اليأس طريقاً إلى السعادة؟
الأشياء الثّمينة – وفي كثير من الحالات – لها مفعولان سلبيّ وإيجابيّ، وطالما قالوا: «الحاجة أمّ الاختراع».. لذلك نرى «الحاجة» – كمفصل حياتي – أنّها ومهما عظّمت قيمتها وكان مفعولها إيجابيّاً أو تدنّت أهميّتها وكان مفعولها سلبيّاً تنتج خدمةً ما لمن رجحت عقولهم وأدركوا سرّ الحياة حتّى في عود ثقاب! مدركين تماماً كيف تجعل الإرادة إنسانها حرّاً يستطيع التحرّر من ضرر عادةٍ ما مدركاً ما هو الجدير بالاستمرار.. بالحياة!!
اجتمعوا في ليلةٍ ماطرةٍ عاصفةٍ مظلمةٍ.. تلقّوا الأوامر، وسارعوا لتلبيَتها مشياً على الأقدام، استمرّوا في المشي حتّى أضناهم التّعب، مكثوا ليستريحوا، تناول أحدهم علبة السّجائر، ووزّع للجميع سيجارةً سيجارةً… على الماشي، فتح علبة الكبريت والتي لم يكن بداخلها سوى القليل من العيدان، أشعلَ أوّل عودٍ محاولًا إشعال السّيجارة، ولكن هبَّات الرّيح لم تلبث أنْ أطفأته!
فتناول الآخر إنّما لم يكن الأفضل حظّاً من الذي قبله!
فما كان منهم إلّا أنْ اقترحوا أنْ يتجمّعوا حول عود الثّقاب المتبقّي حريصين لكيلا تسبق سرعة الرّيح العاصفة سرعتهم فتطفئ العود الأخير..
إنّه الأمل الأخير!
لكن الأمل الأخير هذا بدأ يتلاشى ويثير إحباطهم! كرهوا استراحتهم، وكرهوا سجائرهم الحيّة ورموها بعنفٍ على الأرض، فحالت لطمات الرّيح بينها وبين سقوطها وتطايرت مع الحلم الدّفين!
بدا لهم الأمر حلماً ضبابيّاً مجهولاً، تعثّر فيه آخر أملٍ سلبيٍّ غير مستحقٍّ! حين لم يستجب لهم قدرهم، وحرصهم، وحتّى حظّهم ولا فرق!
وكأنّ أمل اللحظة، أضاء لهم مستقبل اليقظة!!
يا لها لحظة زمن بعيد قريب أدّت إلى يقظة انتهت إلى تحرّر من حيرةٍ إلى خيرةٍ وسعادة تكمن أحياناً في عمق اليأس!!
د.سحر أحمد علي الحارة