صدور رواية «الجنون طليقاً» البوليسيّة للكاتبة والممثلة السورية واحة الراهب

صدر عن دار «هاشيت أنطوان/نوفل» رواية «الجنون طليقاً» للكاتبة والممثلة والمخرجة السورية واحة الراهب. وهي رواية بوليسية نفسية اجتماعية، تدور في بلاد مستعرة بالحرب والعنف والفوضى، وتقع في 202 صفحة من الحجم المتوسط. رواية مكتوبة بلغة بسيطة غير متكلّفة، مشبَعة بالمشاهد السينمائيّة المتسارعة وتتالي الشخصيات المثيرة والمعقّدة.

في مستشفى للأمراض النفسيّة والعقليّة، وفي زمن الحصار بين معركتين، تخوض مجموعة صغيرة حربها الخاصّة. الأبطال هم فريق يُصَوِّر فيلماً سينمائيّاً، ومجموعة فاسدين، ومجرمٌ طليق، ومريضات هنّ أقلّ مرضاً ممّن خارج مشفاهنّ.

حبكة الرواية البوليسيّة مكحومة بشكل دقيق، تعلّق القارئ بأحداثها وشخصيّاتها وتجعله يترقّب الجريمة تلوى الأخرى ليدخل هو نفسه في لعبة التحقيق والبحث عن المجرم وبالتالي محاولة البحث في متاهة اندماج الواقع بالخيال.

حالة توجّسٍ لا تقتصر على الآخرين، بل تطال الذات أيضاً، تستفحل بالجميع. يختلط الجنون بالعقل، ويذوب الخيط الرفيع الفاصل بين الواقع والدراما. تفاقُم الخوف من وجود قاتلٍ طليق يدفع كلّاً من الناس للاشتباه في الآخَر، بينما ينبري كاتبٌ مراوغ لتطويع السيناريو حتى يتطابق مع الواقع الذي باتت أحداثه أقسى من أن تُصدّق. في هذه الدوّامة من الالتباسات، على حدود الاضطراب النفسي، يبحث كلٌّ عن المجرم، وعن خلاص.

وحول المنحى السيكولوجي العميق في الرواية وتركيب الشخصيات تقول واحة الراهب: «أنا مهتمّة منذ صغري بعالم النفس وقراءة الوجوه ومعظم مطالعاتي متخصصة بالنفس البشرية والخوض بأعماقها، لذا ركّزت على تركيب خلفية الشخصيات المضطربة وهي من محض خيالي، لكن قد تتقاطع مع بعض النماذج التي مرّت في حياتي مع روتوش خاص مني».

اختارت الراهب لروايتها هذا العنوان لأن «الجنون والعقل باتا في عالمنا المعاصر المتخم بالفوضى والحروب على حافة واحدة وعلى شفير الهاوية»، كما تشير. وتضيف «الجنون والعقل اختلطا وتداخلا بما ضيّع الفواصل الفارقة بينهما، حين تعم الجرائم لتصبح عامة، فيصبح حينها الجنون حقاً طليقاً.

مما جاء في الرواية: «بعد خروجها من غرفة المحقّق وفي طريقها إلى غرفتها، استعادت دينا إحساساً راودها سابقاً بأنّها مراقبة لكنّها استبعدته، حتى أّنها تشكّكت في كونها تهلوس أو تهذي بما يشبه أعراض عقدة الاضطهاد التي قرأت عنها وعن غيرها من الأمراض النفسيّة في إطار تحضيرها للشخصيّة التي ستؤدّيها في الفيلم. لاحظت ملامح من تلك الأمراض في بعض سلوكيّاتها، فما تشعر به من حين لآخر، يشبه أعراض اكتئاب وإنهاك عصبي، وأحياناً تنتابها عقدة ذنب أو بعض الوسوسة والشعور بالاضطهاد كالذي يدفعها الآن لتخيّل أنّ هناك مَن يلاحقها. ازداد ذلك الشعور بشكل ملموس بعد زيارتها مهجع المريضات، وها هي الآن تستعيده بعدما قُتلت سوسن، صديقتها وملجأ أسرارها. ربّما هو ما دفعها للظنّ باحتمال كونها ملاحقة ومستهدفة من قبل القاتل، أو من قبل إحدى المريضات اللواتي بتن يكرهنها، وربّما تقصَّدن تشويهها في المرّة الأخيرة حين كانت في مهجعهنّ، بحسب ما خُيّل إليها آنذاك وجعل منهنّ متّهمات كمجد بالنسبة لها. لكنّها سرعان ما استبعدت احتمال إصابتها بعقدة الاضطهاد، رغم ما ينتابها من أعراضه الآن، ما دامت قادرة على التشكيك حتى في نفسها وافتراض مرضها، وهو ما لا قدرة للمريض على فعله إلّا حين يقطع نصف الشوط في طريق الشفاء».

واحة الراهب

كاتبة ومخرجة وممثّلة سوريّة تحمل إجازة في الفنون الجميلة من جامعة دمشق، ودبلوم دراسات عليا في السينما من جامعة «باريس الثامنة». حازت جوائز عديدة في المجال السينمائي والدرامي، حيث مثّلت وأخرجت وكتبت سيناريوات أفلام ومسلسلات، من ضمنها: «رؤى حالمة»، و«رباعيّة التهديد الخطير»، وفيلمين قصيرين: «جدّاتنا»، و«قتل معلن». شاركت في لجان تحكيم مهرجانات عدّة. لها كتاب بعنوان «صورة المرأة في السينما السوريّة» 2000 صادر عن وزارة الثقافة في دمشق، ورواية بعنوان «مذكّرات روح منحوسة»، 2017 . هذه روايتها الأولى عن دار نوفل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى