ثلاث قمم بصاروخ على أبها…
جمال محسن العفلق
لم يمرّ شهر على قمم مكة التي دعت إليها السعودية وكان الهدف منها كسب الدعم الخليجي والعربي والإسلامي وتشكيل نواة ما يسمّى «الناتو العربي» ضدّ إيران وحلف المقاومة بالمنطقة بدعم أميركي و«إسرائيلي»، حتى جاء الردّ بصاروخ على مطار أبها وحوّل كلّ قرارات تلك القمم إلى رماد منثور في الربع الخالي.
فعلى الصعيد السياسي تعيش دول تحالف العدوان على اليمن حالة تخبّط بعد تراجع ترامب عن ضرب إيران واعترافه بأنه تسرّع بإعلان حالة الطوارئ من خلال نشره تغريدة تقول إنه أرسل رقم تواصل عبر الوسيط السويسري وجلس ينتظر اتصال طهران، وهذا ما لم يحدث، وهنا وجد تحالف العدوان على اليمن نفسه متورّطاً بإعلان مبكر للحرب على إيران التي لم تردّ بشكل مباشر على هذا الإعلان.
فالقمم التي عقدت على عجل واختيرت مدينة مكة المكرمة مكان لانعقادها لم تغيّر بقواعد الاشتباك، فالسفن السبع ضربت وقضي الأمر، وتعطل ضخّ النفط بإحدى منصات أرامكو المسيطرة على نفط الخليج، والتصعيد الأميركي تمّ تفريغه وامتصاص هذا التهويل النفسي ولم يبق أمام السعودية إلا الضغط على الدول الحليفة لها لإصدار بيانات إدانة تحت اسم «ندين بأشدّ العبارات هذا القصف للمطار»، لكن هذا لا يبدّل من واقع دخول دول تحالف العدوان فخ الحرب الوهمية التي كلفت السعودية والإمارات عقود سلاح تجاوزت الثمانية مليارات دولار دخلت الخزينة الأميركية، وسوف تورد تلك الأسلحة لتخزن في الصحراء، وفي ما بعد سيتمّ إتلافها بشكل او بآخر، فالتصعيد الخليجي والمدعوم من الكيان الصهيوني لم يجد آذاناً صاغية في العالم ومحاولة شيطنة إيران لم يلق أذاناً صاغية في العالم، فطهران لا تزال تستقبل الوفود الدولية من أوروبا وآسيا وجميعها تؤكد على تمسك تلك الدول بالاتفاق مع إيران ولا ترغب بالتحالف ضدّها.
وحتى على المستوى الخليجي لم تستطع القمة الخليجية إصدار بيان بالإجماع كما كان يحدث سابقاً، وعملياً صدر البيان باسم ثلاث دول فقط هي البحرين والإمارات والسعودية، أما القمة العربية فلم تعط شيئاً جديداً إلا بعض الاستثمارات المالية لشراء تلك المواقف منها حتى المجلس العسكري الحاكم الحالي في السودان لن يستطيع الوفاء بالتزاماته مع دول العدوان على اليمن رغم الدعم المالي الذي قدّم له من قبل السعودية ليبقى بالسلطة.
اليوم تعاني دول العدوان على اليمن من حرب كان من المفترض أن تنتهي بثلاثة أسابيع فدخلت عامها الرابع وعلى الأرض لم تحقق شيئاً، رغم التفوّق الجوي الذي جعل كلّ شيء حيّ هدفاً له فتمّ قصف البيوت والمساجد والمدارس وحوصرت المطارات والموانئ، فيما واقع المعركة يقول إنّ السعودية اليوم هي في حالة دفاع عن نفسها وليست في موقع الهجوم، فالوصول الى السفن وتدميرها والتي كانت سبباً لتلك الدعوة الى القمم المستعجلة، وصولاً الى صاروخ استطاع تجاوز كلّ الرادارات والتحصين الجوي ليصل إلى مطار أبها، يثبت أنّ تحالف العدوان على اليمن خسر الحرب، وعلى هذا التحالف الذي سُمّي بداية «عاصفة الحزم» أن يبحث عن مخرج ويعلن التفاوض المباشر مع أنصار الله، والاعتراف بكلّ جرائم الحرب التي مارسها هذا التحالف. فمَن يدين اليوم ضرب مطار أبها عليه أن يقرأ تقرير الأمم المتحدة ومنظمة أطباء بلا حدود ليعلم انّ قصف المطار هو ردّ بسيط على جرائم التحالف بحق المدنيين وأطفال اليمن، فالاستمرار بالحرب لن يكون في صالح التحالف.
لم يفهم الخليجيون بعد انّ ترامب لا يريد محاربة إيران، وكلّ ما أراده من هذا الإعلان هو نقل الاتصالات الخليجية مع الكيان الصهيوني من السرّ الى العلن، وتقديم صفقة القرن على أنها الحلّ الشامل والكامل للمنطقة وجرّ كلّ دول المنطقة الى مؤتمر البحرين بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وإعلان الدولة اليهودية، وتجريد الدول الخليجية من أموالها واسترداد تكاليف حروب سابقة يدّعي ترامب انّ بلاده خاضتها بالنيابة عن تلك الدول الضعيفة والتي لن يبقى حكامها أسبوعين اذا تخلى عنهم.
انّ الصاروخ اليمني على مطار أبها ليس مجرد قصف على مطار إنما هو قصف على منظومة كاملة تعمل في خدمة الكيان الصهيوني وتريد تشريد شعوب المنطقة، وإنْ كنا لسنا من دعاة الحرب ولا من أنصار التدمير إلا انّ سياسة ال سعود ومن معهم واعتقادهم أنّ مالهم قادر على تغيير العقائد والمبادئ يجعلنا نتمنّى وقوع هذه الحرب لأنّ نتائجها رغم كلّ شيء مضمونة لصالح حلف المقاومة وقبل ان يصل صاروخ إلى عواصم المقاومة ستكون عواصم العدوان قد أصبحت من الماضي.