هل سيحلّ أردوغان مشكلاته الخارجية من أجل التفرغ للداخل…؟

د. هدى رزق

التقى الرئيس التركي أردوغان بالرئيس الصيني «شي جين بينغ» في أعقاب قمة مجموعة العشرين في اليابان، بعد محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورهانه على انها ستؤدي الى حلّ، بعد شراء أنقرة للصواريخ الروسية S400 وأثارت عاصفة من المخاوف عند افرقاء الناتو. صرّح الرئيس الاميركي ترامب ان أردوغان محق في اللجوء الى روسيا وشراء 400 s واتهم الادارة السابقة أي ادارة اوباما بانها تتحمل المسؤولية بسبب إعراضها عن بيع تركيا الباتريوت ولا يمكن اليوم لومها ودعوتها للتخلي عن الصفقة بعد أن تمت.. وكان أردوغان قد رفض التراجع عن خطة لشراء النظام الروسي المضاد للطائرات من طراز S-400. قال الرئيس التركي اثناء انعقاد قمة العشرين إن البطاريات الروسية التي ستصل إلى الأراضي التركية في غضون 10 أيام، ستكون دليلًا قويًا على أن صفقة الأسلحة التركية مع روسيا تمضي قدماً.

يمكن أن يفرض الكونغرس عقوبات على تركيا بموجب قانون CAATSA ، لكن أردوغان يراهن على أنه لا يزال بإمكان الإدارة الأميركية تطوير مخرج يتماشى مع التنازل الذي يشير إلى أن العقوبات قد تلحق الضرر بالتحالف بين البلدين. مثل هذه الخطوة ستدعو بالتأكيد إلى العودة من مجلس الشيوخ، حيث مرّ المشروع عام 2017.

القانون يدعو البيت الأبيض إلى اختيار ما لا يقلّ عن خمسة من بين 12 عقوبة محتملة ضد مشتري الأسلحة الروسية، بما في ذلك فرض عقوبات على الصادرات التركيّة أو قطع القروض عن المؤسسات المالية الأميركية أو فرض قيود مباشرة على أصحاب المكاتب أو الوزراء الأتراك بعقوبات، مثلما عاقبت إدارة ترامب اثنين من الوزراء الأتراك على اعتقال القس أندرو برونسون.

اتفق أردوغان في زيارته الصين والرئيس الصيني على أن لديهما إمكانات كبيرة لتعزيز التعاون وأن هذه الزيارة، تحدث خلال فترة يواجه فيها السلام والاستقرار العالميان مشكلات وستساهم هذه العلاقات التركية الصينية بتعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي.

تعتبر تركيا جزءًا من مبادرة «الحزام والطريق» التي تبلغ تكلفتها تريليون دولار، وهو مشروع ضخم للبنية التحتية يضم حوالي 70 دولة في أوروبا وأفريقيا وأجزاء أخرى من آسيا يمكنها إعادة توجيه التجارة العالمية نحو ثاني أكبر اقتصاد في العالم. تقع تركيا على أقصر طريق بين الصين وأوروبا، وتريد توسيع الوصول إلى الأسواق في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وتستفيد من التمويل الصيني لمشاريع النقل والطاقة.

قال «شي» إنه يتعيّن على الصين وتركيا العمل على «دعم نظام عالمي متعدّد الأطراف مع الأمم المتحدة في جوهره، وهو نظام قائم على القانون الدولي».

ترى تركيا أن الصين آخذة في الصعود وأنه إذا تغير النظام العالمي، فإن أحد قادتها سيكون الصين التي قدمت لتركيا يد العون خلال الأوقات الاقتصادية العصيبة في يوليو /تموزالماضي، حيث أقرض بنك حكومي صيني تركيا 3.6 مليار دولار عندما سقطت الليرة بسبب النزاع الدبلوماسي مع الولايات المتحدة.. كما أن هناك احتمالاً لزيادة الاستثمارات الصينية بالإضافة إلى زيادة السياحة الصينية وكانت قد طغت على العلاقات التركية الصينية اعتراضات من أنقرة، على معاملة بكين للأقلية الإثنية من الإيغور التي تربطها صلات دينية ولغوية بالأتراك. ومع ذلك، فإن الانتقادات التركية لمحنة الايغور كانت معتدلة نسبيًا مقارنة بالدفاع الأكثر قوة في الماضي القريب..

يعتبر أردوغان أن مشكلاته مع الدول الكبرى في طريقها إلى الحل وهو يسعى الى التعاون مع جميع هذه الدول من أجل مصالح تركيا، كما يسعى الى عقد اجتماع في أواخر الشهر الحالي مع كل من فرنسا وروسيا والمانيا في أنقرة من أجل البحث في الموضوع السوري كذلك الاجتماع مع كل من روسيا وإيران أوائل الشهر المقبل.

في هذا الوقت، تشير بعض المعلومات عن أن بعض الأعضاء في حزب العدالة والتنمية يشككون في جدوى دور أردوغان المزدوج كرئيس للجمهورية ورئيس للحزب، ويدعون إلى التغيير. وأن علي باباجان وزير الاقتصاد السابق ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو كثفوا خططهم للتخلّي عن حزب العدالة والتنمية وإنشاء حزب جديد. بعض التوقعات تذهب إلى القول بأن عدداً من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 291 في حزب العدالة والتنمية سيتقدّمون باستقالتهم مما يحمل أردوغان على اعتبار الأمر طعنة في الظهر.

أما الإجراءات التي اتخذت من قبل الحكومة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة في إسطنبول، فهي أدّت الى نقل سلطة رئيس البلدية لتعيين مدراء لشركات البلدية إلى المجالس البلدية، حيث يسيطر حزب العدالة والتنمية. وبالمثل، نقلت اللوائح المنشورة في الجريدة الرسمية عددًا من السلطات البلدية إلى المكتب الرئاسي ووزارة البيئة والشؤون الحضرية.

تعتبر المعارضة أن الناخبين سلموا رسالة مفادها أنه على رئيس الدولة أن يكون حيادياً، وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشيدار أوغلو أنه «مستعدّ لإجراء استفتاء على حياد الرئيس وأن حزب الشعب الجمهوري سوف يدعو إلى دستور جديد».

وحثت ميرال أكشينر، رئيسة حزب الجيد، أردوغان على «المصالحة بين الأحزاب»، بينما جادل، رئيس حزب السعادة المؤيد للإسلام، بأنه يجب على تركيا العودة إلى النظام البرلماني، حيث كان الرئيس شخصية محايدة مع صلاحيات محدودة، كما ينبغي تعزيز البرلمان وبالمثل، دعا سيزاي تيميلي، الرئيس المشارك لحزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد، إلى دستور جديد.

من اللافت للنظر أن أياً من زعماء المعارضة لم يدع إلى انتخابات رئاسية مبكرة. أحزاب المعارضة تعتمد على هدف مشترك يتمثل في كبح صلاحيات أردوغان.

فوز إسطنبول هو بلا شك إنجاز كبير للمعارضة التي وسعت مجالها للمناورة، والتي سوف يردّ عليها أردوغان في الداخل، لكنه يعجل في إقفال بعض الملفات الخارجية التي ستسمح له بالتفرغ الى الداخل، لكن الأهم هو عقد صفقات تجارية وإنجار عقد علاقات تفيد الاقتصاد التركي ولا تعرضه للخطر الداهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى