدّة التعلق والوجد والشعور بالخوف من فراق.
قالت: وإذا لم تثق؟
قال: هو أحد أسلحة الأنثى.
قالت: وإن كانت بين بين؟
قال لها: هو بكاء على الذات أو ربط نزاع.
قالت له: وما الفرق؟
قال: بكاء على الذات من الحيرة أو ربط نزاع للمقارنة بين خيارات.
قالت: اشبع فضولي بشروحك.
قال لها: عندما تتحدثين عن البين بين فأنت تقصدين امرأة تريد رجلاً، لكنها تستطيع الفراق. وهي بالمقابل غير واثقة من أنها ذاهبة للأفضل أو أنها عاجزة عن تبرير الراهن فيصير الدمع لغة مناسبة للتغطية على الحيرة أو لربط النزاع وهو اللغة الأشدّ بلاغة في ترك الأثر الطيب لفعل ليس بالطيبة ذاتها.
قالت: أتراه مقصوداً؟
قال: لا بل هو تدفق أنثوي لفائض قوة في مظهر الضعف ولحظة الضعف.
قالت: ومنك أستزيد.
قال لها: أشد ما يقتل الرجل دمع امرأة يربطه بها بعض حب أو كله. فهو رسالة اتهام بالعدوان بلا عنوان ودعوة للرفق والتعاطف والتنازل وربما الاستسلام وغريزة الأنوثة تشعل مفاتيح الدمع بلا استئذان. وإن كان للطيبة مكان لا ينتظر الدمع أمراً ولا قراراً، بل ينهمر إنكاراً أو إقراراً أو استنفاراً أو استشعاراً أو اعتذاراً أو استقراراً، فهو يشبه نعم التي يحدد معناها شكل قولها ومكانها في سياق الكلام فهي لا وهي تعجب أو سؤال أو قبول أو أسف أو إنصات أو إسكات، والدمع هو نعم بلغة العيون.
قالت: ودموعي؟
قال: تقتلني.
قالت: ألا تفسرها؟
قال: تمتلكني قبل أن أنظرها.
قالت: وماذا تقول لك؟
قال: تراجع خطوة إلى الوراء.
قالت: فلا تتقدّم؟
قال: بالكلمات أم بالخطوات؟
قالت: وما الفرق؟
قال: بالكلمات أختار الصمت وبالخطوات أختار الوقت.
قالت: وقت ماذا؟
قال: وقت التقدّم خطوة لقطاف قبلة.
قالت: وماذا تنتظر ودمعة محبوسة في عيني تحتضر؟
قال: سأختبر.
قالت: عاجلني قبل أن أنفجر.
قال: لا أريد أن أختصر.
قالت: لا تنتظر.
قال: الدمع يقابل الدمع والعين تقابل العين والقلب بنبض القلب يعتبر.
اقتربت حتى تعانقا.