هل ينجح التعاون الأميركي السعودي احتواء شرق الفرات؟
حميدي العبدالله
تشهد منطقة شرق الفرات اضطرابات حادة تهدّد سيطرة القوات الأميركية المرتكزة إلى ميليشيات قسد. ويمكن القول من دون الشعور بأيّ مبالغة إنّ عمليات استهداف ميليشيات قسد، سواء من المقاومة الشعبية أو من خلايا داعش، وربما من جماعات مرتبطة بالمخابرات التركية لا تهدأ، ويومياً تنفذ سلسلة من العمليات ضدّ قوات قسد تلحق بها خسائر لا تقلّ عن تلك الخسائر التي كانت تدفعها قسد أثناء قتالها للسيطرة على المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة داعش. كما أنّ الانتفاضات الشعبية تعمّ جميع مناطق سيطرة قوات الاحتلال الأميركي وميليشيا قسد من مدينة الطبقة إلى الحسكة وأرياف دير الزور، إضافة إلى الرقة.
العمليات المسلحة ضدّ ميليشيا قسد والقوات الأميركية، والانتفاضات الشعبية رفعت كلفة وجود وسيطرة الاحتلال الأميركي على منطقة شرق الفرات، وبات القلق يسيطر على القوات الأميركية التي تحتلّ المنطقة خوفاً من تصاعد أعمال المقاومة والانتفاضات الشعبية وصولاً إلى خروج المنطقة عن السيطرة.
هذا القلق هو الذي دفع واشنطن للاستنجاد بالمملكة العربية السعودية، بأموالها ونفوذها على سكان مناطق شرق الفرات لتهدئة واحتواء الوضع الذي لم تعد واشنطن وقسد قادرين على احتوائه، فهل تنجح الرياض في هذه المهمة؟
واضح أنّ منطقة شرق الفرات تختزن وجود قوى وجماعات محلية ذات امتدادات إقليمية يصعب التوفيق بينها، فضلاً عن أنّ تجربة الحرب الإرهابية على سورية، أظهرت واقع أنه حتى عندما كانت الدول والجهات التي تدعم الحرب الإرهابية على سورية متحدة وتجمعها غرف عمليات واحدة فشلت في وضع حدّ لخلافات الميليشيات المسلحة.
الوضع شرق الفرات أكثر تعقيداً من هذه الناحية من المناطق الأخرى، لأنّ ثمة أطرافاً تتعارض مصالحها بقوة تتواجد في هذه المنطقة، بعضها محلي وبعضها إقليمي دولي. وحدات الحماية الكردية تسعى لأن تكون الجهة المسيطرة على الميليشيات في هذه المنطقة، ولكن هذا السلوك يستفز أبناء المنطقة من عرب وآشوريين وكلدان، كما انه يشكل استفزازاً لتركيا، ولا ترضى عنه كثيراً جهات عديدة في العراق. إضافة إلى ذلك أنّ الانقسام داخل معسكر الدول التي رعت ودعمت الحرب الإرهابية على سورية بين معسكر تركيا قطر الذي يدعم جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات إرهابية أخرى، والمعسكر الذي تقوده المملكة العربية السعودية الذي يعارض السياسة القطرية التركية ويسعى إلى زعزعة هيمنتها على أيّ منطقة، سواء في سورية أو ليبيا أو السودان.
بفعل تجاور ووجود كلّ هذه الصراعات في منطقة شرق الفرات لن ينجح التحالف الأميركي السعودي في احتواء الوضع شرق الفرات.