الاتحاد الأوروبي سيعرض غداً في فيينا البدء بالآلية المالية مع إيران انتخاب نصف «الدستوري»… والحريري ضدّ صفقة القرن… والطرقات اليوم مقطوعة
كتب المحرر السياسي
الى اليابان در، هذه حال زعماء العالم الذين حزموا حقائبهم وبدأوا بالوصول إلى اليابان للمشاركة في قمة العشرين، وأول الواصلين كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أراد ترميم العلاقات الثنائية بين فرنسا واليابان بعد أزمة العلاقة بين شركتي نيسان ورينو، لكنه كرئيس لقمة السبعة الكبار بدأ مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي سيترأس قمة العشرين، محاولة تشكيل ثنائي يبلور مبادرات لحلحلة الملفات الكبرى التي تجثم على صدر العلاقات الدولية وتهدّد بالانفجار وفي مقدّمتها وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من طوكيو، العلاقات الأميركية الصينية والعلاقات الأميركية الإيرانية، وما سيقترحه ماكرون وآبي هو اتفاق تجاري صيني أميركي، وخارطة طريق تجارية في ظلّ الاتفاق النووي مع إيران تحمي الاتفاق من السقوط وتمنع التصعيد في الخليج وأسواق النفط، تمهيداً لحوار أشمل للعلاقة مع إيران يراهن اليابان وتراهن فرنسا أنّ روسيا ستعاون في جدولته وبلورة نقاطه الإقليمية من جهة، والنووية من جهة مقابلة.
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب سيلتقيان اليوم لمدة ساعة يبحثان خلالها الكثير من الملفات من سورية إلى كوريا الشمالية وفنزويلا وأوكرانيا، لكن الملف الإيراني سيكون الأول على الطاولة وربما مفتاح التفاهمات الأخرى، حيث تستشعر موسكو وفقاً لمصادر متابعة أنّ أيّ اتفاقات أخرى دون التفاهم مع إيران ستعني مكاسب أميركية أحادية تساعد في التفرّغ لمواجهة غيران، وبالتالي إضعاف روسيا وتظهيرها بموقع الضعيف وغير الفاعل على المسرح الدولي، ومجرد وسيط معتمد لحلّ المشاكل الأميركية وهذا ما لا يمكن للرئيس بوتين السماح بتمريره.
الإشارات المتقاطعة من العواصم الأوروبية أشارت أمس إلى انّ اجتماع الغد الذي سيُعقد في فيينا على مستوى معاوني وزراء الخارجية والخبراء بين إيران والدول المشاركة في الاتفاق النووي، وهم بعد انسحاب أميركا كلّ من روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وقالت مفوضة شؤون الخارجية في الإتحاد الوروبي فيديريكا موغيريني أنّ الاتحاد يعمل ما في وسعه كي لا تفعل إيران تهديداتها بالخروج عن التزاماتها بالاتفاق، وتوقعت وكالة الأنباء الإيطالية التي نقلت تقريراً عن التحضيرات الأوروبية لتفعيل الآلية المالية المشتركة مع إيران للتجارة النفطية والمبادلات المالية، أن تعرض آخر المحاولات الأوروبية في اجتماع فيينا، مخففة من احتمالات خروج إيران عن التزاماتها، رغم المخاوف من درجة الاستجابة التي ستلقاها هذه الآلية الأوروبية من الشركات التي تخشى تعرّضها للعقوبات ما لم تتلقّ تطمينات سياسية منتظرة بعد مناقشات القادة على هامش قمة العشرين، وهي مناقشات ينتظر أن تدخل بالتفاصيل، لجهة الكميات التي سيتمّ ضمان شرائها من إيران وحجم المبالغ التي سيكون ممكناً تحويلها لها، حيث قالت مصادر متابعة ومعنية، يبدو أنّ الأوربيين وشركاء الاتفاق النووي الباقين سيسعون مع الرئيس الأميركي لهدنة تقوم على تراجع ضمني عن إلغاء الاستثناءات الأخيرة على العقوبات، والتي كانت سبباً للتصعيد، بحيث تضمن إيران ضروراتها الاقتصادية والمالية دون أن تحقق وفراً كبيراً يمكنها من تمويل حلفائها في المنطقة بصورة تنذر بالخطر، على أن تفتح بالتوازي مفاوضات إقليمية حول الملفات الساخنة التي تخشى واشنطن من قوة حلفاء إيران، كاليمن وسورية، وقد كان اللقاء الثلاثي الأميركي الروسي «الإسرائيلي»، خطوة أولى في هذا السياق وفقاً لهذه المصادر.
لبنانياً نجح المجلس النيابي باستيلاد نصف المجلس الدستوري بسلاسة، رعاها توافق سياسي ورئاسي، بدا أنها ستنتظر قليلاً قبل أن تستكمل في الحكومة، حيث ستكون معركة الحصص الفعلية مسيحياً، بعدما نال التيار الوطني الحر الحصة المسيحية المجلسية ونال الثنائي الشيعي حصته ومثلهما تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، وكانت الجلسة النيابية مناسبة استولد خلالها المجلس موقفاً حكومياً رسمياً من رئيس الحكومة سعد الحريري، يؤكد رفض لبنان لصفقة القرن، مستعيناً بكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عنها، وعن رفض التوطين والوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني.
الحدث الذي سيطغى اليوم هو قطع الطرقات الدولية الذي أعلن عنه العسكريون المتقاعدون بالتزامن مع قرب مناقشات الموازنة في مجلس النواب من خواتيمها، وفيما فك أساتذة الجامعة اللبنانية إضرابهم، وكان القضاة قد عادوا عن اعتكافهم بقي تحرك العسكريين المتقاعدين ينتظر المعالجة.
الحريري: لبنان ضدّ «صفقة القرن»
رغم طغيان مشهد «البحرين» على الواقع الداخلي خلال اليومين الماضيين، إلا أن ساحة النجمة خطفت الاضواء أمس، إن بانعقاد المجلس النيابي في جلسة تشريعية لإقرار بعض البنود وانتخاب خمسة أعضاء من المجلس الدستوري، وإن باستكمال لجنة المال مناقشة الموازنة بجلسة مسائية.
وحضرت صفقة القرن ومؤتمر المنامة في نقاشات الجلسة التشريعية التي عقدت في المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اضطر مرغماً الى التطرق لهذا الموضوع بعد مداخلات عدد من النواب حذرت من «صفقة البحرين» ومن التوطين واستغربت عدم صدور موقف رسمي يرفض ذلك. فتدخل الحريري مؤكداً أن «دستورنا يمنع التوطين»، مستغرباً «كيف ان هناك أناساً يشككون في موقف الحكومة من مؤتمر البحرين او «صفقة القرن»، قائلاً: «الحكومة مع مجلس النواب ضد هذه الصفقة وموقف لبنان مع فلسطين». ودعا لعدم ربط دين الـ 90 مليار دولار بموضوع التوطين لأنّ الجميع مسؤول عنه، مؤكّدًا العمل على ايجاد حلول له وللأزمة الاقتصادية.
انتخاب نصف «الدستوري»
وفي ظل مناخ هادئ وتوافقي انتخب المجلس النيابي نصف أعضاء المجلس الدستوري على أن يعين مجلس الوزراء خمسة أعضاء آخرين، والمنتخبون خمسة وهم: طنوس مشلب 72 صوتاً وأنطوان بريدي 72 صوتاً محسوبان على التيار الوطني الحر، عوني رمضان حركة أمل 73 صوتاً اكرم بعاصيري تيار المستقبل 71 صوتاً ، رياض ابو غيدا 79 صوتاً الاشتراكي والديموقراطي. وهم الذين أوصت هيئة مكتب المجلس، التي اجتمعت قبل الجلسة، بانتخابهم.
ووسط رضى قواتي بعملية الانتخاب مقابل وعد تلقاه رئيس القوات سمير جعجع من رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي بتعيين عضو في المجلس الدستوري في مجلس الوزراء بحسب ما علمت «البناء»، انسحب النواب بولا يعقوبيان وسامي ونديم الجميل من الجلسة اعتراضاً على «ضرب آخر حصن من حصون القضاء والعدل»، معتبرين أن ما حصل هو تعيين ومحاصصة وليس انتخاباً، كما اعترض النائب جميل السيد على ما وصفها بمحاصصة طائفية، إلا أن الحريري أكّد أنّ ليست هناك صفقات والأسماء المرشحة معروفة، معتبرًا أنّ هذه هي الديمقراطية وأن كل حزب يأتي الى السلطة يختار الموظفين الذين يراهم مناسبين.
وسبق انتخابهم زيارة للوزير سليم جريصاتي الى عين التينة موفداً من رئيس الجمهورية للقاء رئيس المجلس نبيه بري، وزيارة للوزير علي حسن خليل الى بيت الوسط للقاء الحريري، للاتفاق المسبق على الأسماء، إلا أن مصادر «البناء» توقعت صعوبة في الاتفاق على الأسماء الخمسة الآخرين في مجلس الوزراء، رغم حسم المقعد الأول لحزب الله وآخر للتيار الوطني الحر وآخر لتيار المستقبل. على أن جلسة مجلس الوزراء التي تعقد اليوم في السرايا الحكومية لم يُدرج على جدول أعمالها أي بند يتعلق بالتعيينات. بل بنود جرى تأجيلها من الجلسة الماضية.
وشكك بعض النواب بدستورية تحول المجلس النيابي الى هيئة ناخبة خلال العقد الاستثنائي، فرد الرئيس بري بأن «المجلس هو سيد نفسه».
وكان المجلس النيابي مدد في الجلسة التشريعية، اعتماد القاعدة الاثنتي عشرية حتى 31 تموز بناء على اقتراح الرئيس بري رغم تأكيده بأن اعتماد هذه القاعدة مخالفة دستورية محملاً الحكومة المسؤولية عنها لتأخرها بإحالة الموازنة. وقد قال وزير المال علي حسن خليل «لم أوقع قرشاً خارج مهلة الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية التي كانت محددة حتى نهاية أيار 2019». كما أقر المجلس تسوية مخالفات البناء من 13 أيلول 1971 لغاية 2018 بعد التصويت عليه بالرغم من اعتراض عدد من النواب. كما أقر قانون مكافحة الفساد في القطاع العام الذي ينص على انشاء هيئة وطنية. وقالت مصادر «البناء» ان «اقرار هذا القانون نقلة نوعية وللمرة الاولى الذي يقر هذا القانون الاساسي الذي يشكل مقدمة لتعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تساهم الى حد كبير بوضع قوانين ضد الفساد»، ويجري تعيين هذه الهيئة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء وتتألف من قضاة سابقين ونقابيين وأساتذة جامعيين وتعتبر قراراتها ملزمة وتتضمن مجموعة كبيرة من القوانين للقضاء على الفساد والهدر في المالية العامة.
وتمت المصادقة على القانون الرامي إلى إعفاء أولاد المرأة اللبنانية المتزوّجة من غير اللبناني والحائزين على إقامات مجاملة من الاستحصال على إجازة عمل مع مُعارضة «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية». وصادق المجلس أيضاً على بند استبدال السجن بعقوبة العمل الاجتماعي للذي لديه جنحة غير شائنة عقوبتها سنة وما دون واستبدالها بـ8 ساعات من العمل الاجتماعي عن كل يوم سجن.
وقبل الجلسة عقد اجتماع بين الرئيسين بري والحريري تم خلاله عرض المستجدات ومسار الجلسة.
لجنة المال
الى ذلك، واصلت لجنة المال والموازنة جلساتها وعقدت أمس، جلسة مسائية برئاسة النائب ابراهيم كنعان وحضور الوزير خليل ووزيري الشؤون الاجتماعية ريشارد كيومجيان والصناعة وائل أبو فاعور وأقرت موازنتي الشؤون الاجتماعية والصناعة، وأكدت اللجنة «دعم جمعيات الرعاية الفعلية، بما يتناسب مع حاجاتها الانسانية». وطلبت «تدقيقاً شاملاً في كل الوزارات والادارات بمساهمات الجمعيات الأخرى».
كما أقرت بند الإسكان البالغ 100 مليار. وأوضح وزير المال في تصريح له على هامش الجلسة أن «لا علاقة لمصرف لبنان بمبلغ الـ100 مليار ليرة المخصصة لمؤسسة الإسكان »، موضحاً أن «مبلغ الـ100 مليار ليرة مخصص لدعم مؤسسة الاسكان وهذا المبلغ متوفر، ولكن بانتظار التوافق بين المؤسسة و المصارف ».
في المقابل يستعد العسكريون المتقاعدون للتصعيد اليوم عبر تقطيع اوصال العاصمة. وقد حدد العسكريون الطرقات التي سيقطعونها، وهي: الطريق الرئيسي الأوتوستراد بالاتجاهين الذي يصل العاصمة بيروت بالمحافظات بقطع الأوتوستراد بالاتجاهين بعد نفق شكا في اتجاه بيروت، أوتوستراد طريق ضهر البيدر بالاتجاهين عند محلة النملية
وأوتوستراد بالاتجاهين عند محلة خلدة.
وأشارت مصادر العسكريين لـ«البناء» الى أن «سنقطع هذه الطرقات لكن هناك تسهيلات لبعض المواطنين بسبب انتقال الطلاب للمشاركة في الامتحانات الرسمية»، موضحة أن «هذا التحرك ليس الهدف منه عرقلة انتقال المواطنين وحركتهم الى عملهم ونشاطهم المعتاد لكن للدفاع عن حقوقنا أمام اعتداء الحكومة والسلطة»، وشددت على «أننا لن نتراجع عن تحركنا حتى إعلان الحكومة عودتها عن قرارها بفرض ضريبة على دخل المتقاعدين والتقاعد المبكر ورسم الطبابة»، مؤكدة «الاتجاه الى التصعيد الموسع مع انعقاد الهيئة العامة».
ومساء أمس، أعلنت «الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى» في بيان بعد اجتماعها اننا «سوف نكون مع كل المتقاعدين على موعد آخر في «اليوم الكبير»، موعد انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب ، حيث سيسطر الشعب اللبناني موقفاً مشرفاً بالوقوف إلى جانب جيشه وقواته المسلحة وإلى جانب الطبقات الفقيرة والمتوسطة منه ومؤازرته لمنع انعقادها».
في المقابل وزير الدفاع الياس بوصعب أشار الى أنه ضد قطع الطرقات وإغلاق المباني العامة من قبل العسكريين المتقاعدين «لان هذا الأمر سينعكس سلبا عليهم وعلى مطالبهم».
وفي ظل هذا الواقع، لوحظ الاهتمام الدولي المالي بلبنان وزيارات مكثفة للمسؤولين الغربيين الى بيروت، وبعد تحذيرات صندوق النقد الدولي من أن الحكومة لم تفِ بتعهداتها بخفض العجز في الموازنة، أعلنت كالة «فيتش» ان «المركز المالي الخارجي للبنان لا يزال يتعرض لضغوط وهو ما يتضح في انخفاض الاحتياطيات الأجنبية والودائع المصرفية في 4 أشهر حتى نيسان». وتابعت «تشكيل الحكومة اللبنانية في كانون الثاني لم يدعم المؤشرات الرئيسة مثل نمو ودائع البنوك والاحتياطات الأجنبية والودائع المصرفية في 4 أشهر حتى نيسان».
وقالت مصادر اقتصادية لـ»البناء» إن «الضغوط المالية على لبنان ناتجة عن عوامل داخلية تتعلق بالازمات الاقتصادية والتأخر بإقرار الموازنة وأسباب خارجية مرتبطة بالتصعيد الدراماتيكي في الخليج والتهديدات العسكرية بين ايران والولايات المتحدة واهتزاز اسواق النفط»، ملاحظة «ارتفاع الطلب على الدولار اكثر من عرضه اضافة لانخفاض اسعار الاسهم»، لافتة الى أن «اقرار الموازنة سينعكس ارتياحاً بشكل تدريجي على الوضع الاقتصادي ويعيد الثقة الدولية بلبنان ما يؤدي الى استقطاب استثمارات خارجية وتنشيط الدورة الاقتصادية».
وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «الأسواق الثانوية التي تعنى بأسعار الـ»يورو بوندز» المصدَّرة من الدولة اللبنانية، مستقرة، فيما تعيش أسواق القطع حالة توازن». وإثر لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أوضح سلامة أن «الأوضاع النقدية والمالية مستقرة في البلاد»، لافتاً إلى أنه أطلع رئيس الجمهورية على إطلاق مصرف لبنان المنصّة الإلكترونية للتداول بالأوراق المالية على أنواعها أسهم، سندات، سندات تجارية… إلخ «التي يفترض أن تبدأ عملها في أوائل السنة المقبلة، سنة إعلان مئوية دولة لبنان الكبير. ومن شأن هذه المنصة أن تؤّمن سيولة للأسواق المحلية بهدف المساعدة في النمو الاقتصادي لأنها ستستقطب أموالاً من كل أنحاء العالم لتستثمر في لبنان، ما من شأنه تحقيق تواصل أكبر بين اللبنانيين غير المقيمين والمقيمين بأساليب حديثة».
على صعيد آخر، تشهد معظم المناطق اللبنانية انقطاعاً للتيار الكهربائي وتقنيناً قاسياً بساعات التغذية مع حلول فصل الصيف، وأشارت وزير الطاقة والمياه ندى بستاني في حديث تلفزيوني، الى ان «هناك مشكلة تغذية في الكهرباء هذا الصيف وسيكون هناك تقنين، بسبب تخفيض سلفة الكهرباء»، اضافت «نحن نعمل على خطة الكهرباء وتخطينا الأهداف التي وضعناها، على امل ان لا تكون لدينا مشاكل التقنين العام المقبل».