ظريف يتهم بولتون بجرّ بريطانيا إلى مستنقع و لندن تعتبر احتجاز الناقلة تحدّياً جيوسياسياً
اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون بـ»محاولة جر بريطانيا إلى مستنقع»، مشدداً على «ضرورة توخي الحذر والحكمة في مواجهة دسائسه».
وكتب ظريف عبر «تويتر»، أمس، «بعد فشله في استدراج دونالد ترامب للدخول في حرب القرن، وخوفاً من انهيار فريقه، الفريق بي ، ها هو يحوّل سمومه نحو بريطانيا، على أمل جرها للمستنقع».
وأضاف أن «الحذر والحكمة هما السبيل الوحيد لإحباط هذه المكائد».
وكان ظريف قد اتهم «فريق بي» الذي يضمّ برأيه مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بالوقوف وراء احتجاز ناقلة محملة بالنفط الإيراني في جبل طارق في 4 تموز، في خطوة عبّر بولتون عن ترحيبه بها.
وردت طهران على احتجاز ناقلتها باحتجاز ناقلة بريطانية في مضيق هرمز قبل يومين، ما زاد من حدة التوتر في علاقاتها مع لندن، التي وصفت الحادث بأنه «خطوة عدائية» وتوعدت طهران بردّ «مدروس وقوي».
من جهة أخرى، قال الدبلوماسي الإيراني إن «ترامب كان حكيماً عندما لم يردّ على إسقاط إيران للطائرة المسيّرة الأميركية لأنه كان يعلم أن إيران سترد على الرد وهو بذلك منع الانزلاق إلى حرب».
ظريف وفي مقابلة مع فريد زكريا بثت أمس، على قناة «سي أن أن» الأميركية أضاف أن «العودة إلى طاولة المفاوضات منوطة بالأميركيين الذين غادروا الطاولة. لكن إيران لا تستطيع العودة إلى نقطة الصفر بعد مفاوضات مضنية دامت لأعوام، وعلى واشنطن إسقاط العقوبات على إيران للعودة إلى حيث وصلت المفاوضات السابقة».
وأوضح ظريف أن «موضوع الصواريخ الباليستية ليس مطروحاً للنقاش لأنها مسألة أمن قومي إيراني». وأضاف أن «السعودية تستورد أسلحة بقيمة تزيد على خمسين مليار دولار سنوياً من الولايات المتحدة وإيران لا تستطيع تجاهل ذلك لا سيما بعد تجربة حرب الثمانية أعوام مع العراق ».
ظريف قال إن «سياسة الولايات المتحدة عدوانية وإذا كان ترامب لا يريد تفجير حرباً مع إيران إلا أن من حوله يريدون». وذكر بإسقاط أميركا للطائرة المدنية الإيرانية في عام 1988 وعلى متنها 290 مدنياً. وقال «إن ذلك خطأ وقع نتيجة الحشد العسكري الذي كان موجوداً، والحوادث يمكن أن تقع نتيجة الحشود القائمة».
وبالنسبة للقيود التي فرضت على بعثة إيران في نيويورك من أجل منع ظريف من مقابلة الإعلام الأميركي، قال إن «ذلك لا يهمه لأن الإعلام يأتي إليه أينما كان»، متابعاً: «لكن المشكلة أن الفريق الدبلوماسي الإيراني لدى الأمم المتحدة عاجز عن مواصلة عمله. هناك أبناء الدبلوماسيين الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مدارسهم بسبب القيود». ووصف ذلك بأنه «مناقض لمعاهدة المقر الرئيسي للأمم المتحدة ومجحف».
أما العقوبات الاقتصادية وإفراط الولايات المتحدة في استخدام الدولار والنظام المالي ضد الدول التي تخالفها الرأي، فقال إنها «بدأت ترتد على الولايات المتحدة حيث إن الكثير من الدول تلجأ إلى التداول بعملاتها مستغنية عن الدولار كما يحصل بين روسيا والصين وبين إيران وتركيا وبعد أن بدأ التداول بالنفط في شنغهاي بدون الدولار».
فيما أعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أمس، أن صادرات بلاده من الخام «لم تتأثر حتى الآن بحوادث الناقلات الأخيرة في الخليج، رغم القيود الأميركية».
ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية عن زنغنه قوله: «ناقلات النفط وصادرات النفط هي إحدى المسائل التي لدينا قيود فيها، والولايات المتحدة وحلفاؤها تسببوا في قيود لنا وينبغي أن نكون حذرين».
من جهته، أعلن الوزير الأصغر في وزارة الدفاع البريطانية توبياس إلوود أن «لندن ترى أن أولويتها تكمن في خفض التوتر الناجم عن احتجاز إيران ناقلة Stena Impero وتأمين الملاحة في مضيق هرمز».
وقال إلوود، الوزير الأصغر المختص بشؤون الدفاع في الحكومة البريطانية لقناة «سكاي نيوز» أمس، إن حادث احتجاز الناقلة البريطانية «جزء من تحدّ جوسياسي أوسع تواجهه إيران مع الغرب»، مضيفاً: «نحتاج أولاً لمحاولة خفض التصعيد في هذا الشأن، وقد رأينا زيادة التوترات في الشرق الأوسط».
وتابع: «تكمن مسؤوليتنا الأولى والأكثر أهمية في ضمان إيجاد حل لمسألة هذه السفينة، وضمان أمن السفن الأخرى التي تبحر في هذه المياه تحت علم بريطانيا، ثم التطرق إلى صورة أوسع لإقامة علاقات عمل مناسبة ومهنية مع إيران».
ووصف الوزير احتجاز الناقلة بأنه «خطوة عدائية» من قبل إيران، وقال، رداً على سؤال عن احتمال فرض لندن عقوبات على طهران على خلفية المسألة: «ندرس سلسلة خيارات للرد، وسنتشاور مع زملائنا وحلفائنا الدوليين للنظر في ما هو الواجب فعله».
وأقرّ الوزير بأن «انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم مع إيران كان بين عوامل التصعيد القائم في المنطقة»، مؤكداً «وجود مخاوف بشأن اختلاف مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا على مصير الاتفاق النووي».
وفي السياق، حذّر السفير الإيراني في بريطانيا حميد بعيدي نجاد، لندن من توجه بعض القوى السياسية فيها لرفع التوتر بين البلدين إلى أكثر من مستوى قضية إيقاف السفن.
ونبّه بعيدي نجاد في تغريدة على «تويتر» إلى أن «فرض عقوبات على طهران في الظروف الراهنة الحساسة سيكون خطوة غير عاقلة وخطرة في المنطقة»، مشدداً على أن «إيران قوية وهي مستعدة لمواجهة السيناريوات المختلفة».
فيما أعلنت الشركة البريطانية المشغلة للناقلة «ستينا أمبيرو» التي احتجزتها إيران أنها تقدمت بـ»طلب رسمي لزيارة أفراد طاقم الناقلة والبالغ عددهم 23 وأنها تنتظر الرد».
وأكد رئيس الشركة ومديرها التنفيذي إيريك هانيل في بيان «أستطيع تأكيد أنه تم تقديم طلب رسمي للسلطات في ميناء بندر عباس للسماح بزيارة أفراد الطاقم البالغ عددهم 23».
وأضاف «تسلموا الطلب لكننا بانتظار الحصول على رد رسمي. وفي الوقت ذاته سنواصل التعاون والاتصال مع كل السلطات المعنية».
من جهتها، كانت السفارة الروسية في طهران أعلنت أن «البحارة الروس المحتجزين ضمن طاقم الناقلة البريطانية التي تحتجزها السلطات الإيرانية بخير، لكن لن يفرج عنهم قبل انتهاء إجراءات التحقيق التي تجريها طهران».
وقال المتحدث الإعلامي للسفارة أندريه غينانكو: «لقد تمكنا من الاتصال برئيس مكتب وزارة الخارجية الإيرانية في بندر عباس، حسب قوله، لا يزال طاقم السفينة بكامله على ظهر السفينة في الوقت الحالي، والتحقيق في ما يتعلق بالسفينة مستمر. البحارة يتحركون بحرية حول السفينة، ولا توجد قيود عليهم».
وأضاف «حالة طاقم السفينة جيدة لا شيء يهدد حياتهم».