واشنطن تمهّد لفتح سفارتها في دمشق قبل الربيع لافروف يتقدّم اليوم بمشروع الحلّ الوسط في فيينا

كتب المحرر السياسي

تقاطعت المعلومات الواردة من مصادر فرنسية ديبلوماسية تبلغتها قيادة الائتلاف السوري المعارض رسمياً، مع ما تسرّب عن محادثات نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في أنقرة، لتأكيد قرار فتح السفارة الأميركية قبل ربيع العام المقبل، والقرار الذي يعني بداية جدية ورسمية لفكفكة الحملة التي بدأت مع تصاعد الحرب على سورية، لن ينفع في تسويقه التبرير الأميركي بأنه تعبير عن رغبة في التواجد عن قرب من الأحداث في دمشق في مرحلة المفاوضات على الحلّ السياسي، وتأكيد أنّ الموقف لم يتغيّر من الرئيس السوري بشار الأسد أمام الحلفاء، تحت شعار أنّ الشراكة مع بنية الدولة في التسويات المنشودة تستدعي استكشافاً قريباً لماهية الشركاء المتوقعين، وهذا كلام يردّ عليه التركي والسعودي والمعارضون المنتمون إلى معسكر التبعية، بأنّ أوراق اعتماد السفير ستقدم إلى الرئيس الأسد، وأنّ السفراء هم رسل بين الرؤساء أولاً قبل أن يكونوا بين الدول.

يجهد بايدن مع الرئيس التركي رجب أردوغان لإثبات بقاء إدارته على موقفها، وأنّ تبنّيها للحلّ السياسي لا يعني انفتاحاً على الرئيس الأسد، على رغم قول الرئيس باراك أوباما أن لا خطة لديه لعزل الأسد عن الحلّ السياسي، وقول وزير الدفاع تشاك هاغل أنّ الأسد شريك في الجهد ضدّ «داعش»، ولا مجال لتفادي شراكته في التسوية والحلّ السياسي، ويصبح الجهد أصعب عندما يصرّح بايدن نفسه أنّ أولوية بلاده هي الحرب على «داعش».

كلام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، يتطابق مع مضمون اتهامات أنقرة والرياض لواشنطن بخيانتهم، فالتسوية تتمّ مع الرئيس الأسد أو لا تتمّ، وكلام دي ميستورا ليس اجتهاداً شخصياً كما تروّج فصائل الائتلاف والفضائيات السعودية، فهو يعمل بموجب تفويض مشترك روسي ـ أميركي، والواضح مع زيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو، بعد استقبالها لوفودٍ معارضة، أنّ خريطة الطريق لجنيف لا تمرّ بالائتلاف المعارض، بل بتشكيل وفد معارضة جديد تنطبق عليه مواصفات دي ميستورا في بندي، صيغة التجميد العملاني في حلب، وما تتضمّنه من شروط أمنية وعسكرية، والمشاركة في الحرب على الإرهاب الذي تجسّده «النصرة» قبل «داعش».

التطبيع يسابق التفاهمات، هكذا حدث في الملف النووي الإيراني، الذي يعيش أدق أيامه في فيينا، حيث يتقدّم اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بمشروعه للحلّ الوسط، القائم على أجوبة تطاول عنوانيْ الخلاف، عدد أجهزة الطرد المركزي الذي ستشغله إيران بعد التفاهم، وخلال خمس سنوات مقبلة، وكيف ستفكك واشنطن منظومة العقوبات، والضمانات الروسية للفريقين.

مصادر متابعة للمفاوضات في فيينا وضعت احتمال الوصول إلى نصف تفاهم ونصف تمديد، بحيث تحسم العناوين الرئيسية للتفاهم، وتوضع روزنامة متبادلة لتنفيذ بعض الالتزامات الرئيسية للفريقين، لمدة ستة شهور، مقابل مواصلة البحث في المواضيع التفصيلية المتبقية، خلال هذه المدة تحت إيقاع الثقة التي تنتجها الخطوات العملية التي يجري تطبيقها بالتوازي.

مصدر روسي متابع لمساعي لافروف، قال لقناة روسيا اليوم، إنّ البعد السياسي للتفاهم صار حاضراً في رسم نتائجه على المشهد العام للشرق الأوسط، لأنّ التفاهم صار حتمياً، ولو بصيغة نصف تفاهم ونصف تمديد.

فيينا تصنع المشهد، بين خيارات الفشل وعودة المواجهة في المنطقة، وربما في العالم، وترك «داعش» تشعل شموع الاحتفال، بتحوّل جهد معسكريْ أميركا وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة مقابلة، بدلاً من الحرب ضد «داعش»، إلى الاستنزاف المتبادل، ليصير خيار التفاهم المنجز قدر الفريقين، وكلفته الأميركية سواء بتأثيره على ارتباك الحلفاء أو بتعقيدات الداخل مع تغيّر مشهد الانتخابات، سبباً لتعثر القدرة على حمل الرئيس الأميركي لتبعاته، فيصير التمديد بما هو مكسب لإيران حاضراً، لتخلق وقائع نووية وسياسية جديدة، كما حدث في المرات السابقة لتهيّب واشنطن إعلان الوصول إلى التفاهمات، واختراعها الذرائع مراعاة لـ«إسرائيل» والسعودية وتركيا، وتهرّباً من مزايدات الداخل الانتخابية، ويصبح لخيار نصفي التمديد والتفاهم فرصة وافرة.

داخلياً، بقي موضوع الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» المعلق، والاستحقاق الرئاسي المؤجل، في طليعة الاهتمام السياسي خلال عطلة عيد الاستقلال ونهاية الأسبوع.

وتحت عنوان» يا منوصل على الموت يا منوصل علحرية»، بحسب أوساط «التيار الوطني الحر»، يعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً استثنائياً الساعة العاشرة من صباح اليوم ليتخذ مواقف من القضايا المطروحة على المستويات كافة ولا سيما ملف الرئاسة والطعن المقدم إلى المجلس الدستوري حول التمديد للمجلس النيابي».

وأشارت مصادر التيار لـ«البناء» إلى «أن الاجتماع هو لمواكبة الأحداث بعد التمديد للمجلس وبعد الجلسة الثانية للمجلس الدستوري التي انتهت من دون «أي قرار»، مشيرة إلى «أن التكتل سيحدد أيضاً خلال الاجتماع موقفه من المشاركة في اجتماعات لجنة التواصل المكلفة دراسة قانون الانتخاب، وارتباطها بالجلسة العامة لتفسير المادة 24 من الدستور»، علماً أن اللجنة ستعقد اجتماعها الثالث غداً الثلاثاء برئاسة النائب روبير غانم.

تضارب مواقف «المستقبل» من حزب الله

في الأثناء، يبقى موضوع الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله معلقاً بعد الموقف السعودي الأخير من الحزب واتهامه بـ«الإرهاب»، وتضارب مواقف التيار من هذا الموضوع. وفيما يجهد رئيس مجلس النواب نبيه بري لإنضاج ظروف الحوار، دعا رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الجميع «للتكامل الوجودي مع حزب الله، الفريق الذي يقاتل داعش لأن الخطر على الجميع ويهدد باجتياح البلد ويقتل الجيش».

في موازاة ذلك، أكد عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ«البناء» «أن الحوار ضرورة كعنوان، وأن بوابته إيجاد حل لملف الرئاسة من خلال التوصل إلى رئيس توافقي». وأشار حوري إلى «أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري سيتحدث الخميس المقبل عن تفاصيل الحوار»، معتبراً «أن الكلام السعودي عن الحزب لن يؤثر عليه».

في المقابل، أكد منسق تيار المستقبل في الشمال مصطفى علوش لـ«البناء» أن حزب الله قطع الطريق على أي حوار مع تيار المستقبل، بإصراره على تبني ترشيح العماد عون، وعلى رفضه إعلان بعبدا».

وقال: «بغض النظر عن الموقف السعودي المنطقي من حزب الله، فإن «المستقبل» بمعظم أركانه يعتبر «الحزب» تنظيماً إرهابيا»، مستدركاً «أن الرئيس الحريري لا يعتبره كذلك حتى الساعة». وزعم علوش «أن حزب الله يستخدم الإرهاب من خلال سلاحه ومن خلال إخفائه المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري»، ورفض الإفصاح عن موقف رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة من هذا الأمر. وقال: «في مكافحة الإرهاب نتقدم على حزب الله الذي ساعد تدخله في سورية على انتشاره في لبنان».

إلى ذلك، أكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل «أن التأخير في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لم يعد موقفاً سياسياً تكتيكياً لتعزيز موقع فريق على فريق أو تعزيز موقع مرشح على مرشح آخر، بل أصبح موقفاً استراتيجياً لتغيير الواقع اللبناني والجمهورية اللبنانية. وهي مغامرة لا أحد، يستطيع ضبطها لا بالقوة ولا بالقانون ولا بالدستور ولا بالحوار». وسأل في الذكرى الـ 78 لتأسيس حزب الكتائب «لماذا لا نلتقي في جلسة حوار واحدة لنتفق على قرار واحد هو انتخاب رئيس الجمهورية؟ ولمِ لا نلتقي أولاً، كقادة مسيحيين طالما لدينا مسؤولية خاصة ومعنيون بهذا المنصب الأول»؟.

هولاند: لانتخاب رئيس في أسرع وقت

وسط هذه الأجواء، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في رسالة إلى رئيس الحكومة تمام سلام لمناسبة عيد الاستقلال، حرص بلاده «على العمل لمصلحة وحدة لبنان واستقراره وسيادته»، داعياً إلى «انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن». كما أعرب عن أمله في «تعزيز العلاقات اللبنانية – الفرنسية»، مجدّداً التأكيد «أنّ فرنسا ستواصل بذل الجهود لمساعدة لبنان على مواجهة الوجود الكثيف على أراضيه للاجئين القادمين من سورية».

وأشار إلى أن «وضع المبادرة الفرنسية – السعودية موضع التنفيذ لناحية تعزيز قدرات الجيش اللبناني سيسمح له بأداء مهامه أداء أفعل، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب».

المولوي يشغل عين الحلوة

أمنياً، شغلت المعلومات عن لجوء الفار شادي المولوي إلى مخيم عين الحلوة القيادات الأمنية الفلسطينية فيما لم يصدر أي توضيح عن المراجع الأمنية اللبنانية. إلا أن مصادر دينية «إسلامية» نفت لـ«البناء» أن «يكون المولوي انتقل إلى عين الحلوة، مشيرة إلى «أنه وبحسب معلومات الأجهزة الأمنية لا يزال في طرابلس وضواحيها»، معتبرة أن كل ما يتم التداول به لا يتعدى التحليلات الصحافية».

وفيما نفى المتهم بالإرهاب الفار فضل شاكر الحديث عن وساطات تجري ليسلم نفسه إلى القضاء اللبناني، مؤكداً وجوده في مخيم عين الحلوة، أوضحت المصادر لـ«البناء» أن شاكر «يريد ترتيب وضعه مع الجيش وتسليم نفسه وفق تسوية تقضي بالإسراع في محاكمته ضمن فترة لا تتعدى السنتين أو الثلاث سنوات».

وكانت اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا المشرفة على أمن المخيمات، أكدت بعد اجتماعها أمس عدم وجود أي معلومات لدى من راجعتهم في المخيم، تؤكد وجود المولوي في المخيم. وأشارت إلى أنها في حال ثبت ذلك فإنها تحمّل بعض الجهات اللبنانية المسؤولية في تسهيل وصوله.

وذكرت اللجنة أن القوى الإسلامية في المخيم راجعت الشباب المسلم والذي سبق وأشير إليه إعلامياً أنه يؤوي المولوي، فنفوا وجوده لديهم، ونفوا استقبالهم أي أحد من خارج المخيم»، مبدية الاستغراب لـ«محاولات زج المخيم في أتون الخلافات الداخلية».

والتقى وفد أمني فلسطيني «حزب الله» وجرى عرض للأوضاع في المخيمات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى