كلمات في الحبّ…!
نبيل مملوك
لم أكن أعلم أني سأستطيع صياغة قصيدة أو نصّ أو رسالة عن امرأة أخرى غير محبوبتي آنذاك، لكنّي اليوم وحين دخل اسمك إلى مقهى نطقي تحرّكت أضلعي كمن سئم العيش تحت عتمة الأوردة. اليوم وأنا أرتّب هندامي استعدادًا لعمل إعلامي سيضاف إلى مسيرتي، شعرت بتوق خدي لثغرك المرسوم كلؤلؤة على شاطئ ملامحك وعرفتُ أيضًا أن اختياري لرواية «دستوفسكي» الذي كنت أكرهه ما هو إلاّ إصرار مني على اكتشاف العالم من خلال طفولتك، لم أكن أعلم أنك ستتسللين بهذه السهولة الى جسدي، خيالي، وأناملي إلى هذه الأوطان المحروقة بكيد عظيم، «شيرين» أو «شوشو» كما أحب أن أناديكِ صار هذان الاسمان صلاتين يقرعان أجراس الرحمة والثقافة والسعادة مطلقين العنان لعرس لا نهاية له.
كلما حدقتُ في صورك أقول: «هو حبّ؟ لا، صداقة؟ قطعًا لا، إعجاب… نعم إعجاب جعلني أعتق مفرداتي، حين أدخل إلى ألبوم صورك أشعر بروح المغامرة، بحب الاستكشاف، بالصبر والتدقيق وتذوق الدمع المنساب كدجلة والفرات من بغداد عينيك مستمتعًا بتداخل الأجراس والآذان المتراقصة كالصلاة على شام خديك، وأهرب ضاحكًا، راقصًا، شاعرًا بكلّ مساماتي وهي تنتظر عفوية المطر الرنّان المتألق في بيروت خديكِ، يوماً بعد يوم أفقد سنواتي معك، أخلع مسؤولياتي، أمزق نضجي، وأحرق كل وثيقة رسمية تثبت نضجي، رشدي أو رجولتي، أنتظر كالطفل المترقّب بحماس خبر إقفال مدرسته درسًا من دروس ضحكاتك، لأعلن بغريزتي الطفولية المجنونة أنك وطني، مدرستي، بيتي والقنديل الذي استهدي بدفء زيته على خريطة تماسكي.
لم أكن أعلم أبدًا أنّكِ أغنيتي التي أنستني مهرجانات البؤس التي اقترفتها أشباه النساء بحقي. نعم أنا لاجئ فقير، مشرد يتخذ التيه قاربًا له، أرجوكِ أعيديني طفلاً يعبث في سرير اهتمامك، يبحث عن دمية يتقاسم اللهو معها واياكِ، نعم أريدك طفلة وأريدني طفلاً يكفينا تشتتاً في حيّ الأجداد.