باسيل يخشى «صفقة القرن».. فهل بدأت مواجهة التوطين؟

محمد حمية

عاد وزير الخارجية جبران باسيل الى تصعيد موقفه في ملفي النزوح السوري واللجوء الفلسطيني في لبنان، مجدِّداً دعوة النازحين السوريين للعودة الى سورية مهدِّداً بتطبيق إجراءات وقوانين محلية صارمة بحقهم. لماذا؟

يستشعر رئيس الدبلوماسية اللبنانية العائد من زيارة أوروبية شملت دولاً عدة، خطراً ما من صفقة القرن في ظل انعقاد مؤتمر البحرين والذي يهدف الى فرض «الصفقة» بآليات مالية تحت عنوان مساعدة بلدان اللجوء وسدّ الديون المترتبة عليها، ويخشى باسيل من عمليات توطين فلسطينيين وسوريين في لبنان، لذلك رفع من حركته السياسية والدبلوماسية المضادة ويُصرّ على عودة السوريين الى سورية لأسباب عدة:

اولاً: لأن الوضع في سورية أصبح آمناً والدولة والمجتمع فيها بحاجة الى مواطنيها المهجرين، وذلك لإجراء المصالحات وترميم النسيج المجتمعي السوري وإعادة إعمار بلدهم، علماً أن المسؤولين السوريين بحسب معلومات «البناء» يؤكدون للمسؤولين اللبنانيين الذين يتلقونهم بشكل دوري بأن سورية مستعدّة لأقصى مستوى من التعاون لإعادة مواطنيها اليها.

ثانياً: يدعو باسيل الى حل الموضوع الفلسطيني، لانه يستشعر بين سطور صفقة القرن توطين جزء من الفلسطينيين في لبنان مقابل رشوة مالية تماماً كما يعرض الأميركيون والخليجيون على دولة الأردن اليوم 45 مليار دولار تشكل حجم ديونه مقابل توطين الفلسطينيين في الاردن لا سيما أن ورشة البحرين تنعقد في ظل قرارات أميركا الجائرة تجاه فلسطين لا سيما اعترافها بالقدس عاصمة لـ»إسرائيل» ما يعني شطب حق العودة للاجئين فضلاً عن وقف أميركا تمويلها لوكالة الأونروا لإغاثة اللاجئين.

وهنا يفرض السؤال نفسه: هل يندرج «مؤتمر سيدر» الذي يعوّل عليه رئيس حكومة لبنان سعد الحريري ضمن هذه «الرشوة الخارجية»؟ ولماذا هذا الإصرار الاوروبي على منح لبنان الأموال؟ وما هي الأثمان؟ وما يعزز المخاوف أكثر لجهة التوقيت فهو الإعلان عن زيارة وفد من مجلس الشورى السعودي في زيارة هي الأولى لوفد من المملكة على هذا المستوى الى لبنان للقاء كبار المسؤولين!

فهل من علاقة للزيارة وبين «مكرمات» المملكة لتنفيذ صفقة القرن؟ وأين سيقف الحريري بين الضغوط الأميركية الخليجية – الإماراتية وبين اعلانه المتكرر التزامه الدستور والبيان الوزاري والإرادة الوطنية الجامعة على رفض التوطين؟

لا شك في أن رئيس التيار الوطني الحر يريد تعزيز المعادلة الطائفية لصالح المسيحيين في المواقع الإدارية والأمنية والقضائية بعد تحقيق ذلك على مستوى رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، لكن لا يمكن اتهامه بالعنصرية، بحسب مصادر مقرّب منه، لأنه يرى خطورة من احتمال توطين أعداد كبيرة من الفلسطينيين وإبقاء معظم النازحين السوريين في لبنان ما يؤدي الى تداعيات كبيرة على هوية واستقرار وأمن واقتصاد الوطن.

وفي هذا الصدد تحذر مصادر مطلعة على الملف من وجود قرار دولي بإبقاء النازحين في لبنان حتى العام 2021 أي بعد موعد الانتخابات الرئاسية السورية، وتشير لـ»البناء» الى أن «بعض دول الخليج وأميركا وتركيا لا يريدون عودة النازحين الآن كي لا يتعرّضوا لضغوط من دولتهم في الانتخابات المقبلة»، وتحذّر المصادر من أن المساعي الأميركية الخليجية الإسرائيلية لتنفيذ «صفقة القرن» ستأتي على حساب دول اللجوء الفلسطيني، وأبدت المصادر قلقها من الفارق الكبير في الإحصاءات الرسمية الاخيرة لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 180 ألفاً وبين العدد الفعلي «500 ألف»، موضحة أن «تزوير العدد يُخفي أهدافاً مبيتة وأولها تمهيد الى توطين قسم منهم في لبنان ما يؤدي الى تغيير ديمغرافي»، فيما تحذّر مراجع أمنية ونيابية من استخدام النازحين عسكرياً وأمنياً بقرار خارجي في لحظة معينة.

وتجدر الإشارة الى تحذير الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله من مشروع جدّي لتوطين الفلسطينيين في لبنان، حيث دعا نصرالله الى استنهاض كافة القوى السياسية لمواجهة هذا الخطر الكبير.

فهل تتجاوب الأطراف المحسوبة على الحلف الأميركي؟ وهل سترضخ للإملاءات الخارجية أم ستنحاز للمصلحة الوطنية؟

لم يعد خافياً تماهي هذه القوى مع مساعي الخارج لتمديد أزمة النزوح، وقد غمز باسيل من قناة هذا الفريق، بقوله إن «هناك مستفيدين لبنانيين من حالة النزوح وهناك منظومة إعلامية مالية سياسية متكاملة تشجع السوريين وهدفها منع عودة النازحين».

وإذا كان النائب السابق وليد جنبلاط ينطلق في موقفه من حسابات شخصية وحقد دفين على سورية، فاللافت هو ضبابية موقف القوات التي لا تزال تعارض عودة النازحين وتتهم باسيل بالشعبوية والعنصرية، وهي لطالما انتفضت على الوجود الفلسطيني وبنت مشروعها السياسي والحربي على التصدي للتوسع الفلسطيني العسكري والاجتماعي ووضعت خطر التغيير الديموغرافي أحد عناوين معركتها، علماً أن عدد السوريين يفوق عدد الفسلطينيين بثلاثة أضعاف واكثر، فضلاً عن أن ظروف عودة النازحين تختلف عن ظروف عودة اللاجئين الفلسطينيين، فالنازحون بإمكانهم العودة الطوعية في أي لحظة الى دولتهم التي لا تنفك تدعوهم اليها، فيما الشعب الفلسطيني المهجر بالإكراه من الصعب عودته في ظل الاحتلال الاسرائيلي لأرضه. فمليون ونصف نازح سوري لا يشكلون خطراً على الديموغرافيا والأمن والاقتصاد اللبناني بمفهوم القواتيين! فماذا تغير في موقف القوات بين مرحلة الحرب اللبنانية واليوم؟ إنها الحسابات الخارجية التي تملي على القواتيين اتخاذ موقف ينسجم معها ولو على حساب «وطن الأرز».

كيف السبيل للمواجهة؟

على مستوى أزمة النزوح، بعد فشل مجلس الوزراء الاتفاق على خطة موحّدة، طلب باسيل مؤازرة البلديات كسلطات محلية تكون بديلاً مؤقتاً عن وزارات الدولة لتنفيذ القوانين بحق النازحين ريثما يتم إقرار الموازنة التي أدخل فيها باسيل بنوداً تقيد عمالة السوريين وسكنهم وحركتهم بقوانين جديدة.

– استكمال مبادرة اللواء عباس إبراهيم بإعادة ما أمكن من النازحين.

– تحرّك رئيس الجمهورية وفريق المقاومة من داخل الحكومة لاتخاذ قرار بالتواصل الرسمي مع سورية بملف النزوح.

– تفعيل المبادرة الروسية، وهذا ما بدأه الرئيس ميشال عون خلال زيارته الى روسيا بطلب مساعدة رئيسها الذي أرسل وفداً أمس الى بيروت لهذا الهدف.

أما على صعيد مواجهة توطين الفلسطينيين، فعلى الحكومة اتخاذ قرار جامع يرفض أي شكل من اشكال التوطين وتوحيد القرار اللبناني وعدم الرضوخ للضغوط والإغراءات الاميركية والخليجية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى