معلولا تقرع أجراس الأعياد… حداداً على شهداء «المنار» عين العالم على أوكرانيا

كتب المحرر السياسي

تلقى الإعلام اللبناني والعربي صدمة خسارة ثلاثة من فرسانه العاملين في الزميلة قناة «المنار»، كما تلقاها جمهور المقاومة وعمّت حزناً على الشعب اللبناني والرأي العام العربي خسارة الإعلاميين، الذين ارتقوا شهداء الكلمة الحرة أثناء تغطيتهم تحرير الجيش السوري لبلدة معلولا، برصاص مجموعة من جبهة النصرة التي فشلت في الهرب فاختبأت في أحد أحياء البلدة حتى كشف وجودها تقدم الوفود الإعلامية، فارتكبت جريمتها بحق الإعلاميين العزل بدم بارد لتلاقي مصيرها المحتوم بعد ذلك على أيدي وحدات الجيش السوري التي لاحقتها وأكملت تطهير كامل البلدة والتلال المشرفة عليها، وصولاً إلى بلدات القلمون الممتدّة حتى جيرود.

إنجازات الجيش السوري المتزامنة… من جوبر والمليحة ومعلولا وجيرود وحمص وصولاً إلى كسب وحلب، ولّدت مناخاً دولياً تصعيدياً من الدول المشاركة في الحرب على سورية، والمنشغل أقواها من واشنطن إلى عواصم أوروبا بما يجري في أوكرانيا، فصار الحديث مجدداً عن الأسلحة الكيماوية أو المواد السامة والتلويح بالتصعيد الديبلوماسي تعويضاً للفشل العسكري.

سورية لم تعد أولوية القوى التي أدارت الحرب خلافاً للرغبتين السعودية والتركية كل من موقعه، فأوكرانيا تدخل الحرب الأهلية وانفصال شرق أوكرانيا عن حكومة كييف يبدو مسألة زمن، ما لم يتمّ السير بتسوية سياسية تأخذ برغبات السكان ذوي الأصول الروسية.

مسار القرم يتكرّر في شرق أوكرانيا، وروسيا تبدو متمكنة من التحكم بأوراق القوة التي حسبتها جيداً، لخطر لجوء الغرب لفتح الفالق الأوكراني بغية ابتزازها، والضغط عليها بملفات الشرق الأوسط، التي تدرك روسيا أنها ساحة حضورها كقوة دولية يُحسب لها الحساب.

تبدو واشنطن ومعها العواصم الأوروبية مرتبكة، فالسير بالتصعيد السياسي لا يملك أدوات التنفيذ لتغيير المعادلات، والرهان على العقوبات لم يعد يملك البريق ولا المهابة التي كان يتمتع بها قبل سنوات وعقود، فروسيا قوة عظمى اقتصادياً بمواردها الطبيعية وحجم سوقها

للشركات الأوروبية، وفي ظلّ الكساد العالمي تبدو المخاطرة بالعقوبات عزلاً للغرب عن اقتصادات الشرق، التي يستمدّ منها حيويته ويسعى لمداواة أمراضه الاقتصادية بالمزيد من الاندماج فيها، بينما التصعيد بالعقوبات على روسيا سيفتح باب تكتل دول «بريكس» الذي يضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وتشكل كمصادر للمواد الخام وحجم في الأسواق، ما يتهدّد الغرب بأضخم أزمة اقتصادية ومالية، إذا قاده العناد والغرور للسير بعقوبات تتعدّى قشرة فشّ الخلق ببعض الأفراد، وصولاً إلى الدول والحكومات.

كما الارتباك الغربي ارتباك برلماني لبناني في لحظة يقظة اجتماعية، لمتابعة المواقف من السلسلة التي تطرح اليوم للنقاش والتصويت في مجلس النواب.

للمرة الأولى يبدو للمتابعين أنّ الانقسام السياسي الذي حكم لبنان لعشر سنوات بين تكتلي الثامن والرابع عشر من آذار، إذا أضفنا تكتل الإصلاح والتغيير إلى تكتل الثامن من آذار، هو انقسام له جذره الاقتصادي الاجتماعي.

قيمة استحقاق السلسلة على هذا الصعيد أنه فيما بقيَ إرضاء هيئة التنسيق النقابية صعباً وتلبية طلباتها فوق قدرة التسويات، بدا أنّ حزب المال والعقار الحاكم اقتصادياً يخوض معركة الدفاع عن مصالحه بشراسة غير مستعدّ لمقايضة الاستقرار بالحدّ الأدنى من التنازلات، ومثلما بدت قوى الثامن من آذار على رغم تمسّكها بالالتزام مع الفئات الشعبية باحثة عن تسوية قابلة للتطبيق، ولو من دون رضا الممثلين النقابيين لأصحاب المطالب والحقوق، بدت قوى الرابع عشر من آذار غير معنية بالبحث عن تسويات خارج إطار الديكور التجميلي الشكلي من دون فرض تنازلات جدية على حزب المال والعقار، الذي نجح بتظهير الرابع عشر من آذار كموظف سياسي وتشريعي عنده.

تبدو كتل الرابع عشر من آذار منسجمة بلا حرج في خيارها، كما تبدو قوى الثامن من آذار على رغم عدم انسجامها مع الحدّ الأدنى الذي رسمته النقابات، مستعدّة لخوض المعركة حتى النهاية، وكما في السياسة يبدو النائب وليد جنبلاط تعبيراً عن وسطية سياسية تجد جذورها في التحوّل الذي أدخلته الحرب واقتصاداتها على التكتلات السياسية بالاندماج مع شركات المال والعقارات، وما كانت عين الكثيرين فيه مفتوحة لمراقبة درجة التغيير في موقع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع ظهور تكتلات مصرفية وعقارية تحت عباءة الصعود السياسي لحركة أمل، فبدا ثابتاً في التمسك بمفهوم ضرائبي يفرض على هذه القوى المشاركة في حمل عبء تمويل السلسلة على رغم كلّ الضغوط، بينما بدا اطمئنان الجسم النقابي للموقف الجنبلاطي كإرث تقليدي لا يتزحزح في غير مكانه، بعدما جاهر جنبلاط بحسابات مستجدة لترسيم موقعه النهائي كوسطي يحسبها قبل أن يضع القدمين في أرض واحدة.

جلسة ساخنة اليوم لإقرار السلسلة

وفي ساحة النجمة، تعقد الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة غير عادية لمناقشة وإقرار سلسلة الرتب والرواتب اليوم في أجواء توحي بأن النقاش سيطول حول العديد من البنود نظراً لوجود تباين في الآراء النيابية في ضوء التحفظات التي أبداها الرئيس فؤاد السنيورة وفريق من المستقبل وجنبلاط وكتلته.

ويسود الاعتقاد أن الجلسة ستطول إلى المساء وربما تمتد إلى الأربعاء بعد جلسة مجلس الوزراء.

«المستقبل» يريد «تفريغ» السلسلة

وبحسب المعلومات المتوافرة من مصادر نيابية، فإن السنيورة وفريقه يحاولون تفريغ السلسلة من محتواها من أجل تخفيض كلفتها ويسعون إلى زيادة الـT.V.A بدلاً من الضرائب على المصارف والشركات، أولاً لخلق أجواء مناهضة لهيئة التنسيق النقابية، وثانياً لدعم سطوة المصارف وحيتان المال.

بري مصمّم على إقرارها

غير أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدا مصمماً على إحقاق حقوق الناس، كما عبّر أمس خلال ترؤسه كتلته النيابية وتأمين الإيرادات من دون انتقاص هذه الحقوق، وستكون لكتلة رئيس المجلس وكتل أخرى مواقف حازمة، دفاعاً عمّا توصلت إليه اللجان المشتركة، خصوصاً بالنسبة للضرائب على المصارف حيث أكد الرئيس بري مرة أخرى أنها تجني أرباحاً فاحشة.

ويعوّل الرئيس بري أيضاً على الإصلاحات إن كان على صعيد تعزيز الهيئات الرقابية وتنشيط عملها أو على صعيد التشريع الإصلاحي في المجلس أو على صعيد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للفساد والهدر، ويتخذ حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح والقومي والبعث مواقف مماثلة مؤيدة لإقرار السلسلة، كما تؤيد «القوات» إقرارها بينما لم يتبين موقف الكتائب بعد. وبدا الوضع منقسماً في كتلة «المستقبل»، بينما يرجح أن تتحفظ كتلة جنبلاط.

ويتجه الرأي إلى إقرار السلسلة مقسّطة على ثلاث سنوات وعدم إعطاء مفعول رجعي أو احتسابه اعتباراً من 1/7/2013.

تعيينات في مجلس الوزراء غداً

في سياق متصل، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية عصر غد في قصر بعبدا ويناقش جدول الأعمال ويُنتظر أن يقر المجلس بعض التعيينات أبرزها تعيين رئيس لمجلس الخدمة المدنية، والمرجح لهذا الموقع السيدة فاطمة صايغ عويدات. ولم تستبعد مصادر وزارية تمرير بعض التعيينات من خارج جدول الأعمال، مشيرة إلى استمرار الاتصالات للتوافق على تمرير تعيين رئيس المجلس الأعلى للجمارك ومديرها العام، وأيضاً رئيس الصندوق المستقل للإسكان.

ضبابية تحيط بالاستحقاق الرئاسي

أما في سياق الاستحقاق الرئاسي، فقبل شهر وعشرة أيام من انتهاء المهلة الدستورية في 25 أيار لانتخاب الرئيس الجديد، الأمور لا تزال ضبابية، ولا شيء حتى الآن يوحي بقرب هذه المعركة. وتقول مصادر سياسية عليمة إن المعطيات الخارجية والداخلية لا تؤشر إلى إمكان التوافق على مرشح توافقي في ظل استحالة فوز مرشح تحدٍّ لا يحظى بتأييد الأكثرية النيابية. وتوضح المصادر أنه على رغم صدور بعض المواقف من جانب عواصم معنية لهذا الملف، فهناك كثير من الغموض الذي يلف مواقف هذه العواصم من مسألة المرشحين للانتخابات، وهو ما يعني أن الظروف المحيطة بلبنان لم تحسم حتى الآن المسار الذي ستذهب إليه الأمور في ما يتعلق بالرئيس الجديد.

وتوضح المصادر أيضاً أن الأطراف الداخلية تحاذر بمعظمها الكشف عن أوراقها لأنها على دراية كاملة أن صناعة الرئيس الجديد إذا كانت الظروف مواتية تحصل في ربع الساعة الأخير.

«المستقبل» نحو تبني جعجع لعدم «كسر الجرّة»

وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة في قوى «14 آذار» أن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري لا يزال يستكشف المعطيات الخارجية والداخلية، قبل حسم موقفه في ما يتعلق بترشح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وفي الدرجة الأولى استكشاف موقف السعودية من الانتخابات الرئاسية في لبنان بما في ذلك موضوع ترشح رئيس «القوات».

إلا أن المصادر توقعت أن يذهب «المستقبل» بعد إعلان الرئيس بري عن موعد جلسة الانتخاب نحو تبني ترشح جعجع. وقالت المصادر إن «المستقبل» مضطر للسير بهذا الترشح حتى لا «يكسر الجرة» مع حليفه سمير جعجع ولإدراكه أن لا حظوظ أمام الأخير للحصول على أكثرية نيابية، ولذلك فهو سيذهب نحو إرضاء رئيس «القوات» خلال جلسة أو جلستين لمجلس النواب، حتى لا يؤدي أي موقف سلبي إلى فرط تحالف «14 آذار». وأشارت إلى أن مواقف مسيحيي هذا الفريق تنتظر ما سيقرره «تيار المستقبل» وإن كان ما سرّب عن رئيس حزب الكتائب أمين الجميل يشير إلى أنه غير متحمّس لترشح جعجع وهو لن يقول شيئاً عن هذا الترشح قبل معرفة موقف «المستقبل».

الإرهاب يغتال ثلاثة زملاء من «المنار»

في هذا الوقت زفّت قناة «المنار» ثلاثة زملاء من العاملين في المحطة وجرح آخرين برصاص الإرهاب والإرهابيين في بلدة معلولا السورية، بعدما كان الجيش السوري تمكن أمس من تطهيرها من المجموعات المسلحة، كما تمكن من تطهير بلدة الصرخة والعديد من التلال في القلمون.

والشهداء الثلاثة هم: المراسل حمزة الحاج حسن، المهندس التقني حليم علّوه والمصور محمد منتش، والشهداء سقطوا بسبب حقد المجموعات الإرهابية على الكلمة الحرة ونقل الحقيقة، ما يؤكد للمرة الألف أنّ هذه المجموعات لا هدف لها سوى القتل والإرهاب ومحاولة إسكات كلّ صوت يطالب بالحقيقة، مع الإصرار على تحويل سورية إلى مرتع للقتل والإجرام بدعم من أمراء الخليج والغرب الذين يصرّون على الاستمرار في رعاية الإرهاب والإرهابيين خدمة لكيان العدو «الإسرائيلي».

وقد لاقت الجريمة حملة استنكار سياسية وإعلامية واسعة، فوصف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اغتيال الإعلاميين الثلاثة بأنه «عمل جبان»، فيما أكد الحزب السوري القومي أنّ استهداف الإعلاميين، دليل على بشاعة الإرهاب والتطرف الذي لا يقيم وزنا للمواثيق الدولية التي تفرض عدم التعرّض للإعلاميين، وأنّ هذا الإرهاب يمارس غرائزه الإجرامية، ويزداد وحشية بدعم غربي وإقليمي وعربي، مشدّداً على أنّ دماء الشهداء التي روت أرض التاريخ في معلولا، ستخلّد ذكراهم ليبقوا في ذاكرة الأمة أبطال الحرية الخالدين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى