«عشق الصباح»
يا أنين الروح دع لي رشفة تشفي ألم جراحي النازفات… البحر مرفأ ذاكرة البوح وملجأ الحائرين، هذا الوجع لا ينكفئ مُشتعلاً كجمر مواقدنا القديمات. ليلى، مضنية بالعشق حتى ثمالات روحها، تتعبها الانتظارات وتلك التفاصيل الحميمة التي تسكن دم شرايينها، لكأن الفرح غافلها واستبدّها الحزن منذ أن قال لها آدم عند الوداع: حبيبتي، لقد تعاهدنا أنا ورفاقي أن نخبّئ همومنا في الذاكرة، ونكرّس حياتنا لحماية سورية «الأرض والماء والسماء.. نحرسها بأرواحنا ونحفظها بعيوننا نروي ترابها من دمائنا مروية بدمائها «سورية كعبة عشقنا وقبلة صلواتنا ستبقى بخفق الفؤاد وخفق العلم . حين يتكلم آدم، تشعر ليلى، كأنهُ يُسقيها نبيذاً معتقاً من عناقيد دوالي الكروم الوارفات عا وهج الشمس! أغمضت جفنيها لعلها تراه في الحلم، وقد غلبها الشوق إليه.. «تدانا ودنا وتناغمت ألحان الشجن فيضاً من الحنين»، وتساءلت كم هي شقية هذي الحياة التي تُفرض علينا أن نحيا وفق متاهاتها ومعاناتها؟ ليلى.. تصبح امرأة مختلفة في غياب آدم، كأنها «نحلة» لا تهدأ تطوف بالبيت تفتش عن ملامحه في كل شيء، تشمّ رائحة عطره المخبوءة في كل الأماكن حتى في طيات نسيم الهواء المتسلل عبر النافذة البحرية… ضمّت لصدرها الناهد بذلته، وهي تقرأ كل كلمة كتبها لها أيام الخطوبة، غارقة بالصمت وهي تقلب في دفتر الصور. هنا كانا يركضان على حافة البحر، يغتسلان برذاذ الموج المالح. هناك خلف الصخرة راح يرتشف قطرات الماء العذبة التي تنساب على صدرها كحبات اللؤلؤ، همست في أذنه ألم يضايقك طعم الملح..؟ ضحك آدم وقال: ملوحة صدركِ ألذّ وأشهى من رحيق العسل المصفّى! تنبّهت ليلى أن الوقت اخذها وهي ساهرة وحيدة مع الذكريات.. ها قد بدأ وميض الفجر يشق العتم لتشرق شمس الصباحات.. طوت صفحات دفتر الصور ونهضت لمتابعة عملها وهي تترنّم بأغنية للمطرب فؤاد غازي.. «مهلك علينا يا بحر.. يا ابو الأسرار».. الحياة لا تتوقف… وتستمر حكايا البوح!؟
حسن ابراهيم الناصر