قالت له
قالت له: أتغضب مني إن قلت لك إني لن أصوم رمضان هذا العام؟
قال لها: أنا عالق بين حدين أن أقول إني سأغضب لأنه لا يجوز أن أشجعك على عدم الصيام وأن اقول لا لأن رمضان يعلمني التسامح والتراضي، كما أعلق عندما تحدث صدفة تزعجك وأخفيها عنك فأعلق بين أن أصارحك لأن عهدنا ألا نخفي شيئاً أو لا أفعل لأنك ستغضبين لشيء لا يستحقّ.
قالت: تقصد أنه يحدث بأن تُخفي عني بحجة عدم إغضابي وما عساه يغضبني غير وجودها بما تسمّيه صدفة. وأنا أعلم أن لا صدفة إلا وقد برمجت وقوعها يد خفية سواء يدك أم يدها.
قال: بالتأكيد لا تقصدين اتهامي، ولكن حتى اتهامها فيه ظلم وافتراء. فالصدفة صدفة وحسب.
قالت: أتدافع عنها إلى حد اتهامي بالافتراء؟
قال: كما أدافع عنك إذا تعرّضت للظلم.
قالت: وتشبّهني بها؟
قال: أقصد كما أدافع عن أي أحد.
قالت له: وتعتبرني أي أحد؟
قال لها: هناك مبادئ نطبقها في حياتنا على مَن نحب ومَن لا نحب، فتكون لأي أحد. وهذا لا ينتقص من مكانة من نحبّ بأن له في ما يشترك به مع سواه خصوصية عندنا.
قالت: وهل أبقيتَ لهذه الخصوصية مكان؟
قال: ألا تلاحظين أننا كنا بالصيام وصرنا بعلم الكلام؟
قالت: لأنك تستغفلني وأنا عيني لا تنام.
قال: بل لأنك تقاتلين بلا خصم ومع نفسك لا تجدين السلام.
قالت: بل أرفض الاستسلام.
قال لها: وإن سألتك عن الختام؟
قالت: أن تجنبني الآلام.
قال: وأن تتحاشي الصدام.
قالت: أنت تجعلني أعيش الانفصام.
قال لها: أنت لا تدعينني أعلم متى الوفاق ومتى الخصام.
قالت له: إذن بدلاً من التراجع تقدّم إلى الأمام.
قال: دعينا نبدأ شهر الصيام بانسجام.
قالت: والحساب بعد الصيام.
قال: بعد الشهر أرفع الأعلام.
فقالت: وأؤدي لك التحية بكل احترام.
تبسما ومضيا يشبكان الأيدي يتمتمان لرمضان سحر يقضي الأمور العظام.