أمسية ثقافية لتقديم كتاب «قصة غير عاديّة لخمسة رجال عاشوا في العراق» للدكتور العراقي الراحل عبد المنعم الطائي
جودي يعقوب
ولدت مكتبة « GRIOT « في روما عام 2006 م، ومنذ ذلك اليوم وهي تُعرف كمكان للقاء والتأمّل، فهي تقوم بتقديم عروض للإنتاج الأدبي والفنّي، بالإضافة إلى المناقشات والعروض التقديميّة للكتب، وورش عمل أسبوعية للكتابة والترجمة، بالإضافة إلى دورات في اللغة العربية، والسواحيلية، والولوف وندوات تدريبية للمعلمين. وأنشئت كنقطة مرجعيّة لجميع أولئك الذين يؤمنون أن المعرفة هي أداة لتغيير المجتمع وتوسيع آفاقه، وخلال هذه السنوات توسّع العرض التعليمي ليشمل الغناء والخطّ العربي وعلم الاجتماع والكتابة وحتى الرقص.
وبناء عليه قامت «Griot» بتنظيم أمسية ثقافية تتضمّن تقديم كتاب «قصة غير عادية لخمسة رجال عاشوا في العراق» للكاتب والدكتور العراقي عبد المنعم الطائي، الذي عمل كطبيب لعقود عدة في السفارة الايطالية في بغداد، إلى جانب أهم الشركات الإيطالية في العراق.
والكاتب الطائي من مواليد البصرة 1926، تخرّج من جامعة نابولي فيديريكو الثاني كطبيب قلبية، كما كان يدرس اللغة العربية في جامعة ديلي ستودي أورينتال للدراسات الشرقية. وقام بنشر العديد من المقالات، إلى جانب تأليفه للعديد من المنشورات الطبية والأعمال الأدبية نذكر منها:
«لورانس» الملازم الإنجليزي في شبه الجزيرة العربية خلال الحرب العالمية الأولى، و»البارجة بسمارك» إحدى أقوى قطع أسطول ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، و» تطوّر الزمن»، و»المتشرّد»، و»هيروشيما لن تحدث مطلقاً مرة أخرى»، و»لورنس ودوره في الثورة العربية «، و»إله جديد لرجل جديد».
أما كتاب اليوم فيتحدث عن خمسة رجال عاشوا في بغداد حيث قام الكاتب بمرافقتهم في رحلتهم، منذ الطفولة حتى نهايتهم المأساوية، وهي قصة مقسّمة إلى قسمين:
القسم الأول يروي فصوله خلال فترة الثورة الشعبية في العراق عام 1920 أو الثورة العراقية الكبرى ضدّ الاحتلال البريطاني، في فترة الانتداب التي استمرّت إلى أن أعلنت العراق استقلالها آنذاك، ووصول حزب البعث إلى السلطة عام 1968، أما القسم الثاني فيشمل فترة تسلّم الرئيس صدام حسين للحكم في العراق عام 1968 حتى نهاية حرب الخليج عام 1992.
ولأنه ليس من السهل تحديد بطل على أساس المعايير المشوشة في عصرنا، يتساءل عبد المنعم الطائي الذي وافته المنية في إيطاليا عام 2001 في فائنزا ـ نابولي أي قبل أن تقوم ابنته منى الطائي بترجمة كتابه هذا إلى اللغة الإيطالية :
«من هم هؤلاء الخمسة رجال؟ وما الذي يمثلونه؟ وهل هم أشخاص مميزون أو حتى أبطال؟ على الرغم من أنني أتفق مع بريشت الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الألماني عندما قال: «طوبى للناس الذين لا يحتاجون إلى أبطال». لهذا أنا لا أريد المجازفة بالحكم على هذا، خاصة عندما تكون شخصياتنا غير معروفة تماماً، والكثير منهم لا يملكون حتى مقبرة لجمع رفاتهم البائسة، من دون نصب تذكاري أو ساحة أو شاهد قبر بسيط يتذكّر ذاكرته، ومن دون أي مناسبة للاحتفال بهم، ومع ذلك، بقوا في قلوب وذكريات أولئك الذين يعرفونهم مع ضوء متألق من التقدير والاحترام».
ومن جانبها أكدت منى الطائي ابنة الكاتب والدكتور عبد المنعم الطائي: أن هذا الكتاب هو من نتاج جهد وتعب والدي، حيث وثّق فيه تاريخ العراق منذ سنة 1920 حتى عام 1992، كل حدث مكتوب في داخل هذا الكتاب هو حقيقيّ حتى الأسماء الموجودة فيه كلها حقيقية، كما قام والدي أيضاً في هذا الكتاب بوصف الكثير من المناطق العراقية كبغداد وقهاويها والأهوار، وسوق الغزل والبصرة وغيرها، إلى جانب الحياة السياسية في تلك الفترة بحقيقتها، ونظراً لأهمية هذا الكتاب عندي بما يحويه من معلومات ساعدتني أنا شخصياً في أن أتعرّف من خلالها على تاريخ بلدي العراق قمت بترجمته إلى الإيطالية كهدية مني لوالدي الذي وللأسف وافته المنية قبل أن يشهد هذا الحدث، وحتى يتمكّن الشعب الإيطالي من الاطلاع على تاريخنا وثقافتنا .
كما أعربت الصحافية الإيطالية Marisa Paolucci عن إعجابها الشديد بهذا الكتاب بقولها: ما أعجبني حقيقة في هذا الكتاب هي طريقة السرد، حيث استطاع الكاتب أن يروي تاريخ بلاده من خلال حياة هذه الشخصيات بطريقة سلسة ومتعة تجذب انتباه القارئ، وقد أتاح لي هذا الكتاب معرفة سلسلة من المراحل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي كانت موجودة في العراق في تلك الحقبة، وبما أن الكاتب هو عراقي الأصل استطاع أن يصف الصعوبات التي كان يواجهها الشعب من دون إفراط، فهو حقيقة ممتع للغاية.