من قال إن الزمن لا يتوقف
أتذكّرُ جيّداً لحظةَ ولدَتني أمّي كم كنتُ سعيدةً إلّا أنّ الطّبيبَ لم يكن كذلك فأصرّ أنْ يربّتَ ظهري إلى أنْ
بكَيتُ.
ومن تلكَ اللّحظةِ وعينايَ تذرفانِ الدّموعَ!
مَن قال إنّ الزّمنَ لا يتوقّفُ؟!
أخذني والدايَ إلى منزلنا الذي كان عبارةً عن قبوٍ لأحد الأبنيةِ القديمةِ وقد تخاصمَ مع الشّمسِ ذات يومٍ حول سببٍ لا أعرفه.
فلم تعد تزوره الشّمسُ قط.
شعرتُ بقشعريرةٍ رطبةٍ سرَتْ في بدني بالرّغم من ميلادي الذي يصادفُ في شهرِ حزيرانَ الحارِّ
ومنذ تلك اللّحظةِ وشعورُ الصّقيعِ لا يفارقُ روحي
مَن قال إنّ الزّمنَ لا يتوقّفُ؟!
في أوّل يومٍ لي في المدرسةِ تأخّرتُ فقط للحظاتٍ عن موعدِ الحافلةِ، فهرولتُ مسرعةً علّني ألحقُ بها
لهثتُ كثيراً بعد أنْ تناثرتْ كتبي وأقلامي على الأرضِ
ولم يجدِ الأمرُ نفعاً
ومن يومها وأنا ألهثُ وألهثُ بلا طائلٍ
مَن ذاك الذي قال إنّ الزّمنَ لا يتوقّفُ؟!
وبالرّغم من محاولةِ إقناعِ معلّمةِ الرّياضة بأنّني لا أصلحُ للألعابِ الجماعيّة إلّا أنّها أجبرتنْي على أنْ ألتحقَ بفريقِ كرةِ السّلّة للبناتِ نظراً لطولي الذي يصلحُ باعتقادها للمهمّةِ ونظراً لإحرازي العديدَ من الأهدافِ بينما أتمرّنُ وحيدةً!
وفي كلّ مباراةٍ لم تكنْ تمرُّ دقيقةً إلّا وتنعرني واحدةٌ من الفتياتِ في خاصرتي لمنعي من تحقيقِ الهدفِ وقد يبدو هذا أمراً طبيعيّاً فيما لو كانتِ الفتاةُ من فريقِ الخصمِ!!
ومن يومها لم يعدْ جسدي ينزفُ من الخناجرِ المزروعةِ فيه بل باتَ يرويها إلى أنْ
تتفتّحَ وروداً
مَن قال إنّ الزّمنَ لا يتوقّفُ؟!
كلُّ لعبةٍ لعبناها في الصّغرِ… انتهتْ حينئذٍ في وقتها
إلّا لعبةُ الغمّيضةِ
فما زال الكثيرونَ منّا مغمَضي العينَينِ
وبعضنا الآخر تائهاً بانتظارِ أنْ يجدهم أحداً ما
مَن قال إنّ الزّمنَ لا يتوقّفُ؟!
ومَن لم يقتنعْ بأنّ الزّمنَ قد يتوقّفُ ويتوقّفُ ويتوقّفُ
فلْينتظرْ إلى أنْ
يفقدَ حبيباً
ريم رباط – سورية