لماذا كلّ هذا التصعيد في الخطاب الأميركي ولماذا تسريب التقارير عن الأسلحة السرية؟

بهيج حمدان

بعد ان تحوّلت العقوبات القاسية على إيران الى لعبة ضغط ليس إلا، وبعد ان أدرك الرئيس الأميركي انّ الإيرانيين غير مستعجلين وغير مذعورين، وواحدهم يمضي سنة كاملة وعائلته يحيكون سجادة بطول مترين وعرض متر واحد كتعبير عن عظيم صبرهم وطول أناتهم.

وترامب جرّب كلّ شيء.. حشد الأساطيل ومئات الطائرات، ومدد متواصل من مظاهر القوة الضاربة، قابلها الإيرانيون بإسقاط أحدث طائرة استطلاع يمتلكها الجيش الأميركي وكلفتها تزيد عن 120 مليون دولار وإسقاطها كان شبه مستحيل وهي تحلق على علو 65 ألف قدم وقادرة على الطيران لمسافة 8200 ميل لمدة 24 ساعة من دون توقف وتطلق عليها القوات البحرية «النسر الذهبي». وسقط النسر الذهبي بصاروخ إيراني المولد والإقامة والهوية.

وفي أحدث قراءة في المشهد الأميركي في الساعات القليلة عنوانان… الأول يختصره الرئيس ترامب بتوتر يعبّر عن حالة الإحباط في البيت الأبيض فقال انّ إيران لا تفهم إلا لغة القوة مشيراً الى انّ بلاده تمتلك أكبر قوة عسكرية في الكون وهي متفوّقة وبمسافات كبيرة عن أقرب منافسيها وهو يقصد بالطبع روسيا والصين وكتب على تويتر: ايّ هجوم على ايّ شيء أميركي سيُقابَل بقوة كبيرة كاسحة وماحية. وردّ الرئيس الإيراني حسن روحاني باستهزاء «البيت الأبيض متخلف عقلياً».

والعنوان الآخر في قراءة الموقف الأميركي نطرحه بصيغة التساؤل: لماذا كل هذه التعابير الحادة كالمحو والسحق والإزالة من الوجود، والتلويح بسلاح سري لم يسمع عنه العالم من قبل، وهو ما قاله ترامب!

ورغم انّ الصحف الأميركية الصادرة الأربعاء في 26 الحالي لم تأبه بذلك ودعت في تعليقاتها ترامب الى الصمت عندما يتعلق الأمر بإيران، وقالت انّ ترامب كذاب متأصّل في الكذب، والكذبة التي قالها عن تغييره رأيه من الضربة الإيرانية انتقاماً لإسقاط الطائرة الأميركية المسيّرة كانت فضيحة تعبّر عن حماقته.

ورغم انّ الصحف الأميركية أكدت عدم نية الولايات المتحدة خوض حرب مع إيران في ظلّ التوتر القائم بين البلدين، لا يمكن تجاهل تهديدات ترامب لأنه على اطلاع بما يخطط البنتاغون، ولا شكّ أنه يضمر الشرّ لكلّ من يعادي «إسرائيل»، وهو على استعداد لتوريط بلاده في حرب ساحقة ماحقة لصالح الصهيونية التي تحتلّ فلسطين. ولا نظنّ انّ الحديث عن السلاح السري، هو تسريبات لا تعبّر عن الموقف الأميركي الرسمي، فإنّ ترامب يعيش سكرة القوة التي جعلته يقول انّ بلاده تمتلك أكبر قوة عسكرية في الكون، ويريد من ذلك تخويف إيران وكلّ من يعارض الهيمنة الأميركية.

ويبقى السؤال ذاته:

لماذا تمرير الـ CNN لتقرير يتحدث عن قدرات أميركية هائلة وغير تقليدية سيبرانية ومغناطيسية وايكولوجية «طبيعية» ادّت الى عدد من الزلازل أصابت إيران مؤخراً، ومؤكداً انّ أميركا اليوم هي روما العصر. وكان براين هوك الممثل الشخصي الخاص لوزير الخارجية الأميركي لشؤون إيران ألمح الى وجود هذه الأسلحة في معرض النفي.

وبحكم المنطق والتطوّر والتاريخ يجري التأكيد في آن، انّ إجمالي الإنفاق على القوات العسكرية الأميركية يتجاوز 1.9 تريليون دولار، وتبلغ ميزانيتها العسكرية 600 مليار دولار سنوياً تليها الصين، وانّ مثل هذه القدرات ستتجاوز السلاح التقليدي لاختراق كافة الأسلحة في الدول المنافسة التي قد لا تستطيع المنافسة.

وليس صدفة ان يقول الكاتب المتخصص في الشأن الأميركي إميل آمن في مقابلة في قناة الحدث: نحن أمام حروب الجيل الرابع والخامس وربما أجيال أخرى لم نعرفها ولدى أميركا أسلحة لا نعرف الكثير عنها وهناك الخيار الكهرو مغناطيسي والقنبلة الكهرو مغناطيسية التي تقطع الكهرباء عن كافة الأجهزة وتشلّ دولة كاملة إذا أوقفت فعالية الطاقة المولدة للحركة وهذه قنبلة يمكن تفجيرها بالهواء في الاوتوسفير في قاع البحر ولا نعلم إذا كانت روسيا تمتلك هذا النوع وتستعملها تحت مياه الأطلنطي وهي كفيلة بإحداث تسونامي يغرق نيويورك بأكملها او كاليفورنيا بأكملها.

ولا نشكّ للحظة واحدة انّ لدى الدول القادرة على امتلاك هذه الأسلحة العابرة للتكنولوجيا الى نظام الكومبيوتر اللوحي TABLET هي موجودة، وهذا ليس جديداً وسبق لهنري كيسنجر وبريجنسكي ان قالا انّ لدى أميركا أسلحة لا تخطر على قلب بشر ولم ترها عين كأسلحة البيئة والمناخ وسرقة الغيوم من هنا الى هناك ولم يعد مستغرباً بل واجباً ان نعود الى أفلام الرعب وغرائب الروبوت.

خلاصة الكلام انّ أميركا هي التي تسوّق هذه الأخبار والتسريبات بعلمها وتوجيهاتها لإصابة أعدائها بالخوف والوهن.

وليس بالضرورة ان تكون الولايات المتحدة هي وحدها التي تمتلك هذه العلوم والقدرات، وربما امتلكتها دول كبيرة غير روسيا والصين، ما يجعل فرضية الحروب الكبرى مستبعدة مستبعدة…

صحافي لبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى