الصفعة الخامنئيّة لترامب

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

ظنّ البعض أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستُصاب بذعر شديد جراء الحشود العسكرية الأميركية والتهديد بالحرب. ربما لأن هذا البعض قد انطبع في ذهنه رضوخ دول كثيرة أمام عتوّ أميركا وغطرستها، بحيث ما عاد يميّز بين هذه الدول الخاضعة والجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ظنّ البعض أن انقلاباً سيحدث في الداخل، أو أن تمرّداً من قبل قادة عسكريين أو سياسيين سيقع، أو أن اضطرابات وفوضى ستعم المحافظات الإيرانية كلها وسيصعب على النظام مواجهتها وسيسقط كما سقطت أنظمة مختلفة سكن في روعها الخوف وانهارت أمام ضغوط الداخل والخارج.

كانت الصورة التي تروّج لها وسائل الإعلام منذ أشهر شبيهة بما جرى في ليبيا ومصر وتونس… وغيرها من الدول التي وقعت فيها أحداث ما يُعرَف بالربيع العربي وما هي إلا أيام وساعات والنظام الجمهورية الإسلامية سيسقط؟!

لم يقرأ أحد بعمق البنية النفسية والأخلاقية والتاريخية والدينية للشعب الإيراني المسلم. تمّ قياس الدول بعضها على بعض بطريقة مضحكة وإطلاق الأحكام بطريقة اعتباطية. لكن بالنسبة لنا لم نفاجأ بمقاييسهم ولا بأحكامهم.

وقادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانوا واثقين جميعهم أن محور أميركا فقد سيطرته على نفسه، وما يفعله أقرب إلى الهذيان.

لا أريد أن أبالغ لأقول إن تصرفات محور أميركا أقرب ما تكون إلى تصرفات رجل يحتضر. علامات التشنج والتوتر والضعف والتشتت كلها تفضي إلى نتيجة أساسية أن هذا المحور فقد التركيز والقدرة على الخروج من عنق الزجاجة. لو كان هذا المحور قوياً لكان شن الحرب فعلاً، لكن سلوكه يدلّ على مَنْ يُشهر السيف ولا يريد استعماله، ومَنْ ينشر القوة ولا عزيمة له على قطع الحبل!

أميركا اليوم تطلب التفاوض مع إيران، ترسل الموفدين، توسّط الدول، تبعث برسائل علنية. لكن الإيرانيين لا يأبهون لكل ذلك الوهم.

وحين جاء رئيس الوزراء الياباني كانت الضربة الموجعة لترامب وحلفائه. لقد كانت ضربة قاضية لسياساته برد الإمام الخامنئي الحازم الرافض لتبادل الرسائل مع شخص لا أهلية له لهذا العمل. لأنه ناقض للعهود والمواثيق. والقوم أبناء القوم كما يُقال، فكل من تولى القيادة في الولايات المتحدة الأميركية كان يسعى للإطاحة بالنظام الإيراني، ولكن كل مساعيه كانت تبوء بالفشل.

أتصور أن ترامب طار صوابه من جواب الإمام الخامنئي. لم يقدّر أن دولة محاصرة ومقيدة بما لا تتحمله الدول عادة تتكلم بهذه اللغة المقاومة.

نعم، كانت كلمة الإمام الخامنئي ناراً على ترامب وحلفائه أحرقت خططهم ومكرهم. ومَنْ يستولي عليه الذعر الآن أميركا لا إيران، ومَن يتصف بأنه مأزوم أميركا لا إيران، ومن يشعر بالهوان والذهول مما فعل أميركا لا إيران. الأيام المقبلة يمكن أن تكشف لنا المزيد من صور النصر لإيران وأمتنا بفعل الصمود وإرادة التحدي والمقاومة.. فلننتظر!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى