قالت له
قالت له: هل ترى في الحب منعرجات لصعود وهبوط وصعود؟
قال لها: نعم، فللزمن كلما طال عوامل استهلاك للحرارة وكل جسم أو علاقة يفقدان الانبهار ويفقدان الكثير من الاشتعال كلما مر عليهما الزمن حتى لو زادت القيمة الإنسانية للعلاقة، فالتغير يصيبها.
قالت: وكيف يكون الصعود بعد مثل هذا الهبوط؟
قال: بمرور الزمن خيبات وخبرات تكشف المعادن فترفع شأن القيمة لكل أصيل ويزداد التمسك بمن وقف معك في الضعف ومَن تحمّلك في الغضب ومن احتوى أنانيتك ومن تسامح مع قسوة الكلام والسلوك.
قالت: عندما تكون الخيبة شعوراً لنقص الوفاء أو لخيانة لا تغتفر؟
قال: ما لم يتم الفراق، فهذا معناه أن تسامحاً بدرجة معينة يصون البقاء وأن عذراً يخفف من الغضب ويحيله إلى العتب وأن الاهتمام أقوى من الآلام وأن المقارنة بما بين الناس يحسم الجدل لصالح ترك الزمن يتجاوز الاختناق ويحول دون الفراق.
قالت: وهل يبقى الشغف؟
قال لها: يُصاب بالوهن والبرود، لكن من الممكن أن يعود.
قالت: وكيف؟
قال: إن كان الحال لنزوة عابرة يفهم الإنسان ضعف الإنسان وإن كانت لمشاعر قاهرة فيصير من الصعب النسيان. فالجسد ليس هو المقياس بل القلب، رغم ما قد يبدو هذا القول صعباً وما لم يدخل القلب شريك مضارب يصير خفيفاً حمل المتاعب.
قالت: ونحن؟
قال: مررنا بالكثير ولا يزال أمامنا الأكثر، لكننا كما نسير تخطينا السذاجة والمراهقة والأوهام. ولعل في بعض الكلام ما يبدو غريباً أو كئيباً، فالمرأة عندما تصير في حياة الرجل أماً وأختاً وصديقة بمثل ما هي حبيبة تصير العلاقة في بر الأمان.
قالت: والشغف؟
قال: بعض الشغف إثارة وبعض الشغف حرارة وبعض الشغف شوق وبعضه شوك.
قالت: ونحن؟
قال: بين بين.
قالت: ودمع العين؟
قال: وفاء بعض الدين
قالت: وإلى أين؟
قال: من حيث نحن لا أين لا للانطلاق ولا للافتراق. فقد نضجنا وأدركنا أن قراراً كقرارنا سؤاله الأهم هو بين وليس أين وما بيننا هو أيننا.
قبّلته ومضت وهي ترمي خصلة من شعرها وراء كتفها بغموض لا يُعرف حال الرضى من الغضب.