الحريري يلتقي «حماس»: القضية في عهدة الحكومة
فيما راوحت قضية إجراءات وزير العمل كميل أبو سليمان بحق الفلسطينيين مكانها، بانتظار بتّ الحكومة هذا الموضوع، تصاعدت الاحتجاجات على الإجراءات وتكثفت اللقاءات للبحث عن حلول للقضية وتطويق تداعياتها لبنانياً وفلسطينياً.
وفي سياق التحركات الاحتجاجية على الإجراءات، نفذت القوى الإسلامية اللبنانية والفلسطينية في مدينة صيدا، اعتصاماً في ساحة الشهداء في المدينة، تحوّل إلى مسيرة راجلة وسيّارة جابت بعض شوارع صيدا بمواكبة عناصر من الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وشارك في الاعتصام ممثلون عن القوى والأحزاب الفلسطينية واللبنانية رفعوا فيه الأعلام الفلسطينية واللبنانية ولافتات ندّدت بقرار الوزير، وأكدت أنّ «الفلسطيني لاجئ لحين عودته إلى بلاده وليس أجنبياً» وأطلقوا هتافات دعت الى «مواصلة التحركات حتى اسقاط هذا الإجراء».
وألقيت كلمات أكدت «أنّ خطورة قرار وزير العمل يكمن في البعد السياسي وهو إسقاط كلمة اللجوء عن الشعب الفلسطيني تمهيداً لإسقاط حق العودة وللتوطين وتمهيداً لإنجاح صفقة العار صفقة القرن ومؤتمر البحرين». وأشارت «إلى المضيّ في التحركات حتى نيل الفلسطينيين حقوقهم ورفع الظلم عنهم».
وفي مخيم عين الحلوة خرج الفلسطينيون في مسيرة دعت إليها الفصائل الفلسطينية انطلقت من مسجد النور، وجابت شوارع المخيم وصولاً إلى مدخل الحسبة المتاخم لمدينة صيدا بمشاركة قيادات عسكرية وسياسية فلسطينية، أطلقت هتافات مندّدة بقرارات وزير العمل، داعيةً إلى» مواصلة التحركات والاعتصامات». وسط تدابير مشدّدة اتخذها الجيش البناني عند مداخل المخيم وفي شوارع واحياء مدينة صيدا.
كما خرجت أعداد كبيرة من أبناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في منطقة صور، في مسيرات احتجاجية شارك فيها ممثلون عن القوى والأحزاب الفلسطينية والإسلامية، رفعوا الأعلام الفلسطينية ولافتات ندّدت بقرار وزارة العمل المتعلق بالعمال الفلسطينيين في لبنان، وطالبت الحكومة بـ «التراجع عن قرارها الظالم في حق الشعب الفلسطيني»، مؤكدةً أنّ «الفلسطيني لاجئ حتى عودته إلى دياره». وقد كتب على بعض اللافتات «نحن هنا قسراً ولا بديل عن فلسطين».
كما أطلق المتظاهرون شعارات وهتافات دعت إلى «مواصلة التحرك حتى التراجع عن القرار المجحف بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
ونفذت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية ولجنة المتابعة اللبنانية – الفلسطينية في منطقة داوود العلي في سبلين، اعتصاماً أمام مسجد داوود العلي، وألقيت كلمات طالبت «وزارة العمل بالعودة عن قرارها وإعادة النظر بالموضوع كون الفلسطينيين ضيوفا مؤقتين».
موفد هنيّة
وفي إطار المعالجات لهذه القضية، وصل عضو المكتب السياسي لـ «حركة حماس» عزت الرشق، فجر امس إلى بيروت، مبعوثاً من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنيّة لمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتداعيات الإجراءات الأخيرة لوزارة العمل اللبنانية على الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاجتماعية لهم، وعلى العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
وأكد الرشق، في تصريح، أنه «سيبحث ملف العلاقات اللبنانية – الفلسطينية والأوضاع في المخيمات الفلسطينية مع المسؤولين في لبنان في ظلّ الاحتجاجات الشعبية السلمية تجاه الإجراءات المذكورة، بما يحفظ سيادة لبنان وأمنه واستقراره وتوفير الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين، ريثما يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، وذلك عبر إصدار قوانين ومراسيم تقرّ الحقوق الانسانية والإجتماعية لهم وخصوصا حق العمل».
وأكد أنّ «حماس» حريصة على السلم الأهلي في لبنان وعلى تعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية، بما يحقق مصالح الشعبين اللبناني والفلسطيني».
وزار الرشق رئيس الحكومة سعد الحريري في «بيت الوسط»، يرافقه وفداً من حركة «حماس» ضمّ عضوي مكتب العلاقات العربية والإسلامية أسامة حمدان وعلي بركة وممثل الحركة في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي، بحضور رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، وتمّ البحث في تداعيات الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل، وقد أبلغ الرئيس الحريري الوفد بأن هذا الأمر بات في عهدة الحكومة اللبنانية.
بعد اللقاء، قال الرشق «استمعنا من دولة الرئيس إلى كلام مهمّ، بأنه يتفهّم هذا الأمر بالنسبة الى موضوع صفة اللاجئ الفلسطيني وبأنه يختلف عن العمالة الوافدة وعن الأجانب، وأبلغنا أنّ هذا الموضوع هو في عهدة الحكومة الآن. ونحن قلنا إننا نثق به وبالحكومة وفي إجراءاتها، ونقول بكلّ صراحة، نحن نفتخر بشعبنا الفلسطيني وبتعبيره السلمي عن حقوقه في لبنان وحرصه على السلم الأهلي اللبناني واستقرار الدولة اللبنانية وتعبيره عن مطالبه السلمية العادلة بطريقة حضارية واحترامه وتقديره للدولة اللبنانية».
وتابع «نحن نقدّر الجيش اللبناني وموقفه تجاه التحركات السلمية، ونأمل بالفعل ان تتمّ الإجراءات لمعالجة هذه القضية، ونؤكد دائما حرصنا على لبنان وسلمه واستقراره وازدهاره. كما نحرص دائماً في حلّ أيّ قضية فلسطينية لبنانية، ان تتمّ معالجتها بالحوار المشترك».
مجموعة العمل
وعقدت مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان التي تضمّ ممثلين عن: حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «القوات»، اجتماعاً في السراي الكبير برئاسة منيمنة.
وناقش المجتمعون، بحسب بيان «الأوضاع والتطورات التي رافقت تطبيق وزارة العمل خطتها «مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية»، وما أثارته من احتجاجات واعتراضات من جانب اللاجئين الفلسطينيين». كما ناقشوا الدعوة إلى عرض الموضوع على مجلس الوزراء وضرورة إصدار المراسيم التطبيقية لقانوني العمل والضمان 128 و129 المعدّلين وإقرار «وثيقة رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان» التي اطلقتها المجموعة عام 2017.
وأحال المجتمعون نتائج اجتماعهم إلى رئاسة مجلس الوزراء في بيان حمل تواقيع المشاركين: النائب سيمون أبي رميا عن التيار الوطني الحر، النائب علي فياض عن حزب الله، الوزير السابق طوني كرم عن حزب القوات، النائب السابق عمار حوري عن تيار المستقبل، محمد الجباوي عن حركة أمل، بهاء أبو كروم عن الحزب التقدمي الاشتراكي «توافق فيه المجتمعون على ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة المشكلة الحالية بما يضمن تطبيق القوانين اللبنانية وحفظ الوضعية الخاصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان».
لقاء نقابي
وبالتوازي، زار وفد من اتحاد نقابات عمال فلسطين في لبنان مقرّ اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الجنوبي في صيدا، حيث عقد اجتماع مشترك بين الاتحادين جرى خلاله عرض للتطورات المتصلة بتدابير وزارة العمل في ما يتعلق بعمل الفلسطينيين في لبنان.
وقال رئيس اتحاد الجنوب عبد اللطيف الترياقي «اللقاء كان عميقاً ولامس المعاناة الكبيرة التي يعيشها أهلنا الفلسطينيون وتحديداً العمال. وتمت مناقشة الموضوع الذي اثارته وزارة العمل من الناحية القانونية بداية واعتبرنا أنّ هذا القرار كان يجب ان يصدر عن مجلس الوزراء أساساً، ويتمّ وضع آليات تطبيقية له. لأننا نعلم انه في موضوع العامل الفلسطيني هناك مجموعة مراسيم وقوانين لم تترجم الى آليات تطبيقية وبالتالي انفجر الموضوع بطريقة غير مناسبة».
وأضاف «سنبقى على تواصل مع الأخوة في اتحاد عمال فلسطين في الأيام المقبلة ونتمنى أن يحل هذا الموضوع».
وتحدث رئيس الوفد الفلسطيني عباس مفضي «نحن في اتفاق كامل مع اتحادات نقابات عمال مستخدمي الجنوب الذي يساندنا ويؤازرنا في المطالبة بحق العمل والعيش بكرامة في هذا البلد لأن أجدادنا وآباءنا جاءوا قسراً إلى هذا البلاد بسبب مؤامرة دولية على الشعب الفلسطيني وإخراجه من ارضه».
مواقف رافضة للإجراءات
من جهته، وصف رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» الشيخ ماهر حمّود في تصريح الطريقة التي حاول بها وزير العمل كميل ابو سليمان تطبيق قانون العمل وما رافق الأمر من إشكاليات بـ «المهزلة»، مشيراً إلى «أن الأمر أتى فجأة وضمن أوضاع متفجرة في المنطقة وعلى ضوء مؤامرات متراكمة، وليس هنالك مرسوم تطبيقي يوضح كيف يحصل الفلسطيني على إجازة عمل، وليس هنالك في الوزارة فريق متخصص في هذا الأمر ولا أوراق مخصصة ولا ميزانية».
ولفت إلى أنه «تم تجاوز قرارات وتوصيات لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني وهي نتيجة عمل سنوات، وهو عمل شاركت فيه القوى السياسية اللبنانية كافة، وهي جهة رسمية تابعة لرئاسة الحكومة ، فكيف يتم تجاوزها وقد قاربت جميع الملفات المرتبطة بالوجود الفلسطيني في لبنان؟».
واعتبر أن «الفلسطيني لاجئ وليس أجنبياً، ورغم أنّ كلمة لاجئ لها بُعد في القانون الدولي، ومن أجل ذلك يحرص كثيرون عليها، ولكن اقول لا بدّ من البحث عن كلمة أخرى تتجنب الإساءة للإخوة الفلسطينيين وتؤكد حق العودة ، والحقوق المدنية في وقت واحد».
ونظمت شخصيات روحية من حركة التوحيد الإسلامي، وحركة الجهاد الإسلامي، والهيئة الإسلامية الفلسطينية، ومجلس علماء فلسطين، والهيئة السنية لنصرة المقاومة، وجمعية نور اليقين، والمركز الإسلامي للإعلام والتوجيه، وحركة أنصار الله، وحركة الأمة، لقاء في قاعة مسجد ومجمع كلية الدعوة الإسلامية في بيروت، رفضاً «للإجراءات التعسفية ضد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
وأكد المجتمعون في بيان «رفض إجازة العمل للإخوة الفلسطينيين في لبنان، ولو كانت مجانية، لأنها لا تنطبق قانونياً على اللاجئ الفلسطيني أولا، ولما يترتب عليها من آثار سلبية من طلب إقامة حتى الوصول إلى إسقاط حق اللجوء ثانياً، وهي نوع من التحايل لتصفية القضية الفلسطينية».
وطالب «بتسريع إعطاء كامل الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان، من خلال تنفيذ ورقة التفاهم والحوار اللبناني- الفلسطيني، وعدم التضييق عليهم في لقمة عيشهم، حتى لا تتولد توترات ومشاكل لبنان بغنى عنها، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة».
وإذ ناشد الرؤساء الثلاثة وكلّ المعنيين «إيقاف تنفيذ هذا القرار فورا، والأخذ في الاعتبار الظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وتأكيد حقه بالعمل على الأراضي اللبنانية دون قيود حسب قانون 2010، المنصوص عليه في المجلس النيابي اللبناني»، دعا إلى «تفعيل لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني والعمل على توفير الحلول الناجحة لشتى المشاكل الاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين في مخيمات اللجوء».
بدوره، رأى الشيخ جمال شبيب أنّ «أيّ قرار يصدر عن أي جهة يلحق ضرراً بمصلحة إخواننا الفلسطينيين اللاجئين في لبنان وبحق العودة إلى فلسطين يمثل خطراً كبيراً على الاقتصاد والاستقرار اللبناني»، داعياً القوى السياسية «إلى أخذ الموقف الحاسم لدفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ومعاملة الفلسطينيين كما يعامَل اللبناني».