رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة إلى مؤتمر أستانا: معنيّون بالمشاركة وذلك لا يلغي حقنا في البحث مع سورية في تنظيم عودة النازحين
أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الموفد الرئاسي الروسي الى سورية الكسندر لافرنتييف خلال استقباله له في قصر بعبدا، ان لبنان معني بالمشاركة في مؤتمر استانا المخصص للبحث في الأزمة السورية، لأن المؤتمر يسهّل متابعة الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي يساهم في عودة النازحين السوريين الى بلادهم، لا سيما وأن في لبنان اكثر من مليون و 500 الف نازح سوري ترك نزوحهم تداعيات سلبية على مختلف القطاعات اللبنانية وعلى الإدارات والمؤسسات الرسمية والخاصة. وأوضح الرئيس عون أن المشاركة في مؤتمر استانا لا تلغي حق لبنان في البحث مع الدولة السورية في تنظيم عودة النازحين الى بلادهم «ونرى في الدعم الروسي لتحقيق هذه العودة عاملاً مهماً في انتظار توصل المشاركين في مسار استانا التفاوضي الى حلول نهائية للأزمة السورية».
وعرض الرئيس عون لموقف لبنان من التطوّرات الراهنة، مشيراً الى الاستقرار السياسي والأمني الذي ينعم به لبنان، وعودة الانتظام الى الحياة السياسية اللبنانية، وما تقوم به الحكومة لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في لبنان نتيجة تداعيات النزوح السوري إلى أراضيه.
وفيما نوّه الرئيس عون بأهمية التعاون بين لبنان وروسيا، شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاهتمام الذي يبديه حيال لبنان، مستذكراً المحادثات المثمرة التي تمّت في موسكو خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الى العاصمة الروسية. وحمّل الموفد الرئاسي الروسي تحياته للرئيس بوتين مؤكداً أهمية تفعيل العلاقات اللبنانية – الروسية وتعزيزها في المجالات كافة.
وكان الموفد الرئاسي استهلّ اللقاء بنقل تحيات الرئيس بوتين للرئيس عون، مشيراً الى ان القيادة الروسية تثمن عالياً نتائج زيارة الرئيس عون الى موسكو وتعتبر أنها أعطت دفعاً جديداً للعلاقات اللبنانية – الروسية لا سيما مع وجود إمكانات لتطوير هذه العلاقات، خصوصاً أن موسكو تتطلع الى مزيد من التنسيق مع لبنان تقديراً لدوره ولمواقفه ولسياسة الاعتدال التي ينتهجها حيال الأحداث في المنطقة.
ووجّه لافرنتييف الدعوة إلى لبنان للمشاركة في مسار استانا للتفاوض حول الوضع في سورية، لافتاً الى أن بلاده تعتبر مشاركة لبنان والعراق ضرورية عند البحث في الأزمة السورية. وعرض لافرنتييف للجهود التي تبذلها بلاده لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكداً أن موسكو ستقوم بالمزيد من الجهد لمعالجة الوضع في سورية بالتنسيق مع الممثل الشخصي للأمين العام للامم المتحدة إلى ان موسكو ماضية في مكافحة الإرهاب، مشدداً على مشاركة لبنان في خطواته لأجل عودة السوريين الى بلادهم وأن هذا الموضوع سيكون محور بحث في مؤتمر استانا وسيلقى لبنان دعماً روسياً في كل المجالات.
وحضر اللقاء من الجانب الروسي إضافة الى الموفد لافرنتييف، نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فرشينين وسفير روسيا في لبنان الكسندر زاسيبكين والجنرال موسكاليك والكولونيل كربوخين وعدد من الديبلوماسيين الروس. كما حضر من الجانب اللبناني وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي وعضو اللجنة اللبنانية الروسية النائب السابق امل ابو زيد والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والمستشارون العميد بولس مطر والسفير شربل وهبة ورفيق شلالا وأسامة خشاب.
وزار الوفد الروسي يرافقه السفير زاسيبكين رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي، بحضور الوزير السابق غطاس الخوري والمبعوث الخاص للرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وتناول اللقاء مهمة المبعوث الروسي والبحث في المستجدّات المحلية والإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين. واستكمل البحث الى مائدة غداء أقامها الحريري للوفد الروسي، تحدّث بعدها لافرنتييف باسم الوفد، فقال: محادثات تناولت الوضع في كل من الشرق الأوسط وسورية. كما ناقشنا عدداً من الخطوات المشتركة مع الجانب اللبناني من أجل تحقيق الاستقرار في لبنان والشرق الأوسط. فبعد ثماني سنوات على الأزمة السورية، اتفقنا على أنه حان الوقت لإتاحة المجال أمام الحل السياسيّ لهذه الأزمة. ونحن نتشارك في وجهة النظر بأنه حان الوقت لإجراء حل سياسي في سورية، ولا شك في أن الدور الأساس والمهم جداً في هذه المسيرة هو لتنظيم اللجنة الدستورية».
وأضاف: «نحن مستعدّون للعمل المشترك مع الأصدقاء اللبنانيين في إطار مسار أستانا، كما أننا مصمّمون على بذل المزيد من الجهود والتنسيق مع الشركاء الدوليين كالولايات المتحدة وأوروبا والدول الإقليمية. وناقشنا المسألة ذات الخصوصية الكبيرة بالنسبة إلى لبنان، وهي النزوح السوري، واتفقنا على بذل المزيد من الجهود المشتركة من أجل تسريع عودة النازحين السوريين إلى أرض وطنهم».
وتابع: «نحن نمتلك من التفاهم المشترك ما يمكننا من التعجيل في حل هذه المسألة، لأن وجود النزوح السوري يعمّق المشكلة. وقد اتفقنا مع الجانب اللبناني على مزيد من التنسيق مع الشركاء، ولا سيما الدول الأوروبية، من أجل إقناعهم بمواكبة مسيرة عودة النزوح».
وقال: «في ما يخص العلاقات الثنائية بين لبنان وروسيا، فإننا نتشارك في وجهة النظر بأن العلاقات في حالة نمو، ونؤكد ضرورة تنمية هذه العلاقات في جميع المجالات، عبر توثيق التعاون المشترك على كل المستويات».
كما التقى الوفد الروسي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وجرى بحث في العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية ولاسيما الاستثمارات الروسية في لبنان في قطاع النفط عبر نوفاتيك وروزيفت.
وعرض المجتمعون الوضع الإقليميّ وتشعباته من سورية الى العراق وإيران والوضع المتوتر في الخليج العربي، وتركّز البحث على الأوضاع في سورية وتطوّر مجرى الأمور وما يتصل بعملية تأليف لجنة الدستور.
ونقل لافرنتييف دعوة الى لبنان للمشاركة في مؤتمر أستانا بصفة مراقب.
وتناول اللقاء واقع النازحين السوريين في لبنان وتم التوافق على ضرورة عودة النازحين الى بلادهم في أقرب فرصة وتفعيل المبادرة الروسية وضرورة تشكيل لجنة ثلاثية روسية – لبنانية – سورية تعمل على تسهيل هذه العودة.
وأطلع باسيل الوفد الروسي على المبادرة الأميركية لترسيم الحدود الجنوبية.
واعتبر لافرنتييف ان «مشاركة لبنان والعراق ستعطي الدعم المفيد والعمق العربي للعمل في اطار مسار أستانا».
وقال: «مسرورون من قرار الجانب اللبناني إرسال مندوب للمشاركة في هذه الندوة في نهاية شهر تموز وبداية آب المقبل. وناقشنا بالتفاصيل موضوع النزوح السوري الذي له حساسية كبيرة للبنان، ومستمرون في بذل الجهود من أجل إحراز تقدم في المبادرة الروسية بالتنسيق مع الأطراف المعنية، لتحقيق تقدم من اجل عودة طوعية وآمنة للنازحين السوريين».
ورداً على سؤال عن أفكار جديدة للمبادرة الروسية، قال: «من الضروري بذل المزيد من الجهد والعمل والنقاش والحوار واستمرار التنسيق لعودة آمنة وطوعية للنازحين، ومن الضروري توفير الظروف المناسبة من أجل تحقيق ذلك. كما اتفقنا اثناء المباحثات على بذل جهود أكبر لعملنا مع الاسرة الدولية من اجل تحقيق التمويل المطلوب لعودة النازحين. وننطلق من اهمية هذه السياسة لأنه من الضروري عودة النازحين في ظل ظروف مناسبة وليس إلى مناطق مدمرة».