التمسّك بسعاده قولاً وفعلاً وقدوة… والتوحّد في الرؤية والاتجاه والمنهج
أصدرت عميدة الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي داليدا المولى بياناً في مناسبة الثامن من تموز جاء فيه:
تعود بنا ذكرى استشهاد الزعيم في الثامن من تموز إلى القضية التي حملها سعاده وناضل وعمل وسلك المشاق لتحقيقها في المجتمع، قضيته كانت سورية ومن أجلها وضع العقيدة القومية الاجتماعية وأسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي ليكون المؤسّسة الحاملة لمشروع النهضة والحافظة لذاكرة وتضحيات وتاريخ معتنقي العقيدة فلا تنطفئ جذوة الصراع جيلاً بعد جيل. والأهمّ في هذه الذكرى هو التمسّك بسعاده قولاً وفعلاً وقدوة والالتصاق بنظام الفكر ونظام الشكل لإمكانية عبور الأزمات بتماسك وتوحد في الرؤية والاتجاه والمنهج.
سعاده، الفيلسوف والمفكر والقائد والقدوة والأهمّ من بين كلّ صفاته أنه صاحب قضية كان وما زال الوحيد الذي أراد للأمة السورية استقلالاً نفسياً وروحياً وهوياتياً ومصلحياً حقيقياً، فهو أرسى تاريخاً خارج التمزّق الاجتماعي القاتل، وخارج الارتباطات الأجنبية المقيتة، تاريخاً أراده معبّراً عن مصالح الشعب السوري دون الركون للمصالح الفردية والفئوية والمذهبية التي فرضتها أيد مستعمرة تريد للأمة أن ترسف تحت مشاكلها فلا يكون لها قيامة.
إنّ التفكر في استشهاد الزعيم وفي الأحداث الممهّدة لإعدامه في الثامن من تموز تعدّ جريمة موصوفة واغتيالاً خَطّطَ له كلّ من شارك فيه منذ عودته الى الوطن في الثاني من آذار عام 1947. فسعاده اضطلع بقضيته جيداً وأوجد السبل لتخطي ما يواجه انتصار سورية على كلّ ما يُحاك ضدّها، ووضع الخطة المعاكسة للمواجهة وأُسساً جديدة لفهم المبادئ وغاياتها في بلادنا، فجعلها أصيلة كأصالة النفس السورية ومستقلة كاستقلالية روحها وواعية لتخاطب عبقرية أبنائها، وجعل غايته وقضيته نهضة سورية، نهضةٌ تقوم على الاتحاد في الحياة لأنّ في وحدة الأمة قوّتها ومكامن قدرتها على المواجهة والتقدّم والحفاظ على حقوقها في عالم يسوده مبدأ صراع الأمم.
تجتاز اليوم الأمة السورية أخطر مراحل حياتها، فقد سعت الولايات المتحدة ومعها اليهود وأنظمة عربية وأوروبية إلى ضرب قوى سورية ليبدو تحقق نهضتها شبه مستحيل. وهذا ليس جديداً فما من مجتمع في التاريخ عانى ما يعانيه المجتمع السوري من احتلالات واستيطان وتشتيت وتجزئة سياسية قرّرتها سايكس بيكو، وتمزّق اجتماعي ونفسي بفعل ضياع الهوية القومية والركون لهويات مذهبية هدامة…
هذه المشاريع اتخذت اليوم أطواراً متقدّمة، فقد أمعنت الإرادات الأجنبية توغلها في تقرير مصير الأمة، وفي هذا السياق تمّ تفكيك العراق وضرب الشام وتمزيق لبنان تمهيداً للانقضاض على فلسطين ولتمكين الكيان اليهودي من تمرير تسوياته وصفقاته على حساب الشعب السوري وحقوقه وصولاً الى تصفية المسألة الفلسطينية وهيمنة أميركية «إسرائيلية» كاملة تحت مسمّيات مختلفة من صفقات ومشاريع تسووية سيكون مصيرها كسابقاتها الفشل أمام إرادة شعبنا بالانتصار والتحرر.
انّ انتصار الجيش السوري وتقدّمه وضع حداً لأوهام تقسيم سورية وثبّت معادلة الصمود والتمسك بالأرض والوحدة الروحية والجغرافية والإرادة التي لا تكسر في صراع أمم البقاء. انتصرت الشام على المشروع المعدّ لها مستعيدة حيوية الأمة السورية ليُثبت الشعب السوري من الشام الى العراق بدحره الإرهاب وقيامته أنه قادر على تقرير مصيره بتضحياته وإرادته بالحياة والحرية، ويضع حداً للمشاريع المعادية في جنوب الأمة مُسقطاً ما اصطلح على تسميته «صفقة القرن» وما هي إلا «صفقة ذلّ واستسلام» وذلك بفعل وحدة الموقف السوري ورفضه أية تسويات على حساب شعبنا في فلسطين المحتلة برغم حجم الدعاية العالمية لها وانخراط بعض الإنظمة العربية في عملية تمريرها.
إنّ الشعب السوري يؤكد عند كلّ مفصل أنّ وحدته هي أساس قوّته في مواجهة مشاريع التفتيت والاحتلال، وأنّ قدرته على الحياة أقوى من كلّ المؤامرات، وأنّ توحد المقاومة ضمن المشروع القومي بات قراراً وليس خياراً، وهو بذلك يمارس المنهج القومي الاجتماعي ويثبت عوامل قوّته ويؤكد على وحدة الأمة ووحدة مصالحها ومصيرها وتفاعلها وحياتها.. وسيكون الانتصار حليف القضية السورية لأنها قضية حق.
إنّ قيمنا وسلوكنا جزء لا يتجزأ من قوميتنا الاجتماعية… والشهادة بالنسبة لنا تعبّر عن الارتباط المقدّس بوطننا سورية وأنّى توجّهنا تطالعنا الأمة التي من أجلها نسير نحو الاستشهاد بثقة شهيد الثامن من تموز. هو سعاده القدوة في أخلاقه وسلوكه وتواضعه ورفعته وأثره، وهو الزعيم الملهم الذي رسّخت مسيرة حزبه أنّ العقائد تحيا بثبات معتنقيها وتضحياتهم في سبيل الصالح العام. هو المعلم ومن مارس تعاليمه كلها والعظيم الذي يؤثر فينا فلا يقربه الغياب. هو المؤسساتي الواثق بأنّ «أبناء العقيدة سينتصرون» وأنّ الحزب باق ومستمرّ بتماسكه وقوة عقيدته والمنهج الذي أرساه ونتوارثه حتى اليوم ونحن نحيي مرة أخرى ذكرى استشهاده وأفئدتنا تفيض شموخاً ومجداً بأننا حملة رسالة «إنّ الحياة كلها وقفة عزّ فقط».