بوابة الشرق دعماً لترويج السياحة في العراق

جودي يعقوب

العراق مهد الحضارات الإنسانية العليا، وأقدم الثقافات في العالم وأبرزها اهتماماً بحقوق الإنسان، فالقانون والعدالة والحرية كانت من أساسيات الفكر فيه، كما ازدهرت فيها العلوم والآداب والفنون والعمارة والنظم السياسة والقانونية والاقتصادية والشعر والموسيقى والملاحم والأساطير وعلم الفلك والرياضيات والعلوم الطبيعية الأخرى المعروفة في تاريخ المعرفة البشرية، وهو أول مَن عرف الكتابة والقراءة المسمارية، وفيه كانت أولى المحاولات الجريئة التي تربط بتفسير الكون والوجود والحياة، كما يُذكَر أن أقدم وثيقة لحقوق الإنسان كانت سومرية.

وتظهر الشواهد العمرانيّة المتميّزة كالجنائن المعلقة والزقورات وبوابة عشتار وغيرها مقدار الرقي الذي وصلت إليه هذه الحضارة.

فتاريخ حضارة بلاد الرافدين الأصيل التي وجدت منذ عصور ما قبل التاريخ دون الاعتماد على أي حضارة أخرى من الحضارات تستطيع أن تخلق بكل سهولة وأينما كانت جسوراً ثقافيّة عدة لإيصال هذا الفكر التاريخي للعالم أجمع.

ومن هذا المنطلق أقامت جمعية الصداقة العراقية الإيطالية حدثاً فنياً ثقافياً باسم بوابة الشرق. وهو الحدث الثاني الذي تقوم به هذه الجمعية في صالة «بروموتيكا الكامبيدوليو» في مركز بلدية روما. وكان الهدف من هذا الحدث هو الترويج للسياحة في العراق دعماً لترشيح مدينة بابل الأثرية لقائمة «اليونيسكو» بالإضافة إلى ترشيح معبد لالش الازيدي.

تضمّن الحدث معرضـــاً للصور الأولى الكتـــابات الســومرية، والبابلية، والآشـــورية، والخطـــوط الآراميــّة، والعربــية بالإضافة إلى عرض بعض من صور الإرهـــاب الوحــشي في حق الأزيــديين.

ومن ضمن فقرات هذا الحدث الثقافي تمّ عرض فيلم توضيحيّ عن السياحة في العراق. كما قدّمت الدكتورة ليجا رومانو المديرة العامة لأحد المواقع الأثرية في جنوب العراق المدعوم من قبل الحكومة الإيطالية والذين كانوا قد استطاعوا باستمرارهم في أعمال التنقيب العثور على أقدم ميناء سومري في العالم آنذاك فضلاً عن تقديم نبذة عن طبيعة السياحة في العراق .

كما قام العازف صالح الطويل بتقديم عزف موسيقي راقٍ على آلة العود إلى جانب رقصات من التراث البابلي القديم، بالإضافة إلى إلقاء لبعض الشعر للوح الحادي عشر للطوفان العظيم لجلجامش.

وفي حديثه ذَكّر إياد الهندي منظّم الحدث ورئيس جمعية «الصداقة العراقية الإيطالية» بالمعرض الفنّي الذي قاموا به في العام الماضي والذي كان بعنوان «الوشاح الأخضر» والذي من خلاله قاموا أيضاً بعرض حروف من بلاد النهرين كالسومرية، والبابلية، والآشورية، والآرامية والعربية، أن اليوم ما هو إلا امتداد لما قدموه في العام الماضي لكن مع بعض التوسّع وخاصة في ما يخص أغراض السفر إلى العراق سواء أكانت دينية أم سياحية .

وتحدث أيضاً عن كتاب الدكتورة ليجا رومانو التي انتهت من طباعته حديثاً تحت عنوان «ابو طبيره الحفريات1 منطقة 1» الذي يتحدث عن أعمالها في العراق والذي ساهم وزير الثقافة العراقي عبد الأمير الحمداني بكتابة أحد أجزائه بهدف استرداد الآثار المنهوبة ومن أجل النهوض بالواقع الثقافي في العراق بشكل أفضل.

كما أعربت سفيرة أندونيسيا Veronika Vonny التي كانت من بين الحضور عن إعجابها بهذه المناسبة بقولها: إن هذا الحدث مهم جداً، لأنه يفتح لنا الآفاق على الثقافات الأخرى في العالم، فمن الجميل أن أرى لوحات الرقص، واللمسات الفنية، وفن الخط، والطعام العراقي، وأنا معجبة كثيراً بالعراق وأرغب أن أسمع أخباراً أكثر عنه، كما أنني متحمّسة لأزور العراق الجميل وأتعرّف إلى ثقافته.

وأخيراً، قال الدكتور زهران خلاطي في حديثه مع «البناء»: إن الحضارة التي ولدت في بلاد الرافدين تخصّ العالم بأسره وليس فقط العراقيين، وعلينا اليوم أن لا نكتفي بأمجاد الماضي، بل يجب أن نسعى لتطوير أنفسنا باستمرار بالثقافة والعلم والمعرفة، وعلى اعتبار أننا أحفاد هذه الحضارة التي كانت رمزاً للذكاء البشري لذا يجب علينا أيضاً أن نغرس في عقول أبنائنا ثقافة رفض الحروب التي لا يأتي منها سوى الدمار والتهديم، ويجب أن نتعلم البناء من جديد من أجل بناء إنسان اجتماعي وعلمي وصحي متحضر بكل مقومات الحضارة، وأن نرفع الحدود بين البلدان من أجل تنمية وتطوير الثروة البشرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى