واشنطن ومحاولات تقسيم «الكعكة الصعبة»…!

فاديا مطر

لم ينجح الانقلاب الذي قادته واشنطن في 30 نيسان المنصرم بفرط عقد فنزويلا من الداخل، رغم أن هذا الانقلاب هو الخطوة الأميركية الأوضح في محاولة عزل الرئيس الفنزويلي «مادورو»، والذي استطاع إفشال الخطوة الأميركية بجدارة المعادلة الثلاثية التي يقودها وهي « الرئيس والجيش والشعب».

وهنا تقف واشنطن محرجة أمام الرأي الداخلي الأميركي والدولي بعد فشل عميلها «خوان غوايدو» والبروبغندا الإعلامية التي قادها وزير الخارجية الأميركية «بومبيو» في تحريك مسار «انقلاب عسكري» وصفه الرئيس الفنزويلي بـ «التافه»، لكن المحاولات لن تنتهي هنا ولن تجد واشنطن أمامها سوى إعادة وضع كل الخيارات على الطاولة كما صرح مستشار الأمن القومي «جون بولتون» أمس، واتهام كوبا بدعم لفنزويلا وتهديدها ومعاودة اتهام روسيا بإفشال خطوة خروج الرئيس مادورو خارج البلاد ما هي إلا صورة واضحة لفشل قيادة واشنطن لخطوة إسقاط نظام الحكم في الدولة البولفارية التي عمدت الولايات المتحدة على محاصرتها وعزلها بكل الطرق.

لكن الجديد في الأجندة الأميركية يقف عند امتلاك فنزويلا لمنظومة الدفاع الصاروخية S 300 الروسية الصنع، وهي منظومة تستفيق عندها واشنطن على وقع ذكرها فقط، فكيف إذا كانت فنزويلا تمتلك أيضاً منظومات متطورة تضع حداً لأي هجوم بري قد تفكر واشنطن فيه؟ فالخسارة السياسية التي منعت الاعتراف الدولي بغوايدو «رئيساً» لفنزويلا سيتبعه فشل آخر في حال أقدمت الولايات المتحدة على خطوة عسكرية تستجلب فيها داعمي الرئيس مادورو الى مواجهة أكبر، وهو ما تحتسب له واشنطن في حساباتها المقبلة حتى لو تدخلت عبر كولومبيا الحدودية أو البحر، فالحليف الروسي الذي دعا غداة الانقلاب الفاشل الى اجتماع أمني في الكرملين يضع أيضاً كل الحسابات على الطاولة السياسية والعسكرية.

وهذا مرتبط بقوة بالرفض الدولي لمحاولات واشنطن التدخل المباشر في فنزويلا والتي تعيق جدياً خطواتها المستقبلية الدعم الروسي القوي على كل المستويات، لكن ثمة مؤشرات بدأت تظهر على السطح السياسي الدولي ترسم بوضوح تحالفات تنضم الى الدعم الروسي من الصين وإيران وكوريا بالرغم من التقول الأوروبي الذي لا يعكس الفعل الذي تدعي به بعض الدول الأوروبية والتي حتى اللحظة ما زالت شريكاً أميركياً يوازي عمل الولايات المتحدة بالطرق السياسية.

فالخطوة الأميركية باتت تستدعي خيارات أخرى من واشنطن وحلفائها في الحرب على فنزويلا وربما الإقدام على عمل عسكري أصبح يقف عند محددات لا تسمح لواشنطن بالتصرف به والرجوع الى الضغط السياسي والاقتصادي كفترة تهدئة تتابع فيها واشنطن نياتها.

فمحاولات تقسيم فنزويلا النفطية أو تغيير نظام الحكم البوليفاري فيها لم يعد باستطاعة واشنطن عسكرياً أو حتى بقيادة معارضة داخلية تحمل صبغة «تمرد عسكري» أو محاولات إيجاد مجلس عسكري يقود فصائل منشقة تقاتل أو تستحوذ على مساحات جغرافية.

وهو ما فقدته واشنطن فعلياً من عنصر المفاجأة في قيادة هذا الانقلاب الفاشل، وتجييش بعض الداخل الأميركي السياسي الذي يترقب إخفاق «ترامب بومبيو» في الموضوع الفنزويلي المضاف الى باقي مواضيع الصراع والتحالفات في الشرق الأوسط الآسيوي.

وليس الوضع العسكري الأميركي الحالي يسمح بتدخل «الناتو» حالياً أو إنشاء «تحالف» يشبه «التحالف العربي» في اليمن.

فالذاكرة البوليفارية غنية بما يكفي لتفادي أي مخطط أميركي يستهدفها، وهي عقيدة إيدولوجية مترسخة في الشعب الفنزويلي الذي لم يسمح لأي شق داخلي بالوصول الى الجسد الفنزويلي العسكري أو الشعبي.

وهذا ما يمكن أن يعوّل عليه الرئيس مادورو جدياً في صون فنزويلا من أي تقسيم يطال «الكعكة الصعبة»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى