تقرير

كتبت صحيفة « هاآرتس» العبرية:

«نتوقع من إسرائيل أن تتمسك بمبادئها الديمقراطية». هذا ما قاله نائب المتحدث بِاسم وزارة الخارجية الأميركية في ردّه على سؤال حول قانون القومية. عن أيّ مبادئ ديمقراطية يتحدّث؟ عن تلك التي تضرّ بشكل مباشر بالأقليات غير اليهودية؟ قد تكون القوانين ضدّ المتسللين الذين تسلقوا مرّة بعد أخرى جدران محكمة العدل العليا، أو قانون النكبة؟ أو قانون لجان القبول؟ أو قانون مناطق ذات أولوية وطنية وقوانين الأراضي، أو تعديل قانون المواطَنة الذي يسمح بسحب المواطَنة، وكلّ ذلك غير مشمول في تعريف «الاضرار بالمبادئ الديمقراطية»؟ لماذا اهتمت وزارة الخارجية الأميركية باقتراح قانون القومية؟ ولماذا «يتوقع» الأميركيون، وليس «يطالبون أو يشجعون» أو يستنكرون تحطم الديمقراطية في الدولة اليهودية؟

الادارة الأميركية ومعها الكونغرس يخرجان عن طورهما عند الحديث عن التمييز على خلفية دينية أو قومية في دول مثل الصين، لينمار، إيران، مصر، باكستان ودول ظلامية أخرى. القانون الأميركي الذي سُن عام 1998 يعطي الادارة صلاحية فرض العقوبات على دول تعتبر «دول مقلقة» في كل ما يتعلق بالمسّ بالأقليات الدينية، و«إسرائيل» غير موجودة في القائمة السوداء لأنها لا تضرّ بالأقليات الدينية. لكن هنا تكمن الخدعة. فعندما تُعرّف الدولة نفسها بحسب دينها، وعندما تكون غالبية أقلياتها عربية إسلامية ومسيحية، فإنّ الفارق بين أقلية دينية يجب عدم المسّ بها بحسب القانون الأميركي، وبين أقلية قومية مكانتها غير آمنة، فإن الفارق يأخذ بالتلاشي.

الاتحاد الأوروبي الذي لم يُسأل بعد عن قانون القومية، متصلّب أكثر في موقفه من الأقليات القومية. مثلاً أحد أسباب عدم ضمّ تركيا كعضو كامل فيه هو التمييز الذي استمرّ عشرات السنين بحق الاكراد. صحيح أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على «إسرائيل» بسبب سياستها في المناطق وفي شرق القدس، ولكن في ما يتعلق بمواطنيها العرب فإن أوروبا، وهي بالذات، شريكة. لماذا إذا تقف على قدميها؟ هي تخاف من الخطر الذي يشكله «انتشار الاسلام».

ما هو جيد لأوروبا جيد لـ«إسرائيل». العضوية في «OECD» ليست مشروطة بدفع ضريبة للديمقراطية. الصمت الأوروبي والانصياع الأميركي لن يقوّضا القانون «الإسرائيلي» العنصري. لكن غضّ النظر أمر مخادع. لأن غياب ملاحظة في دفتر اليوميات لا يضمن أن تكون عضواً في نادي الدول «الجديرة»، بالضبط مثلما أنها ليست قلقة من وضع حقوق الانسان في «إسرائيل». الولايات المتحدة وأوروبا لا تتأثران من واقع حقوق الانسان في السعودية، وتتغاضيان عن ملاحقة الأقليات في إيران، وأيضاً الصين ليست دولة تستحق العقاب من وجهة نظرهما بسبب قمع الأقليات العرقية والدينية. الغرب يقوم بعمل الصفقات مع كل هذه الدول، أو يسعى إلى عملها. فهم يغلقون الأنف ويصافحون بعضهم.

تعتبر «إسرائيل» وصديقاتها الدول العربية أن حقوق الأقليات ليست قيماً عالمية، إنما هي شؤون تخصّهم فقط، وليس لأيّ دولة الحق في التدخل في ذلك. «في كل دولة تتطور ديمقراطية تلائم طابعها وثقافتها»، هذا ما قاله بشار الاسد بعد أن انتُخب لرئاسة سورية عام 2000. وفي «إسرائيل» يتفقون مع ذلك بشكل كامل.

قد يكون ليهود الولايات المتحدة ما يريدون قوله لهؤلاء الملايين الذين يتوحدون بسرعة من اجل الدفاع عن سمعة «إسرائيل» الجيدة كدولة لجوء ديمقراطية وآمنة لكل اليهود في العالم، ولكن ليس لكل مواطنيها. أين اختفى الشركاء اليهود الذين ساروا مع السود في أميركا في المسيرة التاريخية من أجل المساواة في الحقوق؟ هل سمع أحد شيئاً منهم في الآونة الاخيرة حول قانون القومية الذي يقوم بالتمييز ضد الأقليات «الإسرائيلية»؟ يمكن أنهم قالوا شيئاً ما، ولكن هذا بالتأكيد كان بالانكليزية، أو أننا لم نسمعه بسبب بُعد المسافة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى